بازگشت

مع أبي السرايا


و أجمع المترجمون لزيد أنه ممن خرج مع أبي السرايا، و انه كان واليا من قبله علي البصرة، ولكن الروايات اختلفت في بيان حاله بعد فشل تلك الثورة. و هذه بعضها:

«الأولي»: انه لما دخل البصرة و غلب عليها أحرق دور بني العباس و أضرم النار في نخيلهم و جميع أسبابهم فقيل له «زيد النار» و حاربه الحسن ابن سهل فظفر به، و أرسله الي المأمون فأدخل عليه بمرو مقيدا فأرسله المأمون الي أخيه الرضا و وهب له جرمه فخلف الامام الرضا أن لا يكلمه أبدا [1] .

«الثانية» أنه لما كان من أمر أبي السرايا ما كان، استتر زيد فطلبه الحسن بن سهل فدل عليه فحبسه فلم يزل في الحبس ببغداد حتي ظهر ابراهيم



[ صفحه 421]



المهدي المعروف بابن شكلة فاجتمع أهالي بغداد علي السجن فأخرجوه منه فمضي الي المدينة فأحرق الدور و قتل جماعة، و دعا لبيعة محمد بن جعفر بن محمد، فبعث اليه المأمون جيشا فأسره و حمله اليه، فقال له: يا زيد خرجت بالبصرة، و تركت أن تبدأ بدور أعدائنا من بني أمية وثقيف و غني [2] و باهلة و آل زياد، و قصدت دور بني عمك، فقال له: اخطأت يا أميرالمؤمنين من كل جهة، ان عدت للخروج بدأت بأعدائنا، فضحك المأمون و بعثه الي أخيه الرضا (ع) و قال قد وهبت لك جرمه فأحسن أدبه، فلما مثل عند الامام عنفه و خلي سبيله، و حلف أن لا يكلمه أبدا ما عاش [3] .

«الثالثة»: انه لما قتل أبوالسرايا تفرق الطالبيون فتواري بعضهم ببغداد، و بعضهم بالكوفة، و بعضهم بالمدينة، و كان ممن تواري زيد، فطلبه الحسن بن سهل، فدل عليه، فلما جي ء به اليه أمر بحبسه ثم أخرجه من السجن و أمر بضرب عنقه فانبري اليه الحجاج بن خثيمة فقال له: أيها الأمير، ان رأيت أن لا تعجل و تدعوني البك فان عندي نصيحة، فأجابه الي ذلك، فقال له:

أيها الأمير، أتاك بما تريد أن تفعله أمر من أميرالمؤمنين؟

فقال: لا

فقال: علام تقتل ابن عم أميرالمؤمنين من غير اذنه و أمره و استطلاع رأيه فيه؟ ثم حدثه بحديث أبي عبدالله بن الأفطس، و ان الرشيد حبسه عند جعفر بن يحيي فأقدم عليه جعفر فقتله من غير اذنه و بعث برأسه اليه في طبق مع هدايا النيروز، و ان الرشيد لما أمر مسرور الكبير بقتل جعفر ابن يحيي قال له: اذا سألك جعفر عن ذنبه الذي تقتله به، فقل له:



[ صفحه 422]



انما أقتلك بابن عمي ابن الافطس الذي قتلته من غير أمري، ثم قال الحجاج للحسن: أفتأمن أيها الامير أن تحدث حادثة بينك و بين أميرالمؤمنين، و قد قتلت هذا الرجل فيحتج عليك بما احتج به الرشيد علي جعفر بن يحيي؟ فقال جزاك الله خيرا ثم أمر برد زيد الي محبسه فلم يزل محبوسا الي أن ظهر أمر ابراهيم بن المهدي فهجم أهالي بغداد علي السجن فأخرجوه منه، ولكن الشرطة قبضت عليه و حمل الي المأمون، فبعث به الي أخيه الرضا فأطلقه [4] .

«الرابعة»: لما ثار زيد في البصرة أرسل المأمون عليه الحسن بن سهل فظفر به فأرسله الي المأمون مقيدا الي «مرو» ثم أن المأمون قال: لأخيه الرضا، قد خرج علينا أخوك، و فعل ما فعل، و قد خرج قبله زيد ابن علي بن زين العابدين و الآن قد عفونا عنه اكراما لك، و وهبناه اياك و لولا عظيم منزلتك لأمرت بصلبه، و ان الذي أتاه ليس بالشي ء الحقير فقال له الامام الرضا (ع) «لا تقس زيدا الي زيد بن علي فانه كان من علماء آل محمد، فقد غضب لدين الله، و خرج مجاهدا لأعداء الله في سبيل الله، حتي قتل شهيدا»، ثم أن الامام أمر باطلاق زيد و حلف أن لا يكلمه» [5] .

هذه بعض الروايات التي بينت حاله بعد فشل ثورة أبي السرايا و هي مختلفة في بيان حاله، ولكنها متفقة علي أن المأمون قد اطلق سراحه و عفا عنه و انه لم ينل عقوبة من السلطان و لم يتعرض لأي مكروه.


پاورقي

[1] عمدة الطالب، بحر الأنساب.

[2] غني: حي من غطفان.

[3] جامع الأنساب: ص 65.

[4] البحار: 3 / 65، عيون اخبار الرضا.

[5] تحفة الأزهار.