بازگشت

مع أبي السرايا


و لابد لنا من الاحاطة - و لو اجمالا - بحادثة ابي السرايا لأنها تلتقي مع غير واحد من اولاد الامام (ع).

لقد فجر تلك الثورة الخطيرة في بدايتها، و وضع تصميمها و مخططاتها الزعيم العظيم محمد بن ابراهيم المعروف بالطباطبائي [1] فقد رأي ما مني به المسلمون من الظلم الفاحش و ما عاناه العلويون من صنوف التنكيل و الارهاق و انه كان شديد الرقة و العطف علي الضعفاء و المحرومين و قد حفزته روحه الطاهرة الي اعلان الثورة، فقد حدث المؤرخون عنه أنه كان في بعض شوارع الكوفة اذ وقع بصره علي عجوز تتبع احمال الرطب فتلتقط ما يسقط منها فتجمعه في كساء رث، فسألها عن ذلك، فقالت له:

«اني امرأة لا رجل لي ليقوم بمؤنتي، ولي بنات لا يعدن أنفسهن بشي ء، فأنا اتتبع هذا في الطريق و أتقوته أنا و ولدي».

و لما سمع ذلك انفجر باكيا و التفت اليها قائلا:



[ صفحه 399]



«و الله انت و أشباهك تخرجوني غدا حتي يسفك دمي» [2] .

و كان من الطبيعي أن يدفعه هذا الاحساس و الحدب علي الفقراء الي المطالبة بحقوقهم و اعلان الثورة علي الظالمين.

و أخذ يدبر اموره، فاتصل بزعماء العرب، و شخصيات المسلمين طالبا منهم المساعدة و الاشتراك معه في مقاومة الظلم و قلب الحكم القائم آنذاك، و قد التقي بالزعيم العربي نصر بن شيث [3] فاندفع يحرضه علي الانتفاضة و ذكر ما جري علي اهله و شيعته من الظلم و الجور قائلا:

«حتي متي توطئون بالخسف و تهتضم شيعتكم، و ينزي علي حقكم؟» [4] .

فألهبت هذه الكلمات قلبه، و دفعته الي الاسراع في ثورته، و من الأسباب المهمة التي حفزته الي المبادرة في نهضته هو اختلاف العباسيين و تفرق كلمتهم بسبب الفتنة التي حدثت بين الأمين و المأمون، فقد اوجبت فقدان الاستقرار و الأمن و شيوع الاضطراب بين الناس و تطلعهم الي من ينقذهم مما هم فيه.


پاورقي

[1] سمي بذلك لأن أباه لقبه بها للكنة في لسانه أيام طفولته ذكر ذلك ابن خلدون في تاريخه (ج 4 ص 8).

[2] مقاتل الطالبيين: ص 339.

[3] نصر بن شيث احد رؤساء القبائل الساكنة في الجزيرة في العراق و كانت له ميول علوية.

[4] مقاتل الطالبيين: ص 519.