بازگشت

صلابة موقف الامام


كان موقف الامام موسي (ع) من الطاغية هارون موقفا سلبيا تمثلت فيه صرامة الحق و صلابة العدل - كما بيناه في بعض فصول هذا الكتاب - فقد حرم علي شيعته التعاون مع السلطة الحاكمة بأي وجه من الوجوه، فكره لصاحبه صفوان الجمال أن يكري جماله لهارون مع أنها تكري لحج بيت الله الحرام، فاضطر صفوان لبيع جماله، ففهم هارون، فملي ء قلبه بالحقد علي صفوان و هم بقتله، و كذلك منع زياد بن أبي سلمة من وظيفته و قد شاعت في الاوساط الاسلامية فتوي الامام بحرمة الولاية من قبل هارون و أضرابه من الحكام الجائرين، فأوغر ذلك قلب هارون و ساءه الي أبعد الحدود

ان الامام (ع) لم يصانع هارون و لم يتسامح معه فكان موقفه معه صريحا واضحا فقد دخل عليه في بعض قصوره المشيدة الجميلة التي لم ير مثلها في بغداد و لا في غيرها، فانبري اليه هارون و قد اسكرته نشوة الحكم قائلا:

ما هذه الدار؟

فأجابه الامام غير معتن بسلطانه و جبروته قائلا له:

«هذه دار الفاسقين، قال الله تعالي: «سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق، و ان يروا كل آية لا يؤمنون بها، و ان يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا و ان يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا»

و مشت الرعدة في جسم هارون، و استولت عليه موجة من الاستياء فقال للامام: - دار من هي؟.



[ صفحه 460]



- هي لشيعتنا فترة، و لغيرهم فتنة.

- ما بال صاحب الدار لا يأخذها.

- أخذت منه عامرة و لا يأخذها الا معمورة.

- اين شيعتك؟.

- فتلا الامام (ع) قوله تعالي: «لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب و المشركين منفكين حتي تأتيهم البينة».

فثار هارون، و قال بصوت يقطر غضبا.

- انحن كفار؟.

- لا، ولكن كما قال الله تعالي: الذين بدلوا نعمة الله كفرا و أحلوا قومهم دار البوار».

فغضب هارون و أغلظ في كلامه علي الامام [1] ان موقف الامام (ع) كان مع هارون موقفا لا لين فيه، فانه يراه غاصبا لمنصب الخلافة و مختلسا للسلطة و الحكم.

الي هنا ينتهي بنا الحديث عن بيان بعض الأسباب التي دعت الرشيد الي اعتقال الامام (ع).



[ صفحه 463]




پاورقي

[1] البحار: 11 / 279.