مع المسيب بن زهرة
كان المسيب بن زهرة موكلا بحراسة الامام (ع) أو انه نقل من حبس السندي الي داره علي ما يستفاد من بعض المصادر، و كان الرجل من دعاة
[ صفحه 513]
الدولة العباسية، فقد ولي شرط بغداد أيام المنصور و المهدي و الرشيد، كما ولي خراسان أيام المهدي [1] و كان علي جانب من الغلظة و الشذة، فكان أبوجعفر المنصور اذا أراد بأحد خيرا أمر بتسليمه الي الربيع، و اذا أراد برجل شرا أمر بتسليمه الي المسيب [2] و لما حبس الامام عنده أو وكل بحبسه أثر عليه الامام و هيمن علي مشاعره، فاهتدي الي طريق الحق و الصواب فكان من خلص الشيعة و من حملة أسرار الأئمة [3] و قد استدعاه الامام قبل وفاته بثلاثة أيام فلما مثل عنده قال له:
- يا مسيب
- لبيك يا مولاي
- اني ظاعن في هذه الليلة الي المدينة، مدينة جدي رسول الله (ص) لأعهد الي علي ابني ما عهده الي آبائي، و أجعله وصيي و خليفتي، و آمره بأمري.
- يا مولاي، كيف تأمرني أن أفتح لك الأبواب و أقفالها و الحرس مع علي الأبواب؟؟!.
- يا مسيب ضعف يقينك في الله عزوجل و فينا؟
[ صفحه 514]
- لا، يا سيدي ادع الله أن يثبتني
- اللهم، ثبته، ثم قال: ادعو الله عزوجل باسمه العظيم الذي دعا به آصف حين جاء بسرير بلقيس فوضعه بين يدي سليمان قبل ارتداد طرفه اليه، حتي يجمع بيني و بين علي ابني بالمدينة.
قال المسيب: فسمعته يدعو، ففقدته عن مصلاه فلم أزل قائما علي قدمي حتي رأيته قد عاد الي مكانه و اعاد الحديد الي رجليه، فوقعت علي وجهي ساجدا شاكرا لله علي ما أنعم به علي من معرفته، و التفت الامام (ع) له فقال:
«يا مسيب، ارفع رأسك، و اعلم أني راحل الي الله عزوجل في ثالث هذا اليوم».
قال المسيب: فبكيت، فلما رآني الامام (ع) و أنا باك حزين قال لي:
«لا تبك يا مسيب فان عليا ابني هو امامك، و مولاك بعدي فاستمسك بولايته فانك لن تضل ما لزمته» قال المسيب: الحمد لله علي ذلك [4] .
پاورقي
[1] تأريخ بغداد: 13 / 137، و جاء فيه أن وفاته كانت سنة 275 ه و قيل سنة 276 ه و هذا لا يتفق مع ما ذكر من أن الامام كان في سجنه أو كان موكلا بحراسته، فان الامام (ع) توفي سنة 183 ه و الصحيح انه توفي سنة 185 ه او 186 ه و يدل علي ذلك انه كان واليا علي شرطة بغداد أيام الرشيد فلابد أن تكون وفاته قريبة مما ذكرناه، و لعل ما ذكر كان اشتباها مطبعيا.
[2] الجهشياري: ص 97.
[3] تنقيح المقال: 3 / 217.
[4] عيون الأخبار، البحار.