بازگشت

الرسالة في منهج التفسير الموضوعي


و قد نلاحظ في رسالة العقل هذا توجيها للمفسرين الاسلاميين للسير علي منهج التفسير الموضوعي للقرآن من أجل استخراج المفاهيم الاسلامية



[ صفحه 28]



من القرآن بشكل متكامل بحيث يكتشف الخط العام للموضوع، ثم يتحرك في الخطوط التفصيلية في نطاق النماذج الحية المتحركة في الواقع، مما يوجي بتحرك الفكرة في ساحة التطبيق كما نري فيها تأكيدا علي الانفتاح علي كثير من الأمور الفرعية المتعلقة بالموضوع.. و هذا هو المنهج الذي يعمل علي توسيع الأفق الفكري للانسان المسلم بحيث يعمل علي الجمع بين المضمون الداخلي للفكرة، و بين الايحاء الخارجي لحركتها في الواقع، فقد استنطق الامام كل آية ورد فيها الحديث عمن يعقلون و عمن لا يعقلون في النتائج الايجابية للفريق الأول، و في النتائج السلبية للفريق الثاني، ليدفع بالحديث الي آفاق الوعي الانسان ليؤكد علي أن الانسان العاقل هو الانسان الذي ينفتح علي كل مواقع الاختبار المميز للفكرة الصالحة، و للقول الأحسن باعتبار أن ذلك هو مظهر الهداية الالهية في حركة العقل في الداخل... و لينطلق، بعد ذلك، ليؤكد موقع العقل كحجة علي الانسان في قناعاته، و كمنطلق للانفتاح علي الأدلة المفتوحة علي كل ما في كتاب الكون من آيات منثورة في آفاق السماء و الأرض ليكون هو الأساس لاستخلاص النتائج في معرفة الله في مواقع وحدانيته و عظمته التي لا تقف عند حد، و ليطوف الانسان في المجالات التي يؤكد فيها العقل له كيف يركز خطواته علي أرض صلبة ثابتة تتيح له السعادة في الدنيا و النجاة في الآخرة.

و قد لا يظهر من نص الرسالة كيف كان الامام الكاظم يتحدث فيها، هل بطريقة الكتابة، أو بطريقة المشافهة الخطابية و هل كانت حديثا يستهدف الموعظة من خلال اثارة الموضوع الذي يتحرك في أكثر من موقع من مواقع السلوك الانساني، أو كان يستهدف التحليل الموضوعي باسلوب الموعظة و قد لا يكون في تحديد ذلك كبير فائدة من حيث النتيجة العملية ولكنه قد يصل بنا الي معرفة الأجواء التي كانت تسود الوضع التعليمي في حديث الامام لتلاميذه و أصحابه، لا سيما اذا كانوا من أمثال هشام بن الحكم الذي كان يملك الثقافة الواسعة من الناحية الكلامية بحيث كان يمثل الشخص



[ صفحه 29]



الذي يعتمد عليه الأئمة في محاورة الاخرين في مسألة الامامة، فما هي المناسبة التي اقتضت هذا الحديث، و ما هو الجو الذي كان يحكم الموقف؟

هذه علامات استفهام لم نجد لها جوابا فيما اطلعنا عليه من سيرة الامام المكتوبة، سوي النص الذي ورد في الأنوار البهية عن السيد ابن طاوس رحمه الله في اهتمام أصحاب الامام بما يسمعونه منه و كتابتهم لكل كلمة يقولها في مجلسه.



[ صفحه 32]