بازگشت

كوكبة الرواة و الأصحاب


و عملت مدرسة الامام الصادق (ع) عملا متواصلا، و بذلت مجهودا غير قليل لتثقيف العقل الانساني، و تطوير النهضة الفكرية و تقديم المسلمين في ميادين الحضارة و العلم. و قد ربت جيلا صالحا سباقا الي فعل الخير و المساعي الجليلة قد أدي رسالته الاصلاحية الشاملة الي الاجيال الصاعدة، فببركتها نضجت العقلية الاسلامية، و برزت معارف الاسلام و تعاليمه و آدابه الي الوجود العملي في مشارق الدنيا و مغاربها.

و لما فجع العالم الاسلامي بوفاة الامام الصادق (ع)، و قام الامام موسي (ع) بعد أبيه بادارة شؤون تلك المدرسة الكبري التي أعزت العلم و رفعت مناره، فقد أصبح منذ اليوم الأول بعد وفاة أبيه عميدا و زعيما للهيئة العلمية و النهضة الفكرية في عصره، و قد أقبل عليه العلماء و احتف به رجال الفكر، لا يفارقونه و لا يفترقون عنه، حتي بلغ من احتفائهم به و اقبالهم عليه انه اذا نطق بكلمة أو أفتي فتوي بنازلة بادروا الي تسجيل ذلك [1] ، و قد روي عنه هؤلاء العلماء جميع أنواع العلوم علي اختلافها و تباعد أطرافها من الحكمة، و تفسير الذكر الحكيم، و الفقه الاسلامي بجميع أبوابه... كما رووا عنه الآداب الاجتماعية و النصائح الرفيعة و الحث علي التضلع في العلم علي اختلاف أنواعه.

و لم تكن تلك الكوكبة من العلماء و الرواة التي كان يربوا عددها علي اربعة آلاف شخص علي مستوي واحد من حيث الثقة و العدالة، فقد كان فيهم عدد غير قليل من المنافقين و الكذابين الذين لم يتحرجوا من الكذب و الوضع فقد كانوا يضعون الحديث و الأخبار علي لسان النبي الامين (ص) و عترته الميامين ليأخذوا عوض ذلك الثمن من السلطة الحاكمة التي حاربت الاسلام و افسدت عقائد المسلمين، و مزقتهم شيعا و أحزابا «كل



[ صفحه 224]



حزب بما لديهم فرحون»، و هناك جمهرة أخري من المجهولين الذين لم يوثقوا و لم يجرحوا، و طائفة أخري من الضعفاء، كما ان فيهم عددا ضخما من الثقات و العدول الذين تحرجوا من الوضع و عرفوا بالصدق و الامانة و اليهم يستند الفضل في ضبط الأحكام الاسلامية و نشر فقه آل البيت (ع) و نظرا لوجود هذه الطوائف في رواة الأثر فقد انقسم الخبر بلحاظهم الي صحيح و حسن و ضعيف و موثق.

و علي أي حال فان الكثيرين من اصحاب الامام قد قاموا بدور مهم في التأليف و التصنيف و نشر الحضارة الاسلامية حتي ملأوا المكتبة العربية و الاسلامية في عصرهم بنتاجهم القيم الأمر الذي دل بحق علي أن لهم اليد الطولي في رفع منار العلم و تقويم الأخلاق و تهذيب الأفكار.

أما عدد أصحابه فقد ذكر أحمد بن خالد البرقي أنهم كانوا مائة و ستين شخصا [2] و هو اشتباه ظاهر ان كان مراده الحصر فان الظاهر من التحقيق ان اغلب المنتمين لمدرسة الامام الصادق (ع) قد بقوا بعد وفاة الامام ينتهلون من نمير علم الامام الكاظم و يتلقون العلوم و الفقه منه، و لعل البرقي أراد بهذا العدد الاعلام و النابهين منهم دون من يليهم في مراتب الفقه و الحديث و العلم و ها نحن نعرض ترجمة طائفة من أصحابه و رواة حديثه قد رتبناها علي حروف الهجاء.. و هي كما يلي:



[ صفحه 225]




پاورقي

[1] الأنوار البهية: ص 91.

[2] رجال البرقي: بخط الاستاذ الشيخ علي الخاقاني في مكتبته.