بازگشت

نهاية المطاف


أي خطب مريع هذا الذي حل بسبط النبي (ص) و وديعته في أمته و شبيه المسيح عيسي بن مريم في تقواه و ورعه، فقد سدت عليه نوافذ الحياة و حفت به جميع الوان المصاعب، و المكاره، و صب عليه الطاغية هارون جام غضبه، فأذاقه جميع صنوف الهوان و التنكيل، فكبله بالقيود، وزجه في السجون، و أرصد عليه العيون خوفا من العطف أو الترفيه عليه، فأخذ ينقله من سجز الي سجن، و نكل بكل من أكرمه و رعي جانبه، فجلد ابن يحيي و أعلن سبه و شهر به لأنه لم يضيق عليه.

لقد أعيا الرشيد أمر الامام (ع) و أقض مضجعه انتشار اسمه و ذيوع فضله و تحدث الناس عن محنته و اضطهاده، فأوعز الي كبار رجال دولته باغتياله فلم يجيبوه لذلك، لما رأوه من كرامات الامام (ع) و انقطاعه الي الي الله، و اقباله علي العبادة، فخافوا علي نعمتهم من الزوال ان تعرضوا له بمكروه، و أخيرا لم يجد شريرا ينفذ رغباته سوي السندي بن شاهك [1] .



[ صفحه 486]



الوغد الأثيم الذي لا يؤمن بالآخرة و لا يرجو لله وقارا، فنقله الي سجنه و أمره بالتضييق عليه، فاستجاب الأثيم لذلك، فقابل الامام بكل جفوة و قسوة، و الامام صابر محتسب، قد كظم غيظه، و أوكل أمره الي الله.

يا لهول الفادحة الكبري التي مني بها الامام حينما نقل الي سجن السندي ابن شاهك، فقد جهد في ارهاقه و تنكيله، و بالغ في أذاه، و التضييق عليه في مأكله و مشربه، و تكبيله بالقيود، و ما رآه الا سبه و شتمه، كل ذلك ليتقرب لهارون و ينال من دنياه.

و نعرض لما جري عليه في هذا الدور الرهيب الذي هو آخر أدوار حياته و أقساها كما نذكر بعض شؤونه الأخري كوصاياه و أوقافه، و غيرها مما يرتبط بالموضوع:


پاورقي

[1] السندي بن شاهك هو ابوالمنصور و مولي المنصور الدوانيقي ولي دمشق من قبل موسي بن عيسي في خلافة الرشيد، ذكر ذلك الصفدي في كتابه «أمراء دمشق ص 39 «و نظمه ايضا في ارجوزته التي ذكر فيها امراء دمشق «ص 122 «بقوله:



و كان قد ولي بها بن شاهك

خلافة و لم يكن بمالك



و ذكر الجاحظ في «حياة الحيوان: 5 / 393 «حديثا عنه حينما ولي الشام يتعلق في تسويته بين القحطانية و العدنانية، و ذكر الجهشياري في: «الوزراء و الكتاب ص 188 «أن السندي في أيام الرشيد كان يلي الجسرين في بغداد، و انه وكل بحراسة دور البرامكة لما أراد الرشيد الانتقام منهم، و جاء في «المصايد و المطارد ص 7 «كان له ولدان أحدهما الحسين و الآخر ابراهيم، و ان حفيده كشاجم الشاعر المشهور و الكاتب المعروف، انه من ألمع شخصيات عصره في علمه و أدبه، و أفاد المحقق القمي في «الكني و الألقاب: 3 / 93 «ان كشاجم من شعراء أهل البيت (ع) المجاهرين و له قصائد في مدح آل محمد، و ذكر ابن شهرآشوب في «المناقب» ان الله انتقم من السندي في اليوم الذي توفي فيه الامام، فقد نفر به فرسه و ألقاه في نهر دجلة فمات فيه، ولكن المسعودي ذكر في «مروج الذهب: 3 / 322 «أنه بقي الي أيام المأمون و ذكر له حديثا يتعلق في حصار بغداد.