بازگشت

رأي الامام موسي


و تحدث الامام موسي عليه السلام عن البداء في حديثه مع المعلي بن محمد، و قد سأله عن كيفية علم الله فأجابه (ع) بجواب عرض فيه لأهم المسائل الفلسفية و الكلامية، و هذا نصه:

قال عليه السلام:

«علم وشاء، و أراد و قدر، و قضي، و أمضي فأمضي ما قضي، و قضي ما قدر، و قدر ما أراد، فبعلمه كانت المشيئة و بمشيئته كانت الارادة، و بارادته كان التقدير، و بتقديره كان القضاء، و بقضائه كان الامضاء، والعلم يتقدم علي المشيئة، و المشيئة ثانية، و الارادة ثالثة [1] و التقدير واقع علي



[ صفحه 235]



القضاء بالامضاء [2] فلله تبارك و تعالي البداء فيما علم متي شاء، و فيما أراد لتقدير الاشياء [3] فاذا وقع القضاء بالامضاء فلا بداء، فالعلم في المعلوم قبل كونه، و المشيئة في المنشأ قبل عينه، و الارادة في المراد قبل قيامه، و التقدير لهذه المعلومات قبل تفصيلها و توصيلها [4] عينا و وقتا [5] و القضاء بالامضاء هو المبرم من المفعولات [6] ذوات الاجسام المدركات



[ صفحه 236]



بالحواس من ذي لون و ريح و وزن و كيل و ما دب و درج من انس و جن و طير و سباع و غير ذلك مما يدرك بالحواس فلله تعالي فيه البداء مما لا عين له فاذا وقع العين المفهوم المدرك فلا بداء والله يفعل ما يشاء [7] فبالعلم علم الاشياء قبل كونها [8] و بالمشيئة عرف صفاتها و حدودها و أنشأها قبل اظهارها و بالارادة ميز أنفسها في ألوانها و صفاتها، و بالتقدير قدر أقواتها و عرف أولها و آخرها و بالقضاء أبان للناس أماكنها و دلهم عليها و بالامضاء شرح عليها و أبان أمرها و ذلك تقدير العزيز العليم».

و انتهي بذلك هذا الحديث الحافل بأروع المسائل الكلامية و أشدها غموضا، و قد اعرب فيه الامام عن المرحلة التي يقع فيها البداء من علم الله، و قد اوضحنا ذلك فيما سبق.


پاورقي

[1] مراده: ان علم الله تعالي له مراتب ستة بعضها مترتب علي بعض، و هي:

اولا - العلم و هو في المقام عبارة عن تصور الشي ء، و هو المبادي ء الاختيارية للافعال.

ثانيا - المشيئة.

ثالثا - الارادة و هي العزم علي الفعل أو الترك.

رابعا - التقدير و هو تعيين المكان و الزمان الذي يوجد فيه الفعل بعد تصوره و تصور أوصافه.

خامسا - القضاء و هو ايجاب العمل.

سادسا - الايجاد للشي ء.

و هذه المراتب بعضها مرتب علي بعض ترتبا ذاتيا كل في محله.

[2] مراده ان التقدير مع ترتبه و تقدمه الذاتي علي القضاء فانه واقع عليه و موجب لجعله اقتضاءا خاصا لايجاد خاص، فالتقدير ينبعث منه امضاء الاقتضاء.

[3] بيان لوقوع البداء في أي مرتبة من المراتب السابقة، و قد تقدم بيانها بالتفصيل.

[4] مراده: ان الانواع الطبيعية و الطبائع الجسمانية موجودة في علم الله الأزلي، و مشيئته و ارادته الذاتيتين.

[5] أشار (ع) الي تركيب الاجسام من العناصر المختلفة.

[6] يعني ان الذي يتعلق القضاء بامضائه انما هو الشي ء المبرم الذي هو من المفعولات التي تقع في عالم الكون، و ما يقع في عالم الكون انما هو من ذوات الاجسام المدركة بالحواس من ذي لون و ريح.. الخ.

[7] بين (ع) المرحلة التي يقع فيها البداء من علم الله.

[8] مراده بيان الخواص التي تترتب علي المراتب الستة من علم الله تعالي و قد بينها (ع) في حديثه.