بازگشت

موقف الامام


و تميز موقف الامام موسي (ع) مع حكومة هارون بالشدة و الصرامة فقد حرم التعاون معها في جميع المجالات، و قد ظهر هذا الموقف جليا في حديثه مع صفوان فقد قال له الامام:



[ صفحه 73]



«يا صفوان، كل شي ء منك حسن جميل ما خلا شيئا واحدا»

فالتاع صفوان و ذابت نفسه لعلمه بأنه لم يخلد الي أي معصية فانبري للامام قائلا:

جعلت فداك أي شي ء؟!!

- كراؤك جمالك من هذا الطاغية - يعني هارون -

- و الله ما أكريته أشرا، و لا بطرا، و لا للصيد و لا للهو و لكن أكريته لهذا الطريق - يعني طريق مكة - و لا أتولاه بنفسي، و لكن أبعث معه غلماني.

فقال له الامام: يا صفوان، أيقع كراك عليهم؟

- نعم جعلت فداك.

- أتحب بقاءهم حتي يخرج كراك؟

- نعم

فقال (ع): من أحب بقاءهم فهو منهم، و من كان منهم كان واردا للنار.

و أعرب عليه السلام في حديثه عن نقمته البالغة، و سخطه الشديد علي حكومة هارون، و هو موقف صارم منبعث من صميم العقيدة الاسلامية التي أعلنت الحرب بغير هوادة علي الظالمين و المستبدين، و حرمت التعاون معهم بأي لون كان، و منعت من الركون اليهم بأي وجه من الوجوه، قال الله تعالي: «و لا تركنوا الي الذين ظلموا فتمسكم النار» كما كشف عليه السلام بحكمه هذا عن مدي مقاومة الاسلام للظالمين، فقد حرم علي المسلمين الميل اليهم و الرغبة في بقائهم حتي لو كان ذلك مستندا الي بعض المصالح الشخصية التي ترتبط بظلمهم و جورهم فان من أحب بقاء الظالمين كان معهم و حشر في زمرتهم في نار جهنم.



[ صفحه 74]



و حذر عليه السلام في بعض أحاديثه شيعته من الدخول في سلك حكومة هارون و التلبس بأي وظيفة من وظائف دولته، فقال (ع) لزياد ابن أبي سلمة:

«يا زياد، لأن أسقط من شاهق فأتقطع قطعة قطعة أحب الي من أن أتولي لهم عملا أو أطأ بساط رجل منهم» [1] .

و انما قاوم عليه السلام حكومة هارون بهذه المقاومة الشديدة لأن في ولايته درسا للعدل و تبديلا لسنة الله و محوا للحق و احياء للباطل و قتلا للاسلام فلذا حرم علي شيعته التعاون معه و استثني (ع) من ذلك ما اذا كانت الوظيفة لانقاذ المسلمين من الظلم و الجور، و قضاء حوائج المؤمنين فقد أباحها (ع) كما في حديثه مع علي بن يقطين، و هو مستثني من ولاية الجائر كما سنببنه في بعض فصول هذا الكتاب.

ان موقف الامام من حكومة هارون موقف صريح واضح يقضي بوجوب تحطيم حكمه و ازالة ملكه، اما الوسائل المحققة لذلك فسنبين أنه كان يري ضرورة المقاومة السلبية فقط، و أما غيرها فليست من رأيه لعلمه بفشلها و عدم نجاحها و سنذكر ذلك عند التعرض لمحنة العلويين في دوره.


پاورقي

[1] المكاسب للشيخ الانصاري: باب الولاية من قبل الجائر.