بازگشت

تحقيق الشرطة في الحادث


و قامت الشرطة بدورها في التحقيق في هذا الحادث الخطير، لتبرا



[ صفحه 518]



ساحة هارون من المسؤولية، أما التحقيق فقد قام به السندي - أولا - و الرشيد - ثانيا - أما ما قام به السندي فكان في مواضع ثلاثة:

«الاول»: ما حدث به عمرو بن واقد، قال: أرسل الي السندي ابن شاهك في بعض الليل و أنا ببغداد يستحضرني، فخشيت أن يكون لسوء يريده بي، فأوصيت عيالي بما احتجت اليه، و قلت انا لله و انا اليه راجعون ثم ركبت اليه، فلما رآني مقبلا قال لي:

- يا أباحفص، لعلنا أرعبناك و أزعجناك؟

- نعم.

- ليس هنا الا الخير.

- فرسول تبعثه الي منزلي ليخبرهم خبري.

- نعم.

و لما هدأ روعه و ذهب عنه الخوف، قال له السندي:

- يا أباحفص أتدري لم أرسلت اليك؟

- لا.

- أتعرف موسي بن جعفر؟

- اي والله اني أعرفه و بيني و بينه صداقة منذ دهر.

- هل ببغداد ممن يقبل قوله تعرفه أنه يعرفه؟

- نعم.

ثم أنه سمي له أشخاصا ممن يعرفون الامام، فبعث خلفهم، فقال لهم: هل تعرفون قوما يعرفون موسي بن جعفر؟ فسموا له قوما، فأحضرهم و قد استوعب الليل بفعله حتي انبلج تور الصبح، و لما كمل عنده من الشهود نيف و خمسون رجلا أمر باحضار كاتبه - و يعرف اليوم بكاتب الضبط - فأخذ في تسجيل أسمائهم و منازلهم و أعمالهم، وصفاتهم، و بعد انتهائه من



[ صفحه 519]



الضبط دخل علي السندي فعرفه بذلك، فخرج من محله، و التفت الي عمرو فقال له:

«قم يا أباحفص، فاكشف الثوب عن وجه موسي بن جعفر»

قال عمرو: فكشفت الثوب عن وجه الامام و اذا به قد مات، و التفت السندي الي الجماعة فقال لهم: انظروا اليه، فدنا واحد بعد واحد فنظروا اليه، ثم قال لهم:

«تشهدون كلكم أن هذا موسي بن جعفر؟»

- نعم.

ثم أمر غلامه بتجريد الامام من ملابسه، ففعل الغلام ذلك ثم التفت الي القوم فقال لهم:

«أترون به أثرا تنكرونه؟».

فقالوا: لا، ثم سجل شهادتهم و انصرفوا [1] .

«الموضع الثاني» انه استدعي الفقهاء و وجوه أهل بغداد و فيهم الهيثم بن عدي [2] .



[ صفحه 520]



و غيره فنظروا الي الامام و هو ميت لا أثر به و شهدوا علي ذلك [3] .

«الثالث» انه لما وضع الجثمان المقدس علي حافة القبر جاء رسول من قبل السندي فأمر بكشف وجه الامام للناس ليروه أنه صحيح لم يحدث به حدث [4] .

و هذه الاجراءات المهمة التي اتخذها السندي بن شاهك انما جاءت لتبرير ساحة الحكومة من المسؤلية، و تنزيهها عن ارتكاب الجريمة، ولكن الامام (ع) قد أفسد عليه صنعه و كشف للناس ان هارون هو الذي اغتاله بالسم كما ذكرناه سابقا.

و أما ما اتخذه هارون من الاجراءات لرفع الشبهة التي حامت حوله فانه جمع شيوخ الطالبيين و العباسيين، و سائر أهل مملكته، و الحكام، فقال لهم:

«هذا موسي بن جعفر قد مات حتف أنفه، و ما كان بيني و بينه ما استغفر الله منه - يعني في قتله - فانظروا اليه».

فدخل علي الامام سبعون رجلا من شيعته، فنظروا اليه و ليس به أثر جراحة و لا خنق [5] .

و لم يجد ذلك هارون فان الحق لابد أن يظهر و لا يخفيه الدجل و لا يستره الخداع و التضليل، فقد عرف الخاص و العام انه هو الذي اغتال الامام و هو المسؤول عن دمه، و أن جميع ما اتخذه من الاجراءات و التدابير لتبرير ساحته قد باءت بالفشل.



[ صفحه 521]




پاورقي

[1] البحار: 11 / 300.

[2] الهيثم بن عدي الطائي أبوعبدالرحمن المينجي، قال البخاري: ليس بثقة كان يكذب، و قال النسائي و غيره: انه متروك الحديث، و حدثت جارية له، فقالت: ان مولاي كان يقوم عامة الليل يصلي فاذا أصبح جلس يكذب، جاء ذلك في ميزان الاعتدال: 3 / 265 - 266، و قيل انه كان يري رأي الخوارج و كان له اختصاص بالمنصور و المهدي و الرشيد، دخل عليه أبونواس فسأله عن مسألة فتقاعس عن جوابه فقال في هجائه:



يا هيثم بن عدي لست للعرب

و لست من طي الا علي شغب



اذا نسبت عديا من بني ثعل

فقدم الدال قبل العين في النسب



توفي سنة» 208 ه» جاء ذلك في انباه الرواة.

[3] مقاتل الطالبيين: ص 504.

[4] البحار: 11 / 301.

[5] البحار: 11 / 303.