بازگشت

السيد المرتضي


و فند السيد المرتضي جميع المزاعم التي رمي بها هشام، و نحن نسوق كلامه بأسره لما فيه من مزيد الفائدة، قال رحمه الله:

«فأما ما رمي به هشام بن الحكم من القول بالتجسيم فالظاهر من الحكاية عنه القول: «بجسم لا كالأجسام» و لا خلاف في أن هذا القول ليس بتشبيه، و لا ناقض لأصل، و لا معترض علي فرع و انه غلط في عبارة يرجع في اثباتها و نفيها الي اللغة، و أكثر أصحابنا يقولون: انه أورد ذلك علي سبيل المعارضة للمعتزلة، فقال لهم: اذا قلتم ان القديم تعالي شي ء



[ صفحه 355]



لا كالأشياء فقولوا: انه جسم لا كالأجسام، و ليس كل من عارض بشي ء و سأل عنه أن يكون معتقدا له و متدينا به، و قد يجوز أن يكون قصد به الي استخراج جوابهم عن هذه المسألة، و معرفة ما عندهم فيها، أو الي أن يبين قصورهم عن ايراد المرتضي في جوابها الي غير ذلك مما لا يتسع ذكره، فأما الحكاية أنه ذهب في الله تعالي أنه جسم له حقيقة الأجسام الحاضرة، و حديث «الأشبار» المدعي عليه فليس نعرفه الا من حكاية الجاحظ عن النظام، و ما فيها الا متهم عليه غير موثوق بقوله، و جملة الأمر ان المذاهب يجب أن تؤخذ من أفواه قائليها و أصحابهم المختصين بهم و من هو مأمون في الحكاية عنهم، و لا يرجع الي دعاوي الخصوم فانه ان يرجع الي ذلك اتسع الخرق و جل الخطب، و لم نثق بحكاية في مذهب، و لو كان هشام يذهب الي ما يدعونه من التجسيم لوجب أن نعلم ذلك ليزول اللبس فيه كما يعلم قول الخوارزمي في ذلك، و لا نجد له دافعا و مما يدل علي براءة هشام من هذه التهم ما روي عن الامام الصادق (ع) في قوله: لا تزال يا هشام مؤيدا بروح القدس ما نصرتنا بلسانك» و قوله (ع) حين دخل عليه و عنده مشايخ الشيعة، فرفعه علي جماعتهم و أجلسه الي جانبه و هو اذ ذاك حدث السن فقال: «هذا ناصرنا بقلبه و يده و لسانه» و قوله (ع): «هشام بن الحكم رائد حقنا و سابق قولنا المؤيد لصدقنا و الدافع لباطل أعدائنا من تبعه و تبع أمره تبعنا» و من خالفه و الحد فيه فقد عادانا و الحد فينا» و انه (ع) كان يرشد اليه في باب النظر و الحجاج و يحث الناس علي لقائه و مناظرته، فكيف يتوهم عاقل - مع ما ذكرناه في هشام - هذا القول بأن ربه سبعة أشبار بشبره و هل ادعاء ذلك عليه - رضوان الله عليه مع اختصاصه المعلوم بالصادق (ع) و قربه منه و أخذه عنه - الا قدح في أمر الصادق عليه السلام و نسبته الي المشاركة في الاعتقاد، و الا كيف لم يظهر عنه من



[ صفحه 356]



النكير عليه و التبعيد له، ما يستحقه المقدم علي هذا الاعتقاد المنكر و المذهب الشنيع، و أما حدوث العلم، فهو أيضا من حكاياتهم المختلفة و ما نعرف للرجل فيه كتابا و لا حكاه عنه ثقة، فأما «الجبر» و تكليفه بما لا يطاق مما لا نعرفه مذهبا له، و لعله لم يتقدم صاحب الكتاب [1] في نسبة ذلك اليه غيره اللهم الا أن يكون شيخه أبوعلي الجبائي فانه يملي ذلك تحامل و عصبية، و قليل هذه الحكايات ككثيرها في أنها اذا لم تنقل من جهة الثقة و كان المرجع فيها الي قول الخصوم المتهمين لم يحفل بها و لم يلتفت اليها، و ما قدمناه من الأخبار المروية عن الصادق (ع) و ما يظهر من اختصاصه به و تقريبه له من بين أصحابه يبطل كل ذلك و يزيف حكاية روايته عنه» [2] .

و هذا الدفاع الذي أفاده الامام المرتضي لم يبق أي اتهام علي هشام فقد دفع جميع الشبه التي طعن بها.


پاورقي

[1] هو القاضي عبدالجبار.

[2] الشافي: ص 12 - 13.