بازگشت

تسخير السحاب


و من آياته تعالي تسخير السحاب، فقد سخره في أوقات مخصوصة لاحياء العباد و البلاد، و لو دام وجوده لعظم ضرره لأنه يستر أشعة الشمس كما يؤدي الي فساد جميع المركبات التي تتوقف علي الجفاف، و بانقطاعه يعظم الضرر لأنه يؤدي الي القحط فيهلك الانسان و الحيوان فكان تقديره بالاوقات الخاصة و الفصول المعينة لأجل الصالح العام.

ان السحاب يتكون من تكاثف البخار في الهواء، و يختلف ارتفاع السحب علي حسب نوعها، فمنها ما يكون علي سطح الأرض كالضباب، و منها ما يكون ارتفاعه بعيدا الي اكثر من 12 كيلومترا كسحاب (السيرس) الرقيق.

و عندما تكون سرعة الرياح الصاعدة أكثر من ثلاثين كيلومترا في الساعة لا يمكن نزول قطرات المطر المتكون، و ذلك لمقاومة الرياح لها،...



[ صفحه 195]



و كلما تناثرت النقط تشحن بالكهرباء الموجبة، و تنفصل عنها الكهرباء السالبة التي تحملها الرياح.. و بعد مدة تصير مشحونة شحنا وافرا بالكهرباء، و عندما تقترب الشحنتان بعضها من بعض بواسطة الرياح.. يتم التفريغ الكهربائي، و ذلك بمرور شرارة بينهما، و يستغرق و ميض البرق لحظة قصيرة و يكون شكله خطا منكسرا، و يسمع بعده الرعد و هو عبارة عن الموجات الصوتية التي يحدثها الهواء، و تخيم السحابة، و ينزل منها المطر فتأخذ منه الأرض ما قدر الله لها من الماء.

فانظر كيف ولدت الرياح الكهرباء بنوعيه في السحب، و سببت نزول المطر منها [1] كل ذلك بتقدير الله العزيز العليم، و تحدث الطنطاوي في تفسيره عن السحب و فوائدها قال:

«تعجب كيف كان السحاب ليس يرتفع عن وجه الارض في الجو اكثر من ستة عشر الف ذراع، و ان أقربه ما كان مماسا لوجه الارض نادر في بعض البلدان اذ لو كان السحاب مماسا لوجه الارض لأضر ذلك بالحيوان و النبات و أمتعة الناس. الي أن قال: كما أنه لو كان بعيدا شديد الارتفاع في الهواء حتي لا يري لكانت الامطار و الثلوج تأتي مفاجأة و الناس و الحيوان عنها غافلون لا يتحرزون فيكون الضرر عاما» [2] .

هذا بعض ما في الآية الكريمة من الشواهد و الأدلة علي وجود الله تعالي الذي هو المصدر لوجود هذه العوالم و قد استدل الامام (ع) بهذه الآيات لدعم حقيقة الايمان بالله، و تحرير العقول من خرافات الشرك و فيما يلي فصل آخر من حديثه (ع) قال:



[ صفحه 196]



«يا هشام: قد جعل الله ذلك [3] دليلا علي معرفته بأن لهم مدبرا فقال: (و سخر لكم الليل و النهار و الشمس و القمر و النجوم مسخرات بأمره ان في ذلك لآيات لقوم يعقلون) [4] و قال: (هو الذي خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم يخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ثم لتكونوا شيوخا و منكم من يتوفي من قبل و لتبلغوا أجلا مسمي و لعلكم تعقلون) [5] و قال: (ان في اختلاف الليل و النهار و ما أنزل الله من السماء من رزق فأحيي به الارض بعد موتها و تصريف الرياح و السحاب المسخر بين السماء و الارض لآيات لقوم يعقلون) [6] و قال: (يحيي الارض بعد موتها، قد بينا لكم الآيات لعلكم تعقلون) [7] و قال: (و جنات من أعناب و زرع و نخيل صنوان و غير صنوان يسقي بماء واحد و نفضل بعضها علي بعض في الأكل ان في ذلك لآيات لقوم يعقلون) [8] و قال:(و من آياته يريكم البرق خوفا و طمعا و ينزل من السماء ماء فيحيي به الأرض بعد موتها ان في ذلك لآيات لقوم يعقلون) [9] و قال: (قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا و بالوالدين احسانا و لا تقتلوا أولادكم من املاق، نحن نرزقكم و اياهم و لا تقربوا الفواحش ما ظهر منها و ما بطن و لا تقتلوا النفس



[ صفحه 197]



التي حرم الله الا بالحق ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون) [10] و قال: (هل لكم من ما ملكت أيمانكم من شركاء فيما رزقناكم فأنتم فيه سواء، تخافونهم كخيفتكم أنفسكم كذلك نفصل الآيات لقوم يعقلون) [11] .

استدل (ع) بهذه الآيات الكريمة علي آثار الله تعالي الدالة علي وجوده و وحدانيته، و قد بسطنا الكلام في بعضها، و انما أعادها (ع) للتنبيه علي وثاقة الأدلة فانه لو أمعن بها العاقل المفكر و تدبرها لآمن بذلك و لم يبق عنده أي مجال للشك، و لذا كررها تعالي في كتابه الحكيم، ثم انه (ع) ذكر بعض الموبقات و الجرائم التي حرمها القرآن و هي:

1- الشرك بالله.

2- عصيان الأبوين.

3- قتل الاولاد خشية املاق.

4- الفواحش ما ظهر منها و ما بطن.

5- قتل النفس المحترمة.

و لولا خوف الاطالة لبسطنا الكلام في بيان بقية الآيات التي استشهد بها الامام في حديثه، و لننتقل الي فصل آخر من كلامه، قال عليه السلام:

«يا هشام: ثم وعظ أهل العقل و رغبهم في الآخرة فقال: (و ما الحياة الدنيا الا لعب و لهو و للدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون) [12] .

استدل (ع) بالآية الكريمة علي ترغيب الله تعالي لعباده العقلاء في دارالخلود و النعيم و ذمه لدار الدنيا لأنها محصورة علي الاكثر في اللهو واللعب



[ صفحه 198]



فينبغي للعقلاء أن يزهدوا فيها و يجتنبوا شرها و حرامها، و يعملوا للدار الباقية التي أعدت للمتقين و الصالحين و لننتقل الي فصل آخر من حديثه قال (ع):

«يا هشام: ثم خوف الذين لا يعقلون عقابه فقال تعالي: «ثم دمرنا الآخرين، و انكم لتمرون عليهم مصبحين، و بالليل أفلا تعقلون) [13] و قال: (انا منزلون علي أهل هذه القرية رجزا من السماء بما كانوا يفسقون و لقد تركنا فيها آية بينة لقوم يعقلون) [14] .

استدل (ع) بهذه الآيات الكريمة علي تدميره تعالي للذين لا يعقلون من الامم السالفة التي كفرت بالله و قد نزلت الآيات في قوم لوط حينما جحدوا الله و كفروا بآياته فأنزل تعالي بهم عقابه و جعل موطنهم بحيرة منتنة قبيحة المنظر و جعلها بسبيل مقيم يمر بها المارون ليلا و نهارا و لذا قال تعالي: (و انكم لتمرون عليهم مصبحين و بالليل..) [15] و قد جعلهم تعالي عبرة و موعظة للذين يعقلون، فان فيه تحذيرا لهم من مخالفة المرسلين و المصلحين فان عاقبة المخالفة و العصيان الدمار و الهلاك [16] ، و قال عليه السلام:

«يا هشام: ان العقل مع العلم قال تعالي: (و تلك الأمثال نضربها للناس، و ما يعقلها الا العالمون» [17] .

استدل (ع) بالآية الكريمة علي ملازمة العقل للعلم فان العقل بجميع مراتبه لا ينفك عن العلم و لا يفترق عنه، و سبب نزول الآية فيما يقوله المفسرون



[ صفحه 199]



ان الكافرين قالوا ان الله كيف يضرب الأمثال بالهوام و الحشرات كالبعوض و الذباب و العنكبوت، و الامثال ينبغي ان تضرب بغير ذلك من الامور الخطيرة و هو منطق هزيل، فان التشبيه انما يكون بليغا فيما اذا كان مؤثرا في النفس فاذا قال الحكيم لمن يغتاب انسانا انك بهذه الغيبة كأنك تأكل لحم الميتة لأنك تغتابه فان هذا يؤثر في ردعه اكثر مما يؤثر قوله: ان الغيبة حرام أو تورث العتاب و الشحناء بين الناس.

و أشار تعالي بقوله: (و ما يعقلها الا العالمون) الي أن معرفة حقيقة الاشياء و التمييز بين صحيحها و سقيمها لا يعقلها الا من حصل له العلم و المعرفة فغير العالم لا يفقه ذلك [18] و لننتقل الي فصل آخر من كلامه قال (ع):

«يا هشام: ثم ذم الذين لا يعقلون فقال: (و اذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أو لو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا و لا يهتدون) [19] و قال: (و مثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع الا دعاء و نداء صم بكم عمي فهم لا يعقلون [20] و قال: (و منهم من يستمعون اليك أفأنت تسمع الصم و لو كانوا لا يعقلون) [21] و قال: «أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون ان هم الا كالانعام بل هم أضل سبيلا) [22] و قال: «لا يقاتلونكم جميعا الا في قري محصنة أو من وراء جدر، بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعا و قلوبهم شتي ذلك بأنهم قوم



[ صفحه 200]



لا يعقلون» [23] و قال: «و تنسون أنفسكم و أنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون» [24] .

استدل الامام (ع) بالآيات الكريمة علي ذم من لا يعقل، و نتعرض فيما يلي الي بعض معانيها ليتضح استشهاد الامام بها:

(الآية الأولي):

دلت علي ذم من يتبع أسلافه و مشايخه في الامور الدينية من غير بصيرة و لا دليل، فان الذي يحفزهم الي اتباعهم انما هو الجهل و الغباوة و التعصب، و قد نزلت الآية في اليهود حينما دعاهم رسول الله (ص) الي الاسلام فرفضوا ذلك، و قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا فانهم كانوا خيرا منا [25] و لو كانت لهم عقول مستقيمة، و نضوج فكري لفقهوا أن التقليد في العقائد لا يقره العقل السليم، فالعقيدة لابد أن تؤخذ من الدليل العلمي الصحيح فانها أساس لحياة الانسان و سلوكه قال الامام الشيخ محمد عبده في تفسيره:

«لو كان للمقلدين قلوب يفقهون بها لكانت هذه الحكاية كافية باسلوبها لتنفيرهم من التقليد فانهم في كل ملة وجيل يرغبون عن اتباع ما أنزل الله استئناسا بما ألفوه مما ألفوا آباءهم عليه، و حسبك بهذا شناعة اذا العاقل لا يؤثر علي ما أنزل الله تقليد أحد من الناس مهما كبر عقله و حسن سيره، اذ ما من عاقل الا و هو عرضة للخطأ في فكره، و ما من مهتد الا و يحتمل أن يضل في سيره، فلا ثقة في الدين الا بما أنزل الله، و لا معصوم الا من عصم الله، فكيف يرغب العاقل عما أنزل الله الي اتباع الآباء مع دعواه الايمان بالتنزيل، علي أنه لو لم يكن مؤمنا بالوحي لوجب



[ صفحه 201]



أن ينفره عن التقليد قوله تعالي: «و لو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا و لا يهتدون» [26] .

(الآية الثانية):

متصلة بالآية الأولي، و متممة لها فانه تعالي لما حكي حالة الكفار في اصرارهم علي التقليد الأعمي عند دعوتهم الي الاسلام ضرب الله للسامعين مثلا عن حالهم - لئلا ينخدعوا بهم - بأنهم كالانعام و البهائم التي لا تعي دعاء الراعي لها سوي سماع الصوت منه دون أن تفهم المعني، فكذلك هؤلاء لا يتأملون دعوة الحق و لا يعونها فهم بمنزلة من لا يعقل و هذا أعظم قدح و ذم للذين لا يعقلون.

(الآية الثالثة):

حكي فيها تعالي حال بعض الكفار بأنهم في منتهي القسوة و جمود الطبع و خمود نار الذهن فانهم يستمعون الي ما يتلي عليهم من الآيات و الأدلة علي صحة دعوة النبي (ص) ولكنهم صم من ناحية ادراك المعني و تفهمه، و انه لا جدوي و لا فائدة في دعوتهم الي اعتناق هذا الدين فقد بلغوا النهاية في أمراضهم العقلية و النفسية بحيث لا يجدي معهم العلاج و النصح.

(الآية الرابعة):

خاطب الله فيها نبيه بأن لا يطمع في ايمان بعض الكفرة لانهم كالأنعام في عدم الانتفاع بما يقرع آذانهم من الآيات الباهرة فهم أضل سبيلا من الأنعام لأنها تنقاد لصاحبها الذي يتعهدها و تهتدي لمراعيها و مشاربها و تأوي الي معاطنها و مرابضها و هؤلاء لا ينقادون لربهم و خالقهم و رازقهم فلايعرفون احسانه و نعمه بالاضافة الي أن الحيوانات لم تعطل قوة من قواها المودعة فيها بل صرفت كل قوة الي ما خلقت له، و أما الكفرة فقد عطلوا قواهم



[ صفحه 202]



العقلية فضيعوا الفطرة الأصلية التي فطر الناس عليها و هي معرفة الله و الايمان به فلذا كانوا أضل سبيلا من البهائم.

(الآية الخامسة):

احتوت علي ذم الكفرة لأن فيهم ثلاث من الصفات الذميمة و هي:

1- الجبن عن الحرب.

2- البأس الشديد فيما بينهم.

3- تشتت قلوبهم.

و علل تعالي الصفات الثلاث أو الاخيرة بعدم العقل، فان العاقل لا يكون جبانا كما انه لا يقع بأس أو خلاف بينه و بين غيره فان ذلك ينشأ من الجهل و الغباوة، و ذلك لا يتصف به المؤمنون و قد أشار (ع) اليهم بقوله: «المؤمنون يد واحدة علي من سواهم» و ذلك لاتحاد أفكارهم و وحدة اتجاههم فلا يعقل التفرق و الانقسام بين صفوفهم.

(الآية السادسة):

نزلت في علماء اليهود فقد كانوا يقولون لا قربائهم من المسلمين: اثبتوا علي ما انتم عليه و هم لا يؤمنون بالاسلام [27] و كان الاحري بهم أن يعتنقوا الاسلام ثم يأمرون الغير بالتمسك به.

الي هنا ينتهي بنا الحديث في بيان الآيات التي استدل بها (ع) علي ذم من لا يعقل من الناس، و لننتقل الي فصل آخر من كلامه، قال (ع):

«يا هشام: ثم ذم الله الكثرة فقال: (و ان تطع أكثر من في الارض يضلوك عن سبيل الله) [28] ، و قال: (و لئن سألتهم من خلق



[ صفحه 203]



السماوات و الارض ليقولن الله قل الحمدلله بل اكثرهم لا يعلمون) [29] و قال تعالي: (و لئن سألت من نزل من السماء ماء فأحيا به الارض من بعد موتها ليقولن الله قل الحمدلله بل اكثرهم لا يعقلون) [30] .

استدل (ع) بالآيات الثلاث علي ذم اكثر الناس لأنهم قد حجبوا عن نفوسهم الحق و توغلوا في الباطل و غرقوا في الشهوات الا من رحمه الله منهم و أخرجه من الظلمات الي النور، و نعرض فيما يلي الي مدلول الآيات - بايجاز -:

(الآية الاولي):

خاطب فيها تعالي نبيه (ص) و أراد به غيره أو ان الخطاب له و لغيره في أنه (ص) لو أطاع الجمهور من الناس و سار علي وفق أهوائهم و ميولهم لأضلوه عن دين الله و صرفوه عن الحق:

(الآية الثانية):

دلت بحسب مفهومها علي أن اكثر الناس يقولون: ما لا يعلمون، و انهم لا يؤمنون بالله في قلوبهم بل انما يجري علي السنتهم من دون أن ينفذ الي اعماق نفوسهم.

(الآية الثالثة):

خاطب فيها تعالي نبيه بأنه لو سأل المشركين من هو الذي أنزل الماء من السماء الذي هو سبب رزقهم و حياتهم؟ لأجابوه بأنه هو الله تعالي الموجد للممكنات بأسرها و مع ذلك فانهم يشركون به و يعبدون بعض مخلوقاته التي لا يتوهم منها القدرة علي ايجاد أي شي ء - فالحمدلله - علي اظهارهم الحجة و اعترافهم بأن الخالق لأصول النعم و فروعها هو الله تعالي فيكون



[ صفحه 204]



الحمد الذي ذكره تعالي كالحمد عند رؤية المبتلي [31] ، و نعرض الي فصل آخر من كلامه قال عليه السلام:

«يا هشام: ثم مدح القلة فقال: (و قليل من عبادي الشكور) [32] و قال: (و قليل ما هم) [33] و قال: (و قال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم ايمانه أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله) [34] و قال: (و من آمن و ما آمن معه الا قليل) [35] و قال: (و لكن اكثرهم لا يعلمون) [36] و قال: (و اكثرهم لا يعقلون) [37] و قال: (و اكثرهم لا يشعرون).

استدل (ع) بالآيات الكريمة علي مدحه قلة المؤمنين و ندرة وجودهم و قد صرحت الاخبار الواردة عن أهل البيت (ع) بذلك فقد قال أبوعبدالله عليه السلام: (المؤمنة أعز من المؤمن، و المؤمن أعز من الكبريت الأحمر، فمن رأي منكم الكبريت الأحمر؟»

و يعود السبب في هذه القلة الي أن الايمان الحقيقي بالله من أعظم مراتب الكمال التي يصل اليها الانسان، و هناك موانع كثيرة تحول دون الوصول الي هذا الايمان كانحطاط التربية و سوء البيئة و غيرهما من الحواجز التي تؤدي الي حجب الانسان عن خالقه و تماديه في الاثم.

و المراد من قوله تعالي: (و قليل من عبادي الشكور) ليس معناه



[ صفحه 205]



التلفظ بكلمة الشكر لله، بل معناه صرف العبد جميع ما أنعم الله عليه فيما خلق لأجله و هذه مرتبة عظيمة لا تصدر الا ممن عرف الله واعتقد بأن جميع النعم و الخيرات صادرة منه، فيعمل علي تحصيل الخير و محاربة آفات نفسه، و حينئذ يكون من الشاكرين لله و الشكر بهذا المعني من المقامات العالية التي لا يتصف بها الا القليل، و نعرض الي فصل آخر من كلامه قال (ع):

«يا هشام: ثم ذكر أولي الألباب بأحسن الذكر و حلاهم بأحسن الحلية، فقال: (يؤتي الحكمة من يشاء و من يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا و ما يذكر الا أولوالألباب) [38] و قال: (و الراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا و ما يذكر الا أولواالألباب) [39] و قال تعالي: (ان في خلق السمات و الارض و اختلاف الليل و النهار لآيات لأولي الألباب) [40] و قال تعالي: (أفمن يعلم أنما انزل اليك من ربك الحق كمن هو اعمي انما يتذكر أولوالألباب) [41] و قال تعالي: (أمن هو قانت آناء الليل ساجدا و قائما يحذر الآخرة و يرجو رحمة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون انما يتذكر أولواالألباب) [42] و قال تعالي: (كتاب أنزلناه اليك مبارك ليدبروا آياته و ليتذكر أولواالألباب) [43] .

و قال تعالي: (و لقد آتينا موسي الهدي، و أورثنا بني اسرائيل الكتاب



[ صفحه 206]



هدي و ذكري لأولي الألباب) [44] و قال تعالي: (و ذكر فان الذكري تنفع المؤمنين» [45] .

استدل (ع) بالآيات الكريمة علي مدح العقلاء الكاملين و تفوقهم علي غيرهم فقد مدحهم تعالي بأحسن الصفات و أضفي عليهم أسمي النعوت، و نقدم بيانا موجزا عن مفادها حتي يتضح استشهاد الامام بها:

(الآية الاولي):

دلت علي أنه تعالي منح بعض عباده (الحكمة) و هي من أعظم المواهب و من أجل الصفات فقد قيل في تعريفها، انها العلم الذي تعظم منفعته و تجل فائدته.

و وصف تعالي من منح بها بأنه أوتي خيرا كثيرا كما أنه تعالي ذكر أنه لا يعلم معني الحكمة أو القرآن الا أولواالألباب.

(الآية الثانية):

وصف تعالي فيها عباده الكاملين في عقولهم بثلاثة أوصاف:

1- الرسوخ في العلم.

2- الايمان بالله.

3- العرفان بأن الكل من عند الله [46] .

و حكم تعالي بأن المتصفين بهذه النعوت الشريفة هم العقلاء الكاملون الذين هم ذوو الألباب.

(الآية الثالثة):

سبق الكلام في تفسيرها و بيانها.



[ صفحه 207]



(الآية الرابعة):

دلت علي التعجب والانكار علي من يدعي المساواة بين العالم باحكام القرآن و بين غيره مع ان الفرق بينهما كالفرق بين الأعمي و البصير، و الحي و الميت!.

(الآية الخامسة):

دلت علي التفاوت بين من يسهر ليله في طاعة الله و بين غيره الذي يقضي أوقاته بالملاهي و الملذات و هو معرض عن ذكر الله، فكيف يكونان متساويين.

(الآية السادسة):

دلت علي أن القرآن الحكيم لما كان مشتملا علي أسرار عظيمة و معارف جليلة و آيات باهرة أنزله تعالي الي عباده ليتدبروه و يتفهموه، ولكن هذا التدبر انما يظفر به من له تفكير سليم.

(الآية السابعة):

دلت علي أنه تعالي أورث بني اسرائيل الكتاب فجعلهم حملة له، و انما منحهم ذلك ليكون هدي و ذكري لأولي الألباب.

(الآية الثامنة):

خاطب الله فيها نبيه (ص) بالاستمرار في الذكر و عدم الاعتناء بالجاهلين الذين لا يعون و لا يتدبرون دعوته فان شأنه (ص) الافاضة و نشر التعليم و بسط القوي الروحية و لم ينتفع بذلك الا المؤمنون، قال (ع):

«يا هشام: ان الله تعالي يقول في كتابه: «ان في ذلك لذكري لمن كان له قلب» [47] - يعني عقل - و قال تعالي: «و لقد آتينا لقمان



[ صفحه 208]



الحكمة» [48] يعني الفهم و العقل».

ذكر (ع) أنه ليس المراد بالقلب الذي ذكر في الآية الاولي هو العضو الخاص الموجود في الانسان و سائر البهائم، بل المراد منه هو العقل الذي يدرك المعاني الكلية و الجزئية و يتوصل الي معرفة حقائق الأشياء و هو في الحقيقة الكيان المعنوي للانسان و أشارت الآية الثانية الي نعمته تعالي علي لقمان فقد وهبه الحكمة و هي من أفضل النعم و أجلها، و أخذ (ع) يتلو علي هشام بعض حكم لقمان و نصائحه فقال:

«يا هشام: ان لقمان قال لابنه: تواضع للحق تكن أعقل الناس و ان الكيس لدي الحق يسير، يا بني: ان الدنيا بحر عميق قد غرق فيها عالم كثير فلتكن سفينتك فيها تقوي الله، وحشوها الايمان، و شراعها التوكل، و قيمها العقل و دليلها العلم، و سكانها الصبر».

عرض (ع) في حديثه لبعض وصايا لقمان، فقد أوصي ولده بالتواضع للحق و هو أن لا يري الانسان لنفسه وجودا الا بالحق و لا قوة له و لا لغيره الا بالله، و التواضع من أفضل الأعمال، وقد ورد عن النبي صلي الله عليه و آله أنه قال: (من تكبر وضعه الله، و من تواضع لله رفعه الله).

ان الانسان كلما تجرد عن الانانية و محا عن نفسه التكبر زاده الله شرفا و فضلا.

و شبه لقمان الدنيا بالبحر، و وجه الشبه تغير الدنيا و تغير أشكالها و صورها في كل لحظة فالكائنات التي فيها كالامواج التي تكون في البحر معرضا للزوال و الفناء، و يحتمل أن يكون وجه الشبه أن الدنيا كالبحر الذي يعبر عليه الناس فكذلك الدنيا يعبر عليها الناس الي دارالآخرة و تكون



[ صفحه 209]



النفوس فيها كالمسافرين، و الابدان كالسفن و البواخر تنقلهم من دارالدنيا الي دارالخلود، و قد غرق عالم كبير من الناس في هذه الدنيا، و انما غرقوا لتهالكهم علي الشهوات، و اذا كانت الدنيا بحرا توجب الغرق و الهلاك، فلا نجاة منها و لاسلامة الا بسفينة التقوي و الصلاح، وليكن شراعها التوكل علي الله و الاعتماد عليه في جميع الامور، كما انه لابد من عقل يكون قيما لتلك السفينة و ربانا لها، و العقل دليله العلم فان نسبته اليه كنسبة النور من السراج و الرؤية من البصر، و مع هذه الخصال لابد من الصبر فان ارتقاء الانسان و قربه من ربه لا يحصل الا بمجاهدات قوية للنفس و لننتقل الي مشهد آخر من كلامه قال (ع):

«يا هشام: ان لكل شي ء دليلا، و دليل العقل التفكر، و دليل التفكر الصمت، و لكل شي ء مطية، و مطية العقل التواضع و كفي بك جهلا أن تركب ما نهيت عنه. يا هشام: ما بعث الله أنبياءه و رسله الي عباده الا ليعقلوا عن الله فأحسنهم استجابة أحسنهم معرفة، و أعلمهم بأمر الله أحسنهم عقلا، و اكملهم عقلا أرفعهم درجة في الدنيا و الآخرة».

استدل عليه السلام في كلامه الاخير علي شرف الأنبياء و فضلهم بكمال عقولهم و قد قال النبي (ص) لأميرالمؤمنين: يا علي اذا تقرب الناس الي خالقهم بأنواع البر فتقرب اليه أنت بالعقل حتي تسبقهم» ان وفور العقل من أفضل ما يمنح به الانسان اذ به يتوصل الي سعادة الدنيا و الفوز في دارالآخرة.

قال عليه السلام:

«يا هشام: ان لله علي الناس حجتين: حجة ظاهرة، و حجة باطنة فاما الظاهرة فالرسل و الانبياء و الأئمة (ع) و أما الباطنة فالعقول».



[ صفحه 210]



«يا هشام: ان العاقل الذي لا يشغل الحلال شكره و لا يغلب الحرام صبره».

تعرض (ع) في الفقرات الاخيرة من كلامه الي بعض أحوال العقلاء من أنهم لا تمنعهم كثرة نعم الله عليهم من شكره تعالي كما لا تزيل صبرهم النوائب و الكوارث.

قال عليه السلام:

«يا هشام: من سلط ثلاثا علي ثلاث فكأنما أعان علي هدم عقله: من أظلم نور تفكره بطول أمله، و محا طرائف حكمته بفضول كلامه، و أطفأ نور عبرته بشهوات نفسه فكأنما أعان هواه علي هدم عقله، و من هدم عقله أفسد عليه دينه و دنياه».

تعرض (ع) في كلامه الي أن في الانسان قوتين متباينتين، و هما العقل و الهوي، و لكل واحدة منهما صفات ثلاث تضاد الصفات الأخري، فصفات العقل: التفكر و الحكمة و الاعتبار، و صفات الهوي: طول الامل و فضول الكلام، و الانغماس في الشهوات.

أما طول الامل في الدنيا فانه يمنع من التفكر في أمور الآخرة، و يحمل النفس علي الاقبال في أمور الدنيا، و هذا هو المراد من قوله (ع): «اظلم نور تفكره بطول أمله» ان طول الأمل يبدد نور الفكر بالظلمة و يحجبه عن الانطلاق في ميادين الخير.

أما فضول الكلام فانه يمحي طرائف الحكمة من النفس.

و أما الاشتغال باللذات و الانصراف الي الشهوات فانه يعمي القلب و يذهب بنور الايمان و يطفي ء نور الاستبصار و الاعتبار من النفس فمن سلط هذه الخصال الشريرة علي نفسه فقد أعان علي هدم عقله، و من هدم عقله فقد أفسد دينه و دنياه.



[ صفحه 211]



قال عليه السلام:

«يا هشام: كيف يزكو [49] عند الله عملك و أنت قد شغلت قلبك عن أمر ربك، و أطعت هواك عن غلبة عقلك.

يا هشام: الصبر علي الوحدة علامة قوة العقل، فمن عقل عن الله [50] اعتزل أهل الدنيا و الراغبين فيها، و رغب فيما عند الله، و كان الله آنسه في الوحشة و صاحبه في الوحدة و غناه في العيلة، و معزه من غير عشيرة.

يا هشام: نصب الحق [51] لطاعة الله، و لا نجاة الا بالطاعة، و الطاعة بالعلم و العلم بالتعلم، و التعلم بالعقل يعتقد [52] و لا علم الا من عالم رباني، و معرفة العلم بالعقل.

يا هشام: قليل العمل من العالم مقبول مضاعف «و كثير العمل من أهل الهوي و الجهل مردود».

مراده (ع) أن قليل العمل من العالم مقبول و سببه أن بالعلم صفاء القلوب و طهارة النفوس و التوصل الي معرفة الله عز شأنه.

و فضيلة كل عمل انما هي بقدر تأثيرها في صفاء القلب و ازالة الحجب و الظلمة عن النفس، و هي تختلف بحسب الاشخاص فرب انسان يكفيه قليل العمل في صفاء نفسه نظرا للطافة طبعه، ورقة حجابه، و رب انسان لا يؤثر



[ صفحه 212]



العمل الطيب الذي يصدر منه في صفاء ذاته. نظرا لكثافة طبعه و كثرة الحجب علي نفسه.

قال (ع):

«يا هشام: ان العاقل رضي بالدون من الدنيا مع الحكمة، و لم يرض بالدون من الحكمة مع الدنيا فلذلك ربحت تجارته.

يا هشام: ان العقلاء تركوا فضول الدنيا فكيف الذنوب؟ و ترك الدنيا من الفضل، و ترك الذنوب من الفرض».

قال (ع):

يا هشام: ان العاقل نظر الي الدنيا و الي أهلها فعلم أنها لا تنال الا بالمشقة، و نظر الي الآخرة فعلم أنها لا تنال الا بالمشقة، فطلب بالمشقة أبقاهما.

يا هشام: ان العقلاء زهدوا في الدنيا و رغبوا في الآخرة، لأنهم علموا أن الدنيا طالبة مطلوبة و الآخرة طالبة و مطلوبة فمن طلب الآخرة طلبته الدنيا حتي يستوفي منها رزقه، و من طلب الدنيا طلبته الآخرة فيأتيه الموت فيفسد عليه دنياه و آخرته».

و توضيح الفقرات الاخيرة من حديثه (ع) قوله: «الدنيا طالبة مطلوبة» يعني أن الدنيا توصل الرزق المقدر الي من هو فيها، و بهذا الاعتبار تكون طالبة، و أما مطلوبيتها فهو سعي أبنائها وجدهم لتحصيل نعمها، و أما طلب الآخرة فهو اتيان الموت و حلول الأجل المحتوم لجميع من في الدنيا فهي تطلبهم لتنقلهم من الدنيا اليها، و أما مطلوبيتها فهو سعي أبنائها الصلحاء في تحصيل الأعمال الصالحة ليكونوا آمنين من العقاب و العتاب

قال (ع):

«يا هشام: من أراد الغني بلامال و راحة القلب من الحسد،



[ صفحه 213]



و السلامة في الدين. فليتضرع الي الله عزوجل في مسألته بأن يكمل عقله، فمن عقل قنع بما يكفيه، و من قنع بما يكفيه استغني و من لم يقنع بما يكفيه لم يدرك الغني أبدا.

يا هشام: ان الله حكي عن قوم صالحين أنهم قالوا: ربنا لا تزغ قلوبنا بعد اذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة انك أنت الوهاب، حين علموا أن القلوب تزيغ و تعود الي عماها ورداها، انه لم يخف الله من لم يعقل عن الله، و من لم يعقل عن الله لم يعقد قلبه علي معرفة ثابتة يبصرها و يجد حقيقتها في قلبه و لا يكون أحد كذلك الا من كان قوله لفعله مصدقا و سره لعلانيته موافقا، لأن الله تبارك اسمه لم يدل علي الباطن الخفي من العقل الا بظاهر منه و ناطق عنه».

أشار الامام (ع) بكلامه الاخير الي ان المؤمن اذا لم يكن قلبه مستضيئا بنور الله تعالي و عقله مهتديا بهدي الله، فانه لا يكون آمنا من الزيغ كما لا يكون آمنا من الارتداد بعد الدخول في حظيرة الاسلام، و قد أشار القرآن الكريم الي هذه الظاهرة قال تعالي: (و ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع علي قلوبهم) و قال تعالي: (من يرتد منكم عن دينه فيمت و هو كافر) و لذلك يدأب الصالحون بالسؤال من الله في أن لا تزيغ قلوبهم و أن لا يضلوا عن دينه فان النفوس البشرية بحسب نشأتها و خلقتها اذا لم يساعدها التوفيق لا تنجو من وساوس الشيطان و غوايته.

قال (ع):

«يا هشام كان أميرالمؤمنين (ع) يقول: ما عبدالله بشي ء أفضل من العقل، و ماتم عقل امري ء حتي يكون فيه خصال شتي: الكفر والشر منه مأمونان، والرشد والخير منه مأمولان، و فضل ماله مبذول، و فضل قوله مكفوف، و نصيبه من الدنيا القوت، لا يشبع من العلم دهره، الذل



[ صفحه 214]



أحب اليه مع الله من العز مع غيره، و التواضع أحب اليه من الشرف، يستكثر قليل المعروف من غيره، و يستقل كثير المعروف من نفسه و يري الناس كلهم خيرا منه، و انه شرهم في نفسه، و هو تمام الامر».

استدل (ع) علي مقصوده بكلام جده أميرالمؤمنين (ع) الذي تعرض فيه لصفات العقلاء و خصائص أفعالهم.

قال (ع):

يا هشام: ان العاقل لا يكذب و ان كان فيه هواه.

يا هشام: لا دين لمن لا مروة له، و لا مروة لمن لا عقل له، و ان أعظم الناس قدرا الذي لا يري الدنيا لنفسه خطرا. أما ان أبدانكم ليس لها ثمن الا الجنة فلا تبيعوها بغيرها».

و توضيح ما أفاده في قوله عليه السلام: «أما ان أبدانكم ليس لها ثمن الا الجنة فلا تبيعوها بغيرها»: هو أنه لا يليق أن يكون ثمنا لهذه الابدان سوي الجنة، و نقل صاحب الوافي عن استاذه ايضاحا لمقالة الامام ما نصه:

«ان الابدان في التناقص يوما فيوما و ذلك لتوجه النفس منها الي عالم آخر فان كانت النفس سعيدة كانت غاية سعيه في هذه الدنيا و انقطاع حياته البدنية الي الله سبحانه و الي نعيم الجنان لكونه علي منهج الهداية و الاستقامة فكأنه باع بدنه بثمن الجنة معاملة مع الله تعالي، و لهذا خلقه الله عزوجل و ان كانت شقية كانت غاية سعيه وانقطاع أجله و عمره الي مقارنة الشيطان و عذاب النيران لكونه علي طريق الضلالة فكأنه باع بدنه بثمن الشهوات الفانية و اللذات الحيوانية التي ستصير نيرانا محرقة و هي اليوم كامنة مستورة عن حواس أهل الدنيا و ستبرز يوم القيامة «و برزت الجحيم لمن يري» معاملة



[ صفحه 215]



مع الشيطان و خسر هنالك المبطلون» [53] .

قال (ع):

«يا هشام ان أميرالمؤمنين (ع) كان يقول: ان من علامة العاقل أن يكون فيه ثلاث خصال: يجيب اذا سئل، و ينطق اذا عجز القوم عن الكلام و يشير بالرأي الذي يكون فيه صلاح أهله، فمن لم يكن فيه من هذه الخصال الثلاث شي ء فهو أحمق».

ان أميرالمؤمنين (ع) قال: لا يجلس في صدر المجلس الا رجل فيه هذه الخصال الثلاث أو واحدة منهن فمن لم يكن فيه شي ء فجلس فهو أحمق.

و قال الحسن بن علي (ع): اذا طلبتم الحوائج فاطلبوها من أهلها، فقيل له: يابن رسول الله و من أهلها؟.

- الذين قصهم الله في كتابه و ذكرهم فقال: انما يتذكر أولواالألباب قال: هم أولوا العقول.

و قال علي بن الحسين (ع): مجالسة الصالحين داعية الي الصلاح و آداب العلماء زيادة في العقل، و طاعة ولاة العدل تمام العز، و استثمار المال تمام المروة و ارشاد المستشير قضاء النعمة، و كف الأذي من كمال العقل، و فيه راحة البدن عاجلا و آجلا.

يا هشام: ان العاقل لا يحدث من يخاف تكذيبه، و لا يسأل من يخاف منعه، و لا يعد ما لا يقدر عليه، و لا يرجو ما يعنف برجائه، و لا يقدم علي ما يخاف فوته بالعجز عنه».

أشار (ع) بهذه الفقرات الاخيرة الي حزم العاقل و احتياطه في أقواله و تحفظه علي شرفه و منزلته، و توقفه من الاقدام علي ما لا يثق بحصوله.



[ صفحه 216]



وانتهت هذه الرسالة الرفيعة علي رواية ثقة الاسلام الشيخ الكليني [54] و قد ذكر زيادة عليها الحسن بن علي الحراني في كتابه (تحف العقول) و قد أهملها الكليني، و قد رأينا أن نقتطف منها بعض الوصايا من دون أن نعلق عليها ايثارا للاختصار و اتماما للفائدة و الي القراء ذلك، قال (ع):

«يا هشام: من كف نفسه عن أعراض الناس أقاله الله من عثرته يوم القيامة، و من كف غضبه عن الناس كف الله عنه غضبه يوم القيامة.

يا هشام: وجد في ذوابة [55] سيف رسول الله (ص) ان أعتي الناس علي الله من ضرب غير ضاربه و قتل غير قاتله. و من تولي غير مواليه فهو كافر بما أنزل الله علي نبيه محمد (ص) و من أحدث حدثا [56] أو آوي محدثا لم يقبل الله منه يوم القيامة صرفا و لا عدلا.

يا هشام أفضل ما يتقرب به العبد الي الله بعد المعرفة به الصلاة و بر الوالدين و ترك الحسد و العجب و الفخر.

يا هشام: اصلح يومك الذي هو أمامك، فانظر أي يوم هو، واعد له الجواب، فانك موقوف و مسؤول. و خذ موعظتك من الدهر و أهله، الي أن قال: وانظر في تصرف الدهر و أحواله، فان ما هو آت من الدنيا كما ولي منها، فاعتبر بها، و قال علي بن الحسين (ع): «ان جميع ما طلعت عليه الشمس في مشارق الأرض و مغاربها بحرها و برها و سهلها



[ صفحه 217]



و جبلها عند ولي من أولياء الله و اهل المعرفة بحق الله كفي ء الظلال، ثم قال (ع): أولا حر يدع هذه اللماظة [57] - يعني الدنيا - لأهلها فليس لأنفسكم ثمن الا الجنة فلا تبيعوها بغيرها، فانه من رضي من الله بالدنيا فقد رضي بالخسيس.

يا هشام: ان كل الناس يبصرون النجوم ولكن لا يهتدي بها الا من يعرف مجاريها و منازلها، و كذلك انتم تدرسون الحكمة، ولكن لا يهتدي بها منكم الا من عمل بها.

يا هشام: مكتوب في الانجيل: «طوبي للمتراحمين، أولئك هم المرحومون يوم القيامة. طوبي للمطهرة قلوبهم، أولئك هم المتقون يوم القيامة. طوبي للمتواضعين في الدنيا، أولئك يرتقون منابر الملك يوم القيامة.

يا هشام: قلة المنطق حكمة عظيمة. فعليكم بالصمت، فانه دعة حسنة و قلة وزر، و خفة من الذنوب. فحصنوا باب الحلم، فان بابه الصبر، و ان الله عزوجل يبغض الضحاك من غير عجب، و المشاء الي غير ارب، و يجب علي الوالي أن يكون كالراعي لا يغفل عن رعيته، و لا يتكبر عليهم، فاستحيوا من الله في سرائركم، كما تستحيون من الناس في علانيتكم، واعلموا ان الكلمة من الحكمة ضالة المؤمن، فعليكم بالعلم قبل أن يرفع و رفعه غيبة عالمكم بين أظهركم.

يا هشام: تعلم من العلم ما جهلت، و علم الجاهل مما علمت، عظم العالم لعلمه، ودع منازعته، و صغر الجاهل لجهله، و لا تطرده ولكن قربه و علمه.



[ صفحه 218]



يا هشام: ان كل نعمة عجزت عن شكرها بمنزلة سيئة تؤاخذ بها، و قال أميرالمؤمنين صلوات الله عليه: «ان لله عبادا كسرت قلوبهم خشيته فأسكتتهم عن المنطق، و انهم لفصحاء عقلاء، يستبقون الي الله بالأعمال الزكية، لا يستكثرون له الكثير و لا يرضون لهم من أنفسهم بالقليل، يرون في أنفسهم أنهم أشرار و أنهم لأكياس و أبرار.

يا هشام: الحياء من الايمان، و الايمان في الجنة، و البذاء من الجفاء، و الجفاء في النار.

يا هشام: المتكلمون ثلاثة: فرابح، و سالم، و شاجب [58] فأما الرابح فالذاكر لله، و أما السالم فالساكت، و أما الشاجب فالذي يخوض في الباطل، ان الله حرم الجنة علي كل فاحش بذي قليل الحياء لا يبالي ما قال و لا ما قيل فيه، و كان أبوذر (رضي الله عنه) يقول: «يا مبتغي العلم ان هذا اللسان مفتاح خير و مفتاح شر، فاختم علي فيك كما تختم علي ذهبك و ورقك».

يا هشام: بئس العبد عبد يكون ذا وجهين و ذا لسانين، يطري أخاه اذا شاهده، و يأكله اذا غاب عنه، ان أعطي حسده، و ان أبتلي خذله، ان أسرع الخير ثوابا البر، و أسرع الشر عقوبة البغي، و ان شر عباد الله من تكره مجالسته لفحشه، و هل يكب الناس علي مناخرهم في النار الا حصائد ألسنتهم، و من حسن اسلام المرء ترك ما لا يعنيه.

يا هشام: لا يكون الرجل مؤمنا حتي يكون خائفا راجيا، و لا يكون خائفا راجيا حتي يكون عاملا لما يخاف و يرجو.

يا هشام: قال الله عزوجل: و عزتي و جلالي و عظمتي و قدرتي و بهائي و علوي في مكاني لا يؤثر عبد هواي علي هواه الا جعلت الغني في نفسه،



[ صفحه 219]



و همه في آخرته، و كففت عليه في ضيعته، و ضمنت السماوات و الارض رزقه، و كنت له من وراء تجارة كل تاجر.

يا هشام: عليك بالرفق، فان الرفق يمن، و الخرق شؤم، ان الرفق و البر و حسن الخلق يعمر الديار و يزيد في الرزق.

يا هشام قول الله تعالي: (هل جزاء الاحسان الا الاحسان). جرت في المؤمن و الكافر و البر و الفاجر، من صنع اليه معروف فعليه أن يكافي ء به، و ليست المكافأة أن تصنع كما صنع حتي تري فضلك، فان صنعت كما صنع فله الفضل بالابتداء.

يا هشام: ان مثل الدنيا مثل الحية مسها لين. و في جوفها السم القاتل يحذرها الرجال ذوو العقول و يهوي اليها الصبيان بأيديهم.

يا هشام: اصبر علي طاعة الله، واصبر عن معاصي الله، فانما الدنيا ساعة، فما مضي منها فليس تجد له سرورا و لا حزنا، و ما لم يأت منها فليس تعرفه، فاصبر علي تلك الساعة التي أنت فيها فكأنك قد اغتبطت.

يا هشام: مثل الدنيا مثل ماء البحر كلما شرب منه العطشان ازداد عطشا حتي يقتله.

يا هشام: اياك و الكبر فانه لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من كبر، الكبر رداء الله فمن نازعه رداءه أكبه الله في النار علي وجهه.

يا هشام: ليس منا من لم يحاسب نفسه في كل يوم، فان عمل حسنا استزاد منه و ان عمل سيئا استغفر الله منه و تاب اليه.

يا هشام تمثلت الدنيا للمسيح (ع) في صورة امرأة زرقاء فقال لها: كم تزوجت؟ فقالت: كثيرا، قال: فكل طلقك؟ فقالت: بل كلا قتلت قال المسيح فويح لأزواجك الباقين كيف لا يعتبرون بالماضين.



[ صفحه 220]



يا هشام: ان ضوء الجسد في عينه، فان كان البصر مضيئا استضاء الجسد كله، و ان ضوء الروح العقل، فان كان العبد عاقلا كان عالما بربه. و اذا كان عالما بربه أبصر دينه، و اذا كان جاهلا بربه لم يقم له دين، و كما لا يقوم الجسد الا بالنفس الحية فكذلك لا يقوم الدين الا بالنية الصادقة و لا تثبت النية الصادقة الا بالعقل.

يا هشام: ان الزرع ينبت في السهل و لا ينبت في الصفا [59] فكذلك الحكمة تعمر في قلب المتواضع و لا تعمر في قلب المتكبر الجبار، لأن الله جعل التواضع آلة العقل، و جعل التكبر من آلة الجهل، ألم تعلم أن من شمخ الي السقف برأسه شجبه، و من خفض رأسه استظل تحته و أكنه، و كذلك من لم يتواضع لله خفضه الله و من تواضع لله رفعه.

يا هشام: ما أقبح الفقر بعد الغني، و أقبح الخطيئة بعد النسك، و أقبح من ذلك العابد لله ثم يترك عبادته.

يا هشام: لا خير في العيش الا لرجلين: لمستمع واع، و عالم ناطق.

يا هشام: ما قسم بين العباد أفضل من العقل، نوم العاقل أفضل من سهر الجاهل.

يا هشام: قال رسول الله (ص): اذا رأيتم المؤمن صموتا فادنوا منه فانه يلقي الحكمة، و المؤمن قليل الكلام كثير العمل و المنافق كثير الكلام قليل العمل.

يا هشام: أوحي الله تعالي الي داود (ع) قل لعبادي: لا يجعلوا بيني و بينهم عالما مفتونا بالدنيا فيصدهم عن ذكري، و عن طريق محبتي و مناجاتي أولئك قطاع الطريق من عبادي، ان أدني ما أنا صانع بهم أن أنزع حلاوة محبتي و مناجاتي من قلوبهم.



[ صفحه 221]



يا هشام: من تعظم في نفسه لعنته ملائكة السماء و ملائكة الارض، و من تكبر علي اخوانه و استطال عليهم فقد ضاد الله، و من ادعي ما ليس له فهو أعني لغير رشده.

يا هشام أوحي الله تعالي الي داود، يا داود حذر و أنذر أصحابك عن حب الشهوات فان المعلقة قلوبهم بشهوات الدنيا قلوبهم محجوبة عني.

يا هشام: اياك والكبر علي أوليائي و الاستطالة بعلمك فيمقتك الله فلا تنفعك بعد مقته دنياك و لا آخرتك، و كن في الدنيا كساكن دار ليست له انما ينتظر الرحيل.

يا هشام: مجالسة أهل الدين شرف الدنيا و الآخرة، و مشاورة العاقل الناصح يمن و بركة و رشد و توفيق من الله، فاذا أشار عليك العاقل الناصح فاياك و الخلاف فان في ذلك العطب [60] .

يا هشام: اياك و مخالطة الناس و الأنس بهم الا ان تجد منهم عاقلا و مأمونا فانس به و اهرب من سايرهم كهربك من السباع الضارية، و ينبغي للعاقل اذا عمل عملا أن يستحي من الله، و اذا تفرد له بالنعم أن يشارك في نعمه أحدا غيره، و اذا مر بك أمران لا تدري أيهما خير و أصوب، فانظر أيهما أقرب الي هواك فخالفه، فان كثير الصواب في مخالفة هواك، و اياك أن تطلب الحكمة و تضعها في الجهال.

فانبري اليه هشام قائلا:

«فان وجدت رجلا طالبا لها غير أن عقله لا يتسع لضبط ما ألقي اليه».

فتلطف له في النصيحة، فان ضاق قلبه فلا تعرض نفسك للفتنة.

ثم انه استرسل عليه السلام في حديثه فقال: واحذر رد المتكبرين،



[ صفحه 222]



فان العلم يذل علي ان يملي علي من لا يفيق، فقال هشام: فان لم أجد من يعقل السؤال عنها؟ فقال (ع): فاغتنم جهله عن السؤال حتي تسلم من فتنة القول و عظيم فتنة الرد، واعلم أن الله لم يرفع المتواضعين بقدر تواضعهم ولكن رفعهم بقدر عظمته و مجده، و لم يؤمن الخائفين بقدر خوفهم ولكن آمنهم بقدر كرمه وجوده، و لم يفرح المحزونين بقدر حزنهم ولكن بقدر رأفته و رحمته، فما ظنك بالرؤف الرحيم الذي يتودد الي من يؤديه بأوليائه، فكيف بمن يؤذي فيه؟ و ما ظنك بالتواب الرحيم الذي يتوب علي من يعاديه، فكيف بمن يترضاه، و يختار عداوة الخلق فيه.

يا هشام: من أحب الدنيا ذهب خوف الآخرة من قلبه، و ما أوتي عبد علما فازداد للدنيا حبا الا ازداد من الله بعدا، وازداد الله عليه غضبا.

يا هشام: ان العاقل اللبيب من ترك ما لا طاقة له به، و اكثر الصواب في خلاف الهوي، و من طال أمله ساء عمله.

يا هشام: لو رأيت مسير الأجل لألهاك عن الأمل!!.

يا هشام: اياك و الطمع، و عليك باليأس مما في أيدي الناس، و أمت الطمع من المخلوقين، فان الطمع مفتاح للذل، واختلاس للعقل و اختلاق للمروات، و تدنيس للعرض، و ذهاب للعلم، و عليك بالاعتصام بربك و التوكل عليه، و جاهد نفسك لتردها عن هواها فانه واجب عليك كجهاد عدوك، فقال له هشام:

فأي الأعداء أوجبهم مجاهدة؟.

- أقربهم اليك و أعداهم لك، و أضرهم بك و أعظمهم لك عداوة، و أخفاهم لك شخصا مع دنوه منك، و من يحرض عليك أعداءك و هو ابليس الموكل بوسواس القلوب فله فلتشتد عداوتك، و لا يكونن أصبر علي مجاهدتك لهلكتك منك علي صبرك لمجاهدته فانه أضعف منك في قوته، و أقل



[ صفحه 223]



ضررا في كثرة شره، اذا انت اعتصمت بالله فقد هديت الي صراط مستقيم.

يا هشام: من اكرمه الله بثلاث فقد لطف له، عقل يكفيه مؤونة هواه، و علم يكفيه مؤونة جهله، و غني يكفيه مخافة الفقر.

يا هشام: احذر هذه الدنيا واحذر أهلها، فان الناس فيها علي أربعة أصناف: رجل متردي معانق لهواه، و متعلم مقري كلما ازداد علما ازداد كبرا يستعلي بقراءته و علمه علي من هو دونه، و عابد جاهل يستصغر من هو دونه في عبادته، يحب أن يعظم و يوقر، و ذي بصيرة عالم عارف بطريق الحق يحب القيام به ولكنه عاجز أو مغلوب فلا يقدر علي القيام بما يعرفه، فهو محزون مغموم بذلك و هو أمثل أهل زمانه و أوجههم عقلا» [61] الي هنا ينتهي بنا الحديث في هذه الوصية القيمة التي حوت أصول الفضائل و الآداب و قواعد السلوك و الاخلاق، و قد وضع فيها المناهج العامة لما يصلح الحياة الفردية و الاجتماعية.


پاورقي

[1] الله والعلم الحديث ص 174 - 175.

[2] تفسير الجواهر: (ج 1 ص 155).

[3] اسم الاشارة يرجع الي الآية المذكورة او لكلامه المتقدم.

[4] سورة النحل: آية: 12.

[5] سورة المؤمن: آية: 66.

[6] قد أخذ هذا من مضمون الآية الرابعة في سورة الجاثية.

[7] سورة الحديد: آية 18.

[8] سورة الرعد: آية: 4.

[9] سورة الروم: آية: 24.

[10] سورة الانعام: آية 151.

[11] سورة الروم: آية: 28.

[12] سورة الانعام: آية: 31.

[13] سورة الصافات: آية: 136 و 137 و 138.

[14] سورة العنكبوت: آية: 33 و 34.

[15] تفسير ابن كثير: (ج 4 ص 20).

[16] روح المعاني: (ج 7 ص 313).

[17] سورة العنكبوت: آية: 43.

[18] تفسير الرازي.

[19] سورة البقرة: آية: 169.

[20] سورة البقرة: آية: 171.

[21] سورة يونس: آية: 42.

[22] سورة الفرقان: آية: 44.

[23] سورة الحشر: آية: 13.

[24] سورة البقرة: آية: 43.

[25] التبيان: (ج 1 ص 188) ط ايران.

[26] المنار: (ج 1 ص 100).

[27] مجمع البيان: (ج 1 ص 98).

[28] سورة الانعام: آية: 116.

[29] سورة لقمان: آية: 25.

[30] سورة العنكبوت: آية: 63.

[31] روح المعاني: (ج 6 ص 423).

[32] سورة سبأ: آية: 13.

[33] سورة ص: آية: 24.

[34] سورة غافر: آية: 28.

[35] سورة هود: آية: 40.

[36] سورة الانعام: آية: 37.

[37] سورة المائدة: آية: 103.

[38] سورة البقرة: آية: 268.

[39] سورة آل عمران: آية: 6.

[40] سورة آل عمران: آية: 189.

[41] سورة الرعد: آية 19.

[42] سورة الزمر: آية: 8.

[43] سورة ص: آية: 28.

[44] سورة غافر: آية: 52.

[45] سورة الذاريات: آية: 54.

[46] أي كلا من المتشابه و المحكم.

[47] سورة ق: آية 36.

[48] سورة لقمان: آية: 11.

[49] يزكو: الزكاة لغة الطهارة و النماء و هي تطلق علي العين و المعني فيقال: زكي ماله - أي نما ماله - و يقال زكي عمله - أي طهر عمله، و يحتمل كلا المعنين في المقام.

[50] أي حصلت له معرفة الله و العلم بصفاته و أحكامه و شرائعه.

[51] نصب الحق: مبني للمجهول - أي وجد الحق لطاعة الله.

[52] يعتقد - أي يشتد و يستحكم.

[53] الوافي.

[54] أصول الكافي: (ج 1 ص 13 - 20) و ذكرت أيضا في الوافي (ج 1 ص 26 - 28).

[55] الذوابة: من كل شي ء أعلاه و من السيف علاقته، و من السوط طرفه.

[56] الحدث: الأمر الحادث الذي ليس بمعتاد و لا معروف في السنة.

[57] اللماظة: بالضم بقية الطعام الذي يكون في الفم، و بقية الشي ء القليل، و المراد بها هنا الدنيا.

[58] الشاجب: كثير الهذيان و الكلام، و الهالك هو الأنسب.

[59] الصفا: الحجر الصلد.

[60] العطب: الهلاك.

[61] تحف العقول: ص 390 - 400.