محمد بن علي
ابن النعمان، أبوجعفر المعروف بمؤمن الطاق من عمالقة الفكر الاسلامي و من عظماء الزمن الذين فتحوا باب التأريخ علي مصراعيه و دخلوا فيه أحرارا فسجلوا لامتهم و لعصرهم العز و الافتخار، كان مؤمن الطاق في طليعة علماء الاسلام في فقهه و علمه، و دفاعه عن حوزة الدين، ولكن بعض المؤرخين القدامي لم يجودوا الا بنتف يسيرة من آرائه و تراثه، و طعن الحاقدون عليه فألصقوا به شتي التهم و الظنون، و حملوه أوزارا كثيرة، و سبب ذلك - فيما
[ صفحه 311]
نحسب - مواقفه الشهيرة التي حاجج بها أئمة المذاهب الاسلامية، و سائر علماء عصره فأثبت بوضوح فكرة الامامة و التقائها بواقع الاسلام و هديه، مما أدي الي اثارة الاحقاد عليه.
و علي أي حال فقد لقبت الشيعة هذا العملاق العظيم «بمؤمن الطاق» و لقبه خصومه و أعداؤه «بشيطان الطاق» و سبب ذلك - فيما قالوا - انه كان يجلس للصرف في سوق يقع بطاق المحامل بالكوفة فاختصم مع شخص في درهم مزيف فغلب علي خصمه فلقب بذلك [1] و لا يحمل هذا التعليل أي طابع علمي فان هذه البادرة لا تستدعي لقبه بذلك و شيوعه بين الناس و الصحيح أن أول من لقبه بذلك أبوحنيفة عقب مناظرة جرت بحضرته بينه و بين بعض الحرورية [2] و لقبته الشيعة بمؤمن الطاق ردا علي أبي حنيفة
و حمل بعض المؤلفين عليه فقال: «انه الأحول الخبيث شيطان الطاق» [3] و هذا السباب الهزيل ينم عن حقد بالغ علي هذا المجاهد العظيم الذي نافح عن أهل البيت عليهم السلام، و انتصر لقضاياهم، و لابد لنا من وقفة قصيرة للحديث عنه.
پاورقي
[1] لسان الميزان 5 / 300.
[2] الاعلام: 6 / 154.
[3] مختصر التحفة الاثني عشرية: ص 2.