الزيدية
و بنت الزيدية اطارها العقائدي علي الثورة لازالة حكم البغي، و اقامة حكم العدل و قد ذهبت الي أن كل من يخرج بالسيف من العلويين فهو امام مفترض الطاعة، و ان كل من ادعي الامامة، و هو مقيم في بيته مرخي عليه ستره فلا يجوز اتباعه، و لا يجوز القول بامامته [1] .
و اكبر الظن انهم انما ذهبوا الي ذلك نظرا لما لاقته الشيعة في تلك
[ صفحه 196]
الأدوار الرهيبة من الجور و الاضطهاد. فقد حكمت السلطة الأموية علي أن حب أهل البيت عليهم السلام كفر و مروق من الدين و الي ذلك يشير شاعر الاسلام الكميت بقوله:
يشيرون بالأيدي الي و قولهم
ألا خاب هذا و المشيرون أخيب
فطائفة قد كفرتني بحبكم
و طائفة قالوا مسي ء و مذنب
يعيبوني من خبهم و ضلالهم
علي حبكم بل يسخرون و اعجب
و قالوا ترابي هواه و رأيه
بذلك ادعي فيهم و القب [2] .
و يرد عبدالله بن كثير السهمي علي من عابه علي مولاته لآل الرسول صلي الله عليه و آله بقوله:
ان امرءا أمست معايبه
حب النبي لغير ذي ذنب
و بني أبي حسن و والدهم
من طاب في الارحام و الصلب
أيعد ذنبا أن احبهم!!
بل حبهم كفارة الذنب [3] .
و يرد السيد الحميري علي من قال له: يا رافضي في محاولة للحط من شأنه، بقوله:
و نحن علي رغمك الرافضون
لأهل الضلالة و المنكر [4] .
و قد خلقت هذه الاجراءات الظالمة في نفوس الشيعة اعظم الأثر، فدفعتهم الي الايمان بالثورة كقاعدة اساسية لبناء كيانهم العقائدي، و قد ذهبت الزيدية الي ذلك فآمنت بأن الثائر العظيم زيد بن علي هو الامام، و من بعده ولده يحيي الذي اقتدي بأبيه في رفع علم الثورة علي الحكم الأموي
[ صفحه 197]
و لم يتعبدوا بالنص الذي هو قاعدة اساسية للامامة عند الشيعة، و رفضوا القول بامامة أئمة الهدي عليهم السلام المنصوص عليهم لأنهم لم يتجاوبوا معهم في اعلان الثورة علي الحكم الأموي، و كان عذرهم في ذلك ان المقاومة الايجابية لا تجدي، و انها فاشلة، و تجر الي المسلمين اعظم المصاعب و الخطوب و قد أقروا المقاومة السلبية للسلطة، و حرموا التعاون معها.
و قد اعتقدت الزيدية بامامة زيد لأنه قد ناهض الأمويين، و قد انطلق الي ساحات الجهاد و هو يقول: «ما كره قوم حر السيوف الا ذلوا» و كان هذا شعار الزيديين، و قال يحيي بن زيد يناجي نفسه و يردد شعار أبيه:
يابن زيد اليس قد قال زيد
من أحب الحياة عاش ذليلا
كن كزيد فأنت مهجة زيد
و اتخذ في الجنان ظل ظليلا [5] .
و قد بحثنا بالتفصيل عن الزيدية في كتابنا (عقائد الزيدية) و قد نشر بعضه [6] .
پاورقي
[1] فرق الشيعة: (ص 74 - 75).
[2] الهاشميات.
[3] البيان و التبيان 3 / 360.
[4] الفصول للمرتضي 1 / 61.
[5] عقائد الزيدية.
[6] نشر في اجوبة المسائل الدينية: الجزء 3 و 4 المجلد الثالث عشر.