بازگشت

احتجاجات الامام الصادق


و حفلت كتب الكلام و الحديث بالشي ء الكثير مما أثر عن الامام الصادق في هذا المجال، و هو مدعم بأوثق الأدلة علي صحة العقيدة الاسلامية، و زيف معتقدات خصومها، و نشير فيما يلي بعضها:

1 - دخل ابن ابي العوجاء علي الامام الصادق (ع) فقال له الامام:

- يابن أبي العوجاء أنت مصنوع أم غير مصنوع؟

- لست بمصنوع.

- لو كنت مصنوعا كيف كنت؟

فتحير ابن أبي العوجاء، و لم يطق جوابا، و خرج منهزما يتعثر في خطاه [1] .

2 - دخل ابوشاكر الديصاني، و كان زنديقا علي الامام الصادق (ع) فقال له:

- يا جعفر بن محمد دلني علي معبودي؟

فقال ابوعبدالله: اجلس، و اقبل غلام في كفه بيضة، فأمر (ع) الغلام أن يناوله البيضة، فناولها اياه، فقال (ع):

«يا ديصاني، هذا حصن مكنون له جلد غليظ، و تحت الجلد الغليظ جلد رقيق، و تحت الجلد الرقيق ذهبة مايعة، و فضة ذائبة، فلا الذهبة المائعة تختلط بالفضة الذائبة، و لا الفضة الذائبة تختلط بالذهبة المائعة، فهي علي حالها لا يخرج منها خارج مصلح فيخبر عن اصلاحها، و لا يدخل اليها داخل مفسد فيخبر عن افسادها، لا يدري للذكر خلقت ام للانثي،



[ صفحه 142]



تنفلق عن مثل الوان الطواويس، أتري له مدبرا...» و اطرق الديصاني برأسه للارض يفكر في قول الامام، و لم يلبث أن رفع رأسه و هو يقول:

«اشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له، و أشهد أن محمدا عبده و رسوله، و انك امام، و حجة الله علي خلقه، و أنا تائب مما كنت فيه [2] .

3 - و حدث هشام بن الحكم قال: كان زنديق بمصر يبلغه عن أبي عبدالله (ع) علم، فخرج الي المدينة ليناظره، فلم يصادفه بها، و قيل هو بمكة فخرج الي مكة، و نحن مع أبي عبدالله (ع) فانتهي اليه - و هو في الطواف - فدنا و سلم، فقال له ابوعبدالله:

- ما اسمك؟

- عبدالملك.

- ما كنيتك؟

- أبوعبدالله.

- من ذا الملك الذي أنت عبده، امن ملوك الأرض، أم من ملوك السماء؟ و اخبرني عن ابنك اعبد آله السماء. ام عبد آله الأرض؟

فسكت الزنديق (و لم يطق جوابا، فقال له أبوعبدالله: قل: فتحير الزنديق، و لم يدر ما يقول: فرمقه الامام (ع) بطرفه، و قال له: اذا فرغت من الطواف فائتنا، و لما فرغ (ع) من الطواف أقبل الزنديق فقال (ع) له:

- أتعلم ان للأرض تحتا و فوقا؟

- نعم.

- دخلت تحتها.

- لا.



[ صفحه 143]



- هل تدري ما تحتها؟

- لا ادري الا اني أظن أن ليس تحتها شي ء.

- الظن عجز ما لم تستيقن، ثم قال (ع) له:

- صعدت الي السماء؟

- لا.

- أفتدري ما فيها؟

- لا.

- اتيت المشرق و المغرب، فنظرت ما خلفهما؟

- لا.

- العجب لك! لم تبلغ المشرق و المغرب، و لم تنزل تحت الأرض، و لم تصعد الي السماء، و لم تخبر ما هناك، فتعرف ما خلفهن، و أنت جاحد مما فيهن، و هل يجحد العاقل ما لا يعرف؟

ما كلمني بهذا غيرك.

- فانت من ذلك في شك، فلعل هو، و لعل ليس هو.

- لعل ذلك.

- أيها الرجل ليس لمن لا يعلم حجة علي من يعلم، و لا حجة للجاهل علي العالم، يا اخا أهل مصر، تفهم عني، اما تري الشمس و القمر، و الليل و النهار يلجان، و لا يستبقان، يذهبان و يرجعان قد اضطرا، ليس لهما مكان الا مكانهما، فان كانا يقدران علي أن يذهبا فلم يرجعا؟ و ان كانا غير مضطرين فلم لا يصير الليل نهارا، و النهار ليلا؟ اضطرا و الله يا أخا أهل مصر، ان الذي تذهبون اليه و تظنون من الدهر، فان كان هو يذهبهم فلم يردهم؟ و ان كان يردهم فلم يذهب بهم؟ أما تري السماء مرفوعة، و الأرض مرفوعة، لا تسقط السماء علي الأرض، و لا تنحدر



[ صفحه 144]



الارض فوق ما تحتها، أمسكها و الله خالقها و مدبرها...»

و وجم المصري، و لم يطق جوابا، و فكر في ابعاد كلام الامام فرأي فيه الهداية و الحق فثاب الي الرشاد و اعلن اسلامه و ايمانه [3] .

4 - و قصد احد الزنادقة الامام (ع) فقال له:

- أرأيت الله حين عبدته؟

- ما كنت أعبد شيئا لم أره

- كيف رأيته؟

- لم تره الابصار بمشاهده العيان، ولكن رأته القلوب بحقائق الايمان لا يدرك بالحواس، و لا يقاس بالناس، معروف بغير تشبيه [4] .

5 - وفد بعض الزنادقة علي الامام (ع) فسأله عن مسائل كثيرة، و مما سأله قال:

- كيف يعبد الله الخلق، و لم يروه

- رأته القلوب بنور الايمان، و أثبتته العقول بيقظتها اثبات العيان و أبصرته الابصار بما رأته من حسن التركيب، و أحكام التأليف، ثم الرسل و آياتها و الكتب و محكماتها، و اقتصرت العلماء علي ما رأت من عظمته دون رؤيته [5] .

و قد أقام (ع) في هذه المناظرة سيلا من الأدلة علي وجود الله و وحدانيته، و قد أثر عنه في هذا المجال الشي ء الكثير، و ذكره يستدعي الاطالة و الخروج عن الموضوع فنكتفي بهذا النزر اليسير منه.



[ صفحه 145]




پاورقي

[1] احتجاج الطبرسي، بحارالانوار.

[2] الاحتجاج.

[3] احتجاج الطبري.

[4] احتجاج الطبري.

[5] احتجاج الطبري.