بازگشت

مشكلة الغلاة


و من أهم المشاكل التي واجهتها الشيعة هي حركة الغلاة الالحادية فقد الصقت بهم هذه التهمة لتشويه حقيقة التشيع.

واكبر الظن ان للسلطة دخلا كبيرا في ذلك، فقد شجعوها و بالغوا في تأييدها ليستحلوا بذلك دماء الشيعة، و يثبتوا عليهم مادة المروق عن الاسلام.

و من الجدير أن نشير الي بعض معتقداتهم الفاسدة، فقد زعموا أن الأئمة آلهة، و زعم بعضهم أنهم أنبياء، و قال بعضهم بالتناسخ و التعديل... الي غير ذلك من المعتقدات المنكرة التي تتنافي مع الاسلام و قد ثقل علي أئمة اهل البيت (ع) هذا الكفر و الالحاد، فاندفعوا الي انكاره و تحذير المسلمين من دعاته، فقد أثر عن الامام اميرالمؤمنين (ع) انه قال:



[ صفحه 210]



«بني الكفر علي اربع دعائم: الفسق و الغلو و الشك و الشبهة» [1] .

و أعلن الامام الصادق (ع) لعن محمد بن مقلاص الكوفي أحد زعماء الغلاة، و كتب (ع) الي جميع البلدان بلعنه و البرائة منه [2] ، و ألزم (ع) أصحابه بلزوم مقاطعتهم، فكان يقول لهم: «لا تقاعدوهم و لا تواكلوهم و لا تشاربوهم و لا تصافحوهم و لا توارثوهم» [3] و قال (ع): «أدني ما يخرج به الرجل من الايمان أن يجلس الي غال فيستمع الي حديثه، و يصدقه علي قوله. ان أبي حدثني عن جده ان رسول الله (ص) قال: صنفان من أمتي لا نصيب لهما في الاسلام الغلاة و القدرية» [4] .

و لما قتل ابوالخطاب بالكوفة قال (ع): «لعن الله اباالخطاب و لعن الله من قتل معه، و لعن الله من دخل في قلبه الرحمة لهم».

و دخل بشار الشعيري - و كان من دعاة الغلاة - علي الامام الصادق (ع) فقال (ع) له: «اخرج عني لعنك الله، لا و الله لا يظلني و اياك سقف أبدا».

فخرج بشار يسحق بأذياله من الخجل، فقال الامام لأصحابه: «ويله! ألا قال بما قالت اليهود؟!! ألا قال بما قالت المجوس؟!! أبو بما قالت الصابئة؟!! و الله ما صغر الله تصغير هذا الفاجر أحد، انه شيطان ابن شيطان، خرج من البحر ليغوي أصحابي فاحذروه، و ليبلغ الشاهد الغائب: اني عبدالله و ابن عبدالله، ضمتني الأصلاب و الأرحام، و اني لميت و مبعوث، ثم مسؤول، و الله لأسئلن عما قال في هذا الكذاب



[ صفحه 211]



و ادعاه، ما له غمه الله! فلقد أمن علي فراشه و أفزعني و أقلقني عن رقادي» [5] .

و قال عليه السلام في المغيرة بن سعيد: «لعن الله المغيرة بن سعيد و لعن الله يهودية كان يختلف اليها، يتعلم منها السحر و الشعوذة و المخاريق ان المغيرة كذب علي أبي فسلبه الله الايمان، و ان قوما كذبوا علي ما لهم!! أذاقهم الله حر الحديد، فو الله ما نحن الا عبيد خلقنا الله و اصطفانا، ما نقدر علي ضر و لا نفع، ان رحمنا فبرحمته و ان عذبنا فبذنوبنا، و الله ما بنا علي الله من حجة، و لا معنا من الله براءة، و انا لميتون و مقبورون و منشورون و مبعوثون و موقوفون و مسؤولون، ما لهم لعنهم الله، فقد آذوا الله و آذوا رسول الله في قبره، و أميرالمؤمنين و فاطمة و الحسن و الحسين (ع) و ها أنا ذا بين أظهركم أبيت علي فراشي خائفا وجلا، يأمنون و أفزع، و ينامون علي فراشهم و أنا خائف ساهر وجل، أبرأ الي الله مما قال في الأجدع و عبد بني أسد أبوالخطاب لعنه الله... الي أن قال: أبرأ الي الله منهم اني امرؤ ولدني رسول الله و ما معي براءة من الله، و ان أطعته رحمني، و ان عصيته عذبني عذابا شديدا».

و تواترت الاخبار من أئمة أهل البيت (ع) و هي تدل علي كفر الغلاة و الحادهم، و لزوم مكافحتهم و عدم الاختلاط بهم، و وجوب عزلهم عن الجماهير الاسلامية. و الغريب من بعض المؤلفين انهم آخذوا الشيعة بهذه الطائفة الملحدة و حسبوها عليهم، مع العلم انها لا تمت الي الشيعة بصلة و لا تلتقي معها بطريق.

ان مبدأ التشيع قد بني علي توحيد الله و تنزيهه عن الشريك و المثيل و ان الغلو و غيره من الافكار الالحادية لا تلتزم بها هذه الطائفة المحقة التي



[ صفحه 212]



عملت علي صيانة الاسلام و الذب عنه منذ فجر تاريخها.

الي هنا ينتهي بنا الحديث عن محنة الاسلام في ذلك العصر من انشقاق أبنائه الي فرق و طوائف عملت علي ايجادها السلطة لاخماد حركة الشيعة - اولا - و اشغال المسلمين - ثانيا - بالناحية العقائدية من حياتهم حتي لا تحاسب السلطة علي تصرفاتها الكيفية و استبدادها الغادر بأمور المسلمين و أموالهم.


پاورقي

[1] الكافي: ص 369.

[2] دعائم الاسلام: ص 62 - 63.

[3] الامام الصادق و المذاهب الاربعة: 4 / 151.

[4] الخصال: ص 37.

[5] الامام الصادق و المذاهب الأربعة: 4 / 155.