بازگشت

لقطات من كلمات الامام الكاظم


و هناك حديث مروي عن الامام موسي الكاظم (ع) ذكره صاحب أعيان الشيعة نقلا عن كتاب كشف الغمة قال:

وجدت علم الناس في أربع:

أولها: أن تعرف ربك.

الثانية: أن تعرف ما صنع بك.

الثالثة: أن تعرف ما أراد منك.

الرابعة: أن تعرف ما يخرجك عن دينك.

و يحاول هذا الحديث أن يلخص مواقع الثقافة الدينية التي تعمق للمسلم معرفته العقيدية، و توسع لديه آفاقها، و تحقق المناعة الفكرية ضد الانحراف.

فلابد في النقطة الأولي من معرفة الله في آفاق عظمته، و في حقائق الألوهية التوحيدية في عمقها الفكري، و في رحابتها الوجدانية ليتأكد الايمان به في العقل و في القلب و في الحياة من خلال الحضور الالهي في كل موقع من مواقع الوجود، و هيمنته المطلقه علي كل شي ء حتي لا يغيب عن خاطر الانسان في شي ء، و لا يبتعد عن حركته في أي قول أو فعل.



[ صفحه 33]



و اذا كانت معرفة الله تعني المعرفة الشاملة التي تشتمل علي كل مواقع حكمة الله و تدبيره، فان ارسال الرسل و اليوم الآخر يدخلان في ذلك من خلال اقتضاء الحكمة و التدبير ذلك.

أما النقطة الثانية، فانها تتصل بالانفتاح علي الله في دائرة النعمة الواسعة التي تتسع باتساع الكون في كل الظواهر و الأشياء التي تتصل بحماية وجود الانسان في نموه الجسدي و العقلي و الحركي و فاعليته في بناء الحياة علي الأسس القوية، و الخطط المتوازنة، فيما أراده الله منه، مما يجعله مشدودا الي الله في كل شي ء من خلال الحاجة المطلقة و الفقر الشامل الأمر الذي يثير فيه الشعور بضرورة التفكير في الطريقة الفضلي التي تربطه من ناحية عملية في مواقع الشكر الرحبة بالاضافة الي ما يربطه به من الناحية التكوينية.. و بذلك تتحول هذه المعرفة الي عنصر حي يمنح الانسان فكرا موسوعيا علميا في كل مفردات النعم في الحياة من جهة، كما يمنحه حركة في الانفتاح علي الله في موقع الشكر و العبادة من جهة أخري.

و أما النطقة الثالثة، فتتمثل في معرفة الشريعة بكل دقائقها و تفصيلاتها المتصلة بالخط العام للسلوك الانساني في كل القضايا العامة و الخاصة في حياته ليتعرف، من خلال ذلك، ما هي أوامر الله و نواهيه علي مستوي النظرية و التطبيق معا.

و أما النقطة الرابعة، فتتحرك المعرفة من أجل صيانة الانسان عن الخط المنحرف، أو الخط المضاد فيما يمكن أن يتعرض له المسلم من تضليل أو انحراف بفعل التيارات الفكرية المتنوعة التي تختلف عن الفكر الاسلامي في الجذور أو في بعض التفاصيل لا سيما اذا كان من الممكن تحريكها بطريقة مدروسة مضللة بحيث يختلط فيها الحق بالباطل من حيث الصورة فيقع الاشتباه و الانحراف.. الأمر الذي يجعل من المعرفة أمرا حيويا علي مستوي سلامة العقيدة في الخط الخاص و العام.



[ صفحه 34]



و قد يكون اغفال التربية الاسلامية لاستكمال هذه العناصر من المعرفة في تربية الأجيال الاسلامية، هو المسؤول عن كثير من حالات الاهتزاز العقيدي، أو الانحراف الفكري لفقدان الخط الفاصل بين الحق و الباطل من جهة، و لابتعاد الانسان في وعيه لله عن وعيه لعلاقة حياته في مفرداتها التفصيلية بالله أو في محدودية معرفته بالاسلام في شريعته، أو في فقدانه لها بالكامل.

و ربما كان من المفيد لنا أن ندرس الاقتراح باتخاذ هذه الأمور في المعرفة اسلامية أساسا في المنهج التربوي للاسلام كما لابد لنا من ادخال العنصر الرابع في صلب الدراسات الفكرية لطلاب العلوم الدينية في الحوزات العلمية الاسلامية فأننا نجد الكثيرين منهم يجهلون التيارات الفكرية المادية أو الفلسفات الالحادية، أو النظريات السياسية المخالفة للاسلام، مما يجعلهم غير دقيقين في التعرف علي ملامح العقيدة أو في مواجهة التحديات المتحركة من خلال الكفر و الضلال الأمر الذي قد يجعلهم بعيدين عن المستوي المميز في الدعوة الي الاسلام، و في تقديم الحجة علي الآخرين في ساحات الصراع.