بازگشت

اعلان الثورة


و اتفق محمد، و أبوالسرايا علي اعلان الثورة، و الاطاحة بالحكم العباسي فزحف أبوالسرايا بجيوشه نحو نينوي، و اتجه الي قبر سيدالشهداء (ع) فزار المرقد العظيم، و أطال الزيارة، و جعل يتمثل بأبيات منصور النمري قائلا:



نفسي فداء الحسين يوم غدا

الي المنايا عدو لا قافل



ذلك يوم أنحي بشفرته

علي سنام الاسلام و الكاهل



كأنما أنت تعجبين ألا

ينزل بالقوم نقمة العاجل



لا يعجل الله ان عجلت و ما

ربك عما ترين بالغافل



مظلومة و النبي و الدها

يدير أرجاء مقلة حافل



ألا مساعير يغضبون لها

بسلة البيض و القنا الذابل



و وثب، فقال: من كان هاهنا من الزيدية فليقم الي فوثب اليه جماعات من الناس، فدنوا منه، فخطبهم خطبة طويلة ذكر فيها أهل البيت (ع) و فضلهم، و ما خصوا به، و ذكر فعل الأمة بهم، و ظلمها لهم ثم ذكر الامام الحسين (ع) فقال:

«أيها الناس هبكم لم تحضروا الحسين فتنصروه، فما يقعدكم عمن



[ صفحه 402]



أدركتموه و لحقتموه؟ و هو غدا خارج طالب بثأره و حقه، و تراث آبائه و اقامة دين الله، و ما يمنعكم من نصرته و مؤازرته، انني خارج من وجهي هذا الي الكوفة للقيام بأمر الله و الذب عن دينه، و النصر لأهل بيته، فمن كانت له نية في ذلك فليلحق بي».

واتجه بجيوشه الي الكوفة... و أما محمد، فقد أعلن الثورة في اليوم الذي اتفق فيه مع أبي السرايا، و قد بايعه جمهور غفير من الناس، و ظل يترقب بفارغ الصبر قدوم أبي السرايا عليه حتي يئس منه أصحابه، و لاموا محمدا علي الاستعانة به، و اغتم محمد لتأخره عنه، و بينما هم في قلق و اضطراب اذ طلعت عليهم جيوش أبي السرايا، ففرح محمد و سر سرورا بالغا، و لما بصر به أبوالسرايا ترجل عن فرسه، و أقبل اليه فاعتنقه، و سارا معا الي الكوفة، فلما انتهي اليها ازدحمت الجماهير، و بايعته بالاجماع، و أظهروا فرحتهم الكبري بذلك، و كانت بيعتهم في موضع بالكوفة يعرف بقصر الضرتين [1] .

و لما توفرت الجيوش لمحمد أعلن ثورته و كانت في سنة (199 ه) من شهر جمادي الثانية [2] و زحف الثوار الي الكوفة فاحتلوها، و هجموا علي واليها الفضل بن عيسي فنهبوا جميع ما في قصره، ولكن أباالسرايا لم يكن راغبا في ذلك و أصدر الأوامر المشددة بالكف عن السلب و النهب و مراقبة العابثين كما أصدر أوامره بارجاع المنهوبات الي أهلها، و انهزم الفضل بن عيسي فقوي أمر أبي السرايا و أحرز نصرا رائعا، و قد أرسل والي العراق الحسن بن سهل جيشا يربو علي ثلاثة آلاف فارس بقيادة زهير بن الحسن



[ صفحه 403]



لحرب أبي السرايا، فلما انتهي الجيش الي الكوفة قاومه أبوالسرايا بقوة و عزم، فهزمه ورده علي أعقابه و قد مني بالفشل و الخسران و استولي علي جميع امتعته [3] و انتصر أبوالسرايا و اندحر عدوه و سري الرعب و الفزع في نفوس العباسيين، فقد أيقن الكثيرون منهم ان الثورة قد نجحت.


پاورقي

[1] مقاتل الطالبيين: ص 533.

[2] تأريخ ابن خلدون، و في مقاتل الطالبيين: أنه ثار في شهر جمادي الأولي.

[3] الخضري: ص 239، و جاء في المقاتل ان الجيش كان بقيادة عبدوس بن عبدالصمد.