بازگشت

مواكب التشييع


و هرعت بغداد الي تشييع الامام، فكان يوما مشهودا لم تر مثله في أيامها، فقد خرج البر و الفاجر و الصالح و الطالح لتشييع سبط النبي و الفوز بحمل جثمانه، و سارت المواكب و هي تجوب في الشوارع و الطرقات، و تردد أهازيج اللوعة و الحزن و يتقدم جماهير المشيعين الرشيد - فيما يروي بعض المؤرخين - و هو واجم حزين يترحم علي الامام و يظهر البرائة من دمه و خلفه البرامكة [1] و كبار



[ صفحه 528]



الموظفين و المسؤولين من رجال الحكم يتقدمهم سليمان و هو حافي القدمين و امام النعش مجامير العطور و حمل الجثمان العظيم علي أطراف الأنامل، قد أحاطته الهيبة و الجلال و جي ء به فوضع في سوق سمي بعد ذلك بسوق الرياحين، كما بني علي الموضع الذي وضع فيه الجثمان المقدس بناء لئلا تطأه الناس بأقدامهم تكريما له [2] و انبري بعض الشعراء فأنشد هذه الأبيات:



قد قلت للرجل المولي غسله

هلا أطعت و كنت من نصائحه



جنبه ماءك ثم غسله بما

أذرت عيون المجد عند بكائه



و أزل أفاويه الحنوط و نحها

عنه و حنطه بطيب ثنائه



و مر الملائكة الكرام بحمله

كرما ألست تراهم بأزائه



لا توه أعناق الرجال بحمله

يكفي الذي حملوه من نعمائه [3] .

و سارت المواكب متجهة الي محلة باب التبن [4] و قد ساد عليها الوجوم و الحزن، وخيم عليها الأسي و المصاب.


پاورقي

[1] حضارة الاسلام في دار السلام: ص 126، و المشهور ان الرشيد لم يحضر جنازة الامام (ع)، و انه كان بالرقة.

[2] الأنوار البهية: ص 99، و جاء فيه انه حكي عن صاحب تاريخ مازندران انه قال في كتابه: انه مر بذلك المكان عدة مرات و قبل الموضع الشريف.

[3] الاتحاف بحب الاشراف: ص 57.

[4] باب التبن: اسم محلة كبيرة كانت ببغداد تقع بازاء قطيعة أم جعفر، و فيها قبر احمد بن حنبل و هي قريبة من مقابر قريش جاء ذلك في معجم البلدان: 2 / 14 و قد ذكرت شؤون هذه البقعة بالتفصيل «في دليل خارطة بغداد ص 102 «.