في العصر الأموي
و ظهرت بوادر الزندقة في العصر الأموي، فقد أعلن بعض ملوك الامويين كلمة الكفر، و المروق من الدين فهذا يزيد بن معاوية حينما قتل سبط الرسول (ص) و ريحانته سيد شباب أهل الجنة الأمام الحسين (ع) جعل يتمثل بقول ابن الزبعري:
لعبت هاشم بالملك فلا
خبر جاء و لا وحي نزل
[ صفحه 125]
و قد ورث هذه النزعة الالحادية من آبائه نجده أبوسفيان قال أمام عثمان بن عفان مخاطبا لفتيان بني أمية: «تلاقفوها يا بني أمية تلاقف الكرة بأيدي الصبيان فو الذي يحلف به أبوسفيان ما من جنة و لا نار» و لم يوجه له عثمان عتابا، و لم ينزل به عقابا.
و كانت هذه الظاهرة ماثلة عند اغلب ملوكهم فهذا الوليد حينما استفتح بكتاب الله العزيز، و خرجت الآية «و خاب كل جبار عنيد» غضب و عمد الي جعل الكتاب العظيم غرضا لسهامه حتي مزقه، و هو يقول:
تهددني بجبار عنيد
فها أنا ذاك جبار عنيد
اذا ما جئت ربك يوم حشر
فقل يا رب مزقني الوليد
و هذا يدل بوضوح علي كفره و ارتداده عن الدين، و قد تغذي اكثرهم بهذه النزعة الالحادية، فقد عمدوا الي جعل المربين لابنائهم من الزنادقة فكان عبدالصمد بن عبد الأعلي مربي الوليد و مؤدبه زنديقا [1] ، و كان الجعد بن درهم [2] زنديقا، و هو مربي آخر ملوك الامويين، مروان بن محمد [3] و يري ابن النديم: ان الجعد قد أدخل مروان و ولده في الزندقة [4] و نص الدوري أن الجعد كان في طليعة من بشر في المانوية في عصره [5] .
و من أبرز الزنادقة في العصر الأموي يونس بن أبي فروة، و عمارة بن حمزة، و المطيع بن أياس، و مخضرمو الدولتين الأموية و العباسية» و هم
[ صفحه 126]
الحمادون الثلاث حماد عجرد، و حماد الزبرقان، و حماد الراوية [6] .
لقد تكونت جذور الفكرة الالحادية أيام الحكم الاموي الذي كان مصدرا لجميع الحركات الهدامة في الاسلام.
پاورقي
[1] الاغاني.
[2] نسب مروان الي مربيه فقيل له: «مروان الجعدي».
[3] الاغاني.
[4] الفهرست: ص 472.
[5] الجذور التأريخية للشعوبية: ص 26.
[6] الامالي: 1 / 134.