بازگشت

مجزرة رهيبة


و سلبت الرحمة و انعدمت الرأفة من نفس الطاغية هارون تجاه العلويين فقد ارتكب أبشع جريمة سجلها التأريخ تجاههم و هي اعدامه لجماعة منهم في ليلة واحدة بصورة محزنة تذهب النفس لهولها أسي و حسرات، و قد حدث بفصول تلك المأساة الرهيبة الجلاد حميد بن قحطبة، فقد روي عبيدالله النيسابوري قال: دخلت علي حميد بن قحطبة في شهر رمضان وقت الزوال فأحضرت المائدة فدعاني حميد الي تناول الطعام فقلت له: أيها الأمير، هذا شهر رمضان، و لست بمريض، و لا بي علة توجب الافطار، و لعل



[ صفحه 83]



الأمير له عذر في ذلك فقال لي ما بي علة توجب الافطار ثم دمعت عينه و بكي، و بعد فراغه من الطعام التفت اليه عبيدالله مستفهما عن سر بكائه فأجابه:

أنفذ الي هارون حينما كنت بطوس في غلس الليل فلما مثلت عنده قال لي:

كيف طاعتك لأميرالمؤمنين؟

- أفديه بالنفس و المال

فأطرق هارون برأسه ثم أذن لي بالانصراف، و بعد فترة قصيرة بعث خلفي فلما حضرت عنده قال لي:

- كيف طاعتك لأميرالمؤمنين؟

- أفديه بالنفس و الأهل و المال

فتبسم هارون ثم أذن لي بالانصراف، فلما دخلت منزلي عاودني الرسول مرة ثالثة قائلا أجب أميرالمؤمنين فلما حضرت عنده قال لي:

- كيف طاعتك لأميرالمؤمنين؟

- أفديه بالنفس و الأهل و المال و الدين

فتبسم، و قال: خذ هذا السيف، و امتثل ما يأمرك به الخادم، فأخذت السيف، و قدم الخادم أمامي حتي جاء بي الي بيت مغلق فاذا فيه بئر في وسطه، و ثلاثة بيوت مغلقة، ففتح بيتا منها فاذا فيه عشرون شخصا بين شيخ و كهل و شاب، فقال لي:

«ان أميرالمؤمنين، يأمرك بقتل هؤلاء، و كلهم من ولد علي و فاطمة».

فجعل يخرج لي واحدا بعد واحد و أنا أضرب عنقه حتي أتيت علي آخرهم فرمي بأجسادهم و رؤوسهم في تلك البئر، ثم فتح البيت الثاني و اذا



[ صفحه 84]



فيه عشرون شخصا فقال لي:

«ان أميرالمؤمنين، يأمرك بقتل هؤلاء جميعا، و كلهم من ولد علي و فاطمة».

و أخذ يخرج لي واحدا بعد واحد حتي أتيت علي آخرهم قتلا فرمي بأجسادهم و رؤسهم في تلك البئر، ثم فتح الباب الثالث و اذا فيه عشرون علويا و أمرني بقتلهم فجعل يخرج الي واحدا بعد واحد حتي أعدمت منهم تسعة عشر شخصا و بقي شيخ كبير فقال لي:

«تبا لك، أي عذر لك يوم القيامة اذا قدمت علي جدي رسول الله صلي الله عليه و آله و قد قتلت من أولاده ستين شخصا، فارتعدت فرائصي و أصابتني هزة عنيفة فنظر الي الخادم شزرا و نهرني، فأتيت علي ذلك الشيخ فقتلته و رميت به في ذلك البئر».

و التفت الي عبيدالله فقال له:

«اذا كان فعلي هذا، و قد قتلت ستين شخصا من ولد رسول الله صلي الله عليه و آله فما ينفعني صومي و صلاتي؟ و أنا لا أشك اني مخلد في النار» [1] .

و هذه المجزرة ان صحت نسبتها اليه [2] فانها تدل علي انه لا عهد له بالله و لا باليوم الآخر فقد أقدم علي هتك حرمات الله، و أراق دماء آل النبي (ص) بغير حق.



[ صفحه 85]




پاورقي

[1] البحار: 11 / 285 - 286: عيون اخبار الرضا.

[2] جاء في كل من تأريخ الطبري و النجوم الزاهرة أن حميد بن قحطبة توفي سنة (158) و ولاية الرشيد كانت سنة (170) و هو مناف لوقوع هذه الحادثة في أيام الرشيد و الاقرب ان هذه المجزرة وقعت أيام المنصور.