بازگشت

اسراف زبيدة


و حشدت الاميرة زبيدة الاموال الطائلة لنفسها، و أطلقت العنان لملاذها في صرف أموال المسلمين و البذخ بها، فقد اشترت غلاما لعبد الله ابن موسي الهادي ضرابا علي العود مجيدا بثلاثمائة الف درهم [1] و أمرت ان يتخذ لوصائفها من الدر المثقوب بالتصليب، ثم ازداد شغفها بالدر حتي انها اتخذت الخفاف المرصعة بالجوهر تلبسها في قصرها [2] و اتخذت سبحة من يواقيت رمانية كالبنادق اشترتها بخمسين الف دينار [3] و ارسلت يوما خلف زوجها الرشيد تريد ان تراه فلما جاء اليها غني لهما ابن جامع المغني من وراء ستار فقال:



ما رعدت رعدت و لا برقت

لكنها أنشأت لنا حلقه



الماء يجري علي نظام له

لو يجد الماء مخرقا خرقه



بتنا و باتت علي نمارقها

حتي بدا الصبح عينه أرقه



فأمرت زبيدة خادمها أن يدفع لابن جامع، عن كل بيت مائة الف درهم، فقال الرشيد: غلبتنا بنت أبي الفضل، و سبقتنا الي كرم ضيفنا و جليسنا ثم بعث لها مقابل ما أعطت بعدد دراهمها دنانير [4] .

و دخل اشجع بن عمرو السلمي علي محمد الامين، و قد أجلس للتعليم،



[ صفحه 49]



و كان عمره اربع سنين فقال فيه اشجع:



ملك أبوه و أمه من نبعة

منها سراج الامة الوهاج



شربت بمكة في ربي بطحائها

ماء النبوة ليس فيه مزاج



فأمرت له زبيدة بمائة الف درهم... ان هذه الاموال التي وهبت لهذا الشاعر و غيره تمثل جانبا من الاسراف و البذخ بأموال المسلمين.

لهذا، و كان البؤس آخذا بخناق المواطنين و هي و زوجها يبذلان الاموال الجزيلة علي مثل هذه الامور المحرمة في الشريعة الاسلامية.

و من اسرافها أن الرشيد كان يستطيب المكث في الرقة فقالت زبيدة للشعراء: من وصف مدينة السلام بأبيات يشوق اليها أميرالمؤمنين أغنيته، فقال في ذلك جماعة منهم النمري قال:



ماذا ببغداد من طيب أفانين

و من عجائب للدنيا و للدين



اذا الصبا نفحت و الليل معتكر

فحرشت بين أغصان الرياحين



فاستحسنها الرشيد و قفل راجعا الي بغداد، فوهبت زبيدة للنمري جوهرة ثم دست اليه من اشتراها منه بثلاثمائة الف درهم [5] و صنعت لها بساطا من الديباج جمع صورة كل حيوان من جميع الاجناس، و صورة كل طائر من الذهب و أعينها من يواقيت و جواهر يقال انها انفقت عليها نحوا من الف الف دينار [6] و اتخذت آلة من الذهب المرصع بالجوهر، و الثوب من الوشي الرفيع يزيد ثمنه علي خمسين الف دينار [7] و قد مرضت ثلاث مرات فعالجها الطبيب بختيشوع فأعطته في كل مرة مائة الف دينار [8] و قد



[ صفحه 50]



ذكر المؤرخون الوانا كثيرة من سرفها و بذخها في أموال المسلمين و قد جعلها الاسلام لتصرف علي الفقير و المحروم.


پاورقي

[1] سيدات البلاط العباسي: ص 48.

[2] بين الخلفاء و الخلعاء ص 55.

[3] نفس المصدر ص 54.

[4] الاغاني: (ج 6 ص 77).

[5] طبقات الشعراء: ص 246.

[6] المستطرف: (ج 1 ص 98).

[7] الاغاني: (ج 6 ص 78).

[8] مطالع البدور: (ج 2 ص 138).