مع عمرو بن عبيد
و طلب الامام الصادق (ع) من هشام أن يقص عليه مناظراته مع عمرو بن عبيد الزعيم الروحي للمعتزلة فقال له هشام:
- اني أجلك، و استحي منك فلا يعمل لساني بين يديك.
- اذا أمرتك بشي ء فافعله.
فامتثل هشام أمر الامام و اخذ يحدثه بقصته مع عمرو قائلا له:
بلغني ما كان فيه عمرو بن عبيد و جلوسه في مسجد البصرة، و عظم ذلك علي، لأنه كان ينكر الامامة، و يقول: مات رسول الله (ص) بلا وصي، فخرجت اليه و دخلت البصرة فأتيت مسجدها، و اذا أنا بحلقة كبيرة، و اذا أنا بعمرو بن عبيد عليه شملة سوداء مؤتزر بها من صوف و شملة مرتد بها و الناس يسألونه فاستفرجت الناس فأفرجوا لي، ثم قعدت في آخر القوم علي ركبتي ثم قلت له:
- أيها العالم أنا رجل غريب، أتأذن لي أن أسألك عن مسألة؟
- نعم.
- ألك عين؟
- يا بني، أي شي ء هذا من السؤال؟
- هذه مسألتي.
- يا بني، و ان كانت مسألتك حمقي؟
- أجبني فيها.
- سل؟
- ألك عين؟
- نعم.
[ صفحه 345]
- فما تري بها؟
- أري بها الألوان و الأشخاص.
ألك أنف؟
- نعم.
- ما تصنع به؟
- أشم به الرائحة.
- ألك فم؟
- نعم.
- ما تصنع به؟
- أتكلم به.
- ألك اذن؟
- نعم.
- ما تصنع بها؟
- أسمع بها الأصوات.
- ألك يدان؟
- نعم.
- ما تصنع بهما؟
- أبطش بهما و أعرف اللين من الخشن.
- ألك رجلان؟
- نعم.
- ما تصنع بهما؟
- انتقل بهما من مكان الي مكان.
- ألك قلب؟
[ صفحه 346]
- نعم.
- ما تصنع به؟
- أميز به كلما ورد علي هذه الجوارح.
- أفليس في هذه الجوارح غني عن القلب؟
- لا.
- و كيف ذلك و هي صحيحة سليمة؟
- يا بني، ان الجوارح اذا شكت في شي ء شمته أو ذاقته، فتؤديه الي القلب، فيتيقن اليقين، و يبطل الشك.
- فانما أقام الله القلب لشك الجوارح؟
- نعم.
- فلابد من القلب و الا لم تستيقن الجوارح؟
- نعم.
و بعدما أخذ هشام من عمرو هذه المقدمات كر عليه في ابطال ما ذهب اليه من أن رسول الله (ص) مات بلا وصي فقال له: «يا أبامروان ان الله لم يترك جوارحك حتي جعل لها اماما يصحح لها الصحيح و ينفي ما شكت فيه، و يترك هذا الخلق كلهم في حيرتهم و شكهم و اختلافهم لا يقيم لهم اماما يردون اليه شكهم و حيرتهم و يقيم لك اماما لجوارحك ترد اليه حيرتك و شكك!!
فسكت عمرو و لم يطق جوابا فقد سد عليه هشام كل نافذة يخرج منها و التفت اليه بعد أن استولي عليه صمت رهيب قائلا له:
- أنت هشام؟
- لا.
- أجالسته؟
[ صفحه 347]
- لا.
- من أين أنت؟
- من أهل الكوفة.
- أنت اذن هو؟
ثم قام اليه فصافحه و أجلسه في مجلسه، و ما نطق بشي ء حتي قام، فسر الامام بذلك سرورا بالغا، و اعجبته هذه المناظرة الرائعة أي اعجاب [1] .
پاورقي
[1] الكشي ص: 176 - 177، الامالي 1 / 55، مروج الذهب 2 / 382.