بازگشت

وصيته للشيعة


و أوصي المفضل جماعة من اخوانه الشيعة بهذه الوصية القيمة الحافلة بأخلاق أهل البيت (ع) و آدابهم و سيرتهم... و ينبغي أن تكون درسا و منهاجا لكل مسلم، و ذلك لما فيها من النصائح الرفيعة، و المثل الفذة، و هذا نصها:

«أوصيكم بتقوي الله وحده لا شريك له، و شهادة أن لا اله الا الله و أن محمدا عبده و رسوله، اتقوا الله و قولوا قولا معروفا. و ابتغوا رضوان الله، و اخشوا سخطه. و حافظوا علي سنة الله، و لا تتعدوا حدود الله و راقبوا الله في جميع أموركم. و ارضوا بقضائه فيما لكم و عليكم.

ألا و عليكم الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر.

ألا و من احسن اليكم فزيدوه احسانا، و اعفوا عمن أساء اليكم.

و افعلوا بالناس ما تحبون أن يفعلوه بكم.

ألا و خالطوهم بأحسن ما تقدرون عليه، و انكم أحري أن لا تجعلوا



[ صفحه 327]



عليكم سبيلا. عليكم بالفقه في دين الله و الورع عن محارمه و حسن الصحبة لمن صحبكم برا كان أو فاجرا.

ألا و عليكم بالورع الشديد فان ملاك الدين الورع صلوا الصلوات لمواقيتها و أدوا الفرائض علي حدودها.

ألا و لا تقصروا فيما فرض الله عليكم، و بما يرضي عنكم، فاني سمعت أباعبدالله (ع) يقول: تفقهوا في دين الله و لا تكونوا أعرابا، فانه من لم يتفقه في دين الله لم ينظر الله اليه يوم القيامة، و عليكم بالقصد في الغني و الفقر، و استعينوا ببعض الدنيا علي الآخرة، فاني سمعت أباعبدالله يقول: «استعينوا ببعض هذه علي هذه، و لا تكونوا كلا علي الناس» عليكم بالبر بجميع من خالطتموه و حسن الصنيع اليه.

ألا و اياكم و البغي فان أباعبدالله كان يقول: «ان أسرع الشر عقوبة البغي» أدوا ما افترض الله عليكم من الصلاة و الصوم و ساير فرائض الله، و أدوا الزكاة المفروضة الي اهلها فان أباعبدالله قال: «يا مفضل قل لأصحابك: يضعون الزكاة في أهلها و اني ضامن لما ذهب لهم» عليكم بولاية آل محمد (ص) اصلحوا ذات بينكم، و لا يغتب بعضكم بعضا. تزاوروا و تحابوا و ليحسن بعضكم الي بعض. و تلاقوا و تحدثوا و لا يبطنن بعضكم عن بعض [1] و اياكم و التصارم، و اياكم و الهجران فاني سمعت أباعبدالله يقول: «و الله لا يفترق رجلان من شيعتنا علي الهجران ألا برئت من أحدهما و لعنته و أكثر ما أفعل ذلك بكليهما، فقال له معتب [2] جعلت فداك هذا الظالم ما بال المظلوم؟ قال: لأنه لا يدعو اخاه الي صلته، سمعت أبي يقول: «اذا تنازع اثنان من شيعتنا ففارق أحدهما الآخر فليرجع المظلوم الي صاحبه حتي يقول له:



[ صفحه 328]



يا أخي أنا الظالم حتي ينقطع الهجران فيما بينهما، ان الله تبارك و تعالي حكم عدل يأخذ للمظلوم من الظالم» لا تحقروا و لا تجفوا فقراء شيعة آل محمد (ص) و الطفوهم و اعطوهم من الحق الذي جعله الله لهم في أموالكم و احسنوا اليهم. لا تأكلوا أموال الناس.

لا تأكلوا الناس بآل محمد (ص) فاني سمعت أباعبدالله يقول: «افترق الناس فينا علي ثلاث فرق: فرقة أحبونا انتظار قائمنا ليصيبوا من دنيانا، فقالوا: و حفظوا كلامنا و قصروا عن فعلنا، فيحشرهم الله الي النار، و فرقة أحبونا و سمعوا كلامنا و لم يقصروا عن فعلنا ليستأكلوا الناس بنا فيملأ الله بطونهم نارا يسلط عليهم الجوع و العطش، و فرقة أحبونا و حفظوا قولنا و أطاعوا أمرنا و لم يخالفوا فعلنا فأولئك منا و نحن منهم» و لا تدعوا صلة آل محمد (ص) من أموالكم من كان غنيا فبقدر غناه، و من كان فقيرا فبقدر فقره، فمن أراد أن يقضي الله له أهم الحوائج فليصل آل محمد و شيعتهم بأحوج ما يكون اليه من ماله لا تغضبوا من الحق اذا قيل لكم، و لا تبغضوا أهل الحق اذا صدعوكم به، فان المؤمن لا يغضب من الحق اذا صدع به.

و قال أبوعبدالله مرة و أنا معه: يا مفضل كم أصحابك؟ فقلت: قليل، فلما انصرفت الي الكوفة أقبلت علي الشيعة فمزقوني كل ممزق، يأكلون لحمي و يشتمون عرضي حتي أن بعضهم استقبلني فوثب في وجهي، و بعضهم قعد لي في سكك الكوفة يريد ضربي، و رموني بكل بهتان حتي بلغ ذلك أباعبدالله (ع) فلما رجعت اليه في السنة الثانية كان أول ما استقبلني به بعد تسليمة علي أن قال: يا مفضل ما هذا الذي بلغني أن هؤلاء يقولون لك و فيك؟ قلت: و ما علي من قولهم، قال: «أجل بل ذلك عليهم، أيغضبون بؤس لهم، انك قلت ان أصحابك قليل، لا والله ما هم لنا شيعة



[ صفحه 329]



و لو كانوا لنا شيعة ما غضبوا من قولك، و ما اشمأزوا منه، لقد وصف الله شيعتنا بغيرما هم عليه، و ما شيعة جعفر الا من كف لسانه، و عمل لخالقه و رجا سيده، و خاف الله حق خيفته، ويحهم أفيهم من قد صار كالحنايا من كثرة الصلاة او قد صار كالتائه من شدة الخوف أو كالضرير من الخشوع أو كالضني من الصيام أو كالأخرس من طول الصمت و السكوت أو هل فيهم من قد أدأب ليله من طول القيام و أدأب نهاره من الصيام، أو منع نفسه لذات الدنيا و نعيمها خوفا من الله و شوقا الينا أهل البيت، الي آخر وصيته، و قد حفلت بالحث علي تقوي الله و طاعته و فعل الخير [3] .


پاورقي

[1] في بعض النسخ «لا يبطئن».

[2] معتب: مولي أبي عبدالله (ع) و من خواص أصحابه.

[3] تحف العقول: ص 513 - 515.