بازگشت

بث الدواب في الأرض


و من آيات الله العظيمة بث الحيوانات في الأرض المختلفة في أنواعها و أصنافها و أشكالها و شرفها و خستها المتباينة في أخلاقها و طبايعها و معيشتها و الانسان من جملة الحيوانات، ولكنه من أشرفها و أرقاها فهو خليفة الله في أرضه لأن فيه انموذجا لجميع ما في العالمين عالم الملك، و عالم الملكوت خصوصا بحسب وعيه و ادراكه، و احاطته بكثير من الحقائق و المعلومات الكلية و الجزئية فهو عالم بنفسه بل هو أكبر من العالم يقول الامام اميرالمؤمنين (ع):



[ صفحه 192]





أتحسب انك جرم صغير

وفيك انطوي العالم الأكبر



ان الانسان بحسب تكوينه من أعظم آيات الله ففيه من الاجهزة الدقيقة ما لا تحصي و لا تعد كتكوين العين التي تحتوي علي التنظيمات التلسكوبية و المكروسكوبية و هي تحتوي علي 130 مليون من مستقبلات الضوء، و هي أطراف أعصاب الابصار، و يقوم بحمايتها الجفن ذو الأهداب الذي يقيها ليلا و نهارا، و تعتبر حركته حركة لا ارادية، و يمنع عنها الاتربة و الذرات كما يكسر من حدة الشمس، و جعل لها السائل المحيط بها المعروف بالدموع من أقوي المطهرات و المعقمات الي غير ذلك مما هو أبلغ دليل علي وجود الله و في الانسان حاسة السمع، و هي من أعجب اجهزة الانسان فان فيه التيه و قد قال فيه العالم (كورثي):

«ان التيه يشتمل علي نوع من الاقنية بين لولبية، و نصف مستديرة و ان في القسم اللولبي وحده اربعة آلاف قوس صغيرة متصلة بعصب السمع في الرأس».

ما طول تلك الأقواس؟

ما حجمها؟

كيف ركبت؟

انها دقة تحير الالباب، فسبحان الله المكون و المصور، و في الانسان حاسة الشم، و هي من اعظم آيات الله، فان مركز هذه الحاسة منطقة محدودة من الغشاء المخاطي المبطن لتجويف الأنف، تسمي منطقة الشم، و هي خالية من الأهداب، و بها عدة خلايا شمية طويلة رقيقة تنقل الأثر الي المخ، و ذلك في جزء من الأنف، و هو المدخل الرئيسي للجهاز التنفسي الذي يتوقف عليه حياة الانسان.

و في الانسان الجهاز العظمي، و هو يتكون من 206 عظم، و يتصل



[ صفحه 193]



بعضها ببعض بالمفاصل التي تحركها العضلات، و هذه العظام مصنع الحياة في الجسم اذ انها تكون الكريات الدموية الحمراء و البيضاء و انها اساس الحياة و من عجيب أمر هذه الكريات انها في كل دقيقة من حياة الانسان يموت منها ما لا يقل عن مائة و ثمانين مليونا بسبب دفاعها عن الجسم ضد الميكروبات الوافدة، و اضافة لما تصنعه العظام من كريات الدم فانها مخزن تحفظ للجسم ما يزيد علي حاجته من الغذاء سواء كان ذلك في داخل العظام نفسها كالمواد الدهنية و الزلالية أو علي العظام نفسها كالمواد الجيرية.

اما ملاءمة العظام لما خلقت له فهذا أمر عجيب. فعظام الجمجمة التي تحمي المخ أشد صلابة من غيرها، و أكثرها سمكا لانها تحمي انسجة رقيقة و دقيقة.

الي غير ذلك مما في الانسان من الاجهزة المحيرة كالجهاز العصبي و الجهاز التناسلي، و الجهاز اللمفاوي، و الجهاز العضلي [1] و هي تدل بوضوح علي مكونها و خالقها، فانها لا يمكن ان تتكون صدفة فان حديث المصادفة اصبح من الخرافات التي لا يؤمن بها من كان له أدني تفكير و شعور.


پاورقي

[1] يراجع في هذه البحوث بصورة مستفيضة الي المصادر التالية: الله و العلم الحديث، أمالي الامام الصادق، الله يتجلي في عصر العلم، العلم يدعو للايمان.