بازگشت

الوليد المبارك، مراسيم الولادة


و يمتد الزمن بعد زواج الامام بها، و العيش هادي ء و الحياة البيتية حافلة بالمسرات، قد غمرتها المودة، و ترك الكلفة، واجتناب هجر الكلام و مره.

و في فترات تلك المدة السعيدة عرض لها حمل، و سافر الامام أبوعبدالله الي بيت الله الحرام لاداء فريضة الحج، فحملها معه و بعد الانتهاء من



[ صفحه 44]



مراسيمه قفلوا راجعين الي يثرب، فلما انتهوا الي «الأبواء» [1] أحست حميدة بالطلق فأرسلت خلف الامام تخبره بالأمر لأنه قد عهد اليها أن لا تسبقه بشأن وليده، و كان أبوعبدالله يتناول طعام الغذاء مع جماعة من أصحابه، فلما و افاه النبأ المسر قام مبادرا اليها فلم يلبث قليلا حتي وضعت حميدة سيدا من سادات المسلمين، و اماما من أئمة أهل البيت.

لقد أشرقت الدنيا بهذا المولود المبارك الذي ما ولد - في عصره أيمن، و لا أكثر عائدة و لطفا علي الاسلام منه.

لقد ولد أبر الناس، وأعطفهم علي الفقراء، و أكثرهم عناءا و محنة في سبيل الله و أعظمهم عبادة و خوفا من الله.

و بادر الامام أبوعبدالله فتناول وليده فأجري عليه مراسيم الولادة الشرعية فأذن في أذنه اليمني، و أقام في اليسري.

لقد كانت أول صورة فتح الامام موسي عليها عينيه صورة أبيه الذي ما أظلت سماء الدنيا أسمي و لا أعظم شأنا منه بعد آبائه، و كانت أول كلمة قرعت سمعه كلمة التوحيد التي تنطوي علي الايمان بما له من معني.

وانطلق الامام أبوعبدالله عائدا الي اصحابه، و قد علت علي ثغره ابتسامة فبادره أصحابه قائلين:

«أسرك الله، و جعلنا فداك، يا سيدنا ما فعلت حميدة؟».



[ صفحه 45]



فبشرهم بمولوده المبارك، و عرفهم عظيم أمره قائلا:

«قد وهب الله لي غلاما، و هو خير من برأ الله».

أجل انه خير من برأ الله علما و تقوي و صلاحا، و تحرجا في الدين و أحاط الامام أصحابه علما بأن وليده من أئمة أهل البيت (ع) الذين فرض الله طاعتهم علي عباده قائلا لهم:

«فدونكم، فوالله هو صاحبكم» [2] .

و كانت ولادته في «الأبواء» و قيل في يثرب [3] و هو مخالف لما عليه عامة المؤرخين، و كانت سنة ولادته (128ه) [4] و قيل سنة (129 ه) [5] و ذلك في أيام حكم عبدالملك بن مروان.


پاورقي

[1] الأبواء: بالفتح ثم السكون، وواو و الف ممدودة، قرية من أعمال الفرع بالمدينة، و به قبر الزاكية آمنة بنت وهب أم النبي العظيم (ص) و وجه تسمية المكان بهذا الاسم - كما قيل - انه كان يكثر به الوباء، و قال ثابت اللغوي: سميت الأبواء لتبوء السيول بها، و هو حسن. معجم البلدان 1 / 92.

[2] بحارالانوار 11 / 230، دلائل الامامة.

[3] وفيات الاعيان 4 / 395.

[4] تهذيب التهذيب 10 / 34، الطبقات الكبري 1 / 33، نور الأبصار ص 135، المناقب 4 / 323، كشف الغمة 3 / 2.

[5] اعيان الشيعة 4 / 3، و جاء في تحفة الأزهار أنه ولد قبل طلوع فجر يوم الثلاثاء من صفر سنة (127 ه) و جاء في بحر الانساب أنه ولد يوم الأحد لسبع ليال خلون من صفر، و عين هذا جاء في الدروس.