بازگشت

المقدمة


بسم الله الرحمن الرحيم

انتقلت الي بغداد في هذا العام، و ذلك لا عن شي ء أنكرته علي مسقط رأسي و موطن أجدادي النجف الأشرف، بل لحاجة في نفسي، و هي ربما كانت أنفع لمهنتي، فهاجرت، و الهجرة سنتها لنا الأسلاف الكرام.

تركت النجف - و يعلم الله - و كلي شوق الي محافلها الزاخرة بالعلماء، و الي مجالسها الحاشدة بالفضلاء و الأدباء. نعم، فارقت النجف و أنا معتقد بخسارتي من هذه الناحية الاجتماعية فقط.

نزلت بالكرخ علي طائفة من الاخوان الغياري فأحسنوا جواري بكل حفاوة و اكبار، و ذلك في أول شهر شعبان سنة (1370 ه)، حللت بداري، و في أول ليلة جمعة من شعبان قصدت الكاظمية لزيارة الامامين الجوادين اللذين تشرفت الزوراء بهما، و ازدهت و تنورت و تعطرت بمرقديهما، فخطرت لي خاطرة و السيارة تلتهم الشارع الجديد المؤدي الي بلد الكاظمية من كرخ بغداد، خطر ببالي أن أؤلف كتابا يلم بحياة الامام موسي بن جعفر عليه السلام، و طلبت من الله التوفيق لذلك.

و كانت هذه الفكرة لا تعزب عن خاطري حتي شهر شوال، و قدم حضرة الماجد الشهم الحاج اسماعيل الحاج علي جمال - أحد وجهاء الكويت العربية - و صل



[ صفحه 10]



بغداد قادما لزيارة العتبات المقدسة كعادته في كل عام، فكان ضيفي العزيز، و في بعض الأيام سألني: هل يوجد كتاب خاص في حياة الامام موسي بن جعفر عليه السلام في ولادته و معاجزه و وفاته؟ فأجبته: كلا، الا اللهم كتاب (تاريخ الامامين الكاظمين) للعلامة المرحوم الشيخ جعفر نقدي عطر الله مرقده، قال: هو عندنا، ولكن قصدي كتاب يستفيد منه الخطباء و يقرؤه الناس بمآتم الذكري التي تقام خاصة للامام موسي بن جعفر. و أخبرته بما عزمت عليه من تأليف هكذا كتاب في حياة الامام موسي بن جعفر عليه السلام.

و لما عزم علي السفر الي النجف طلب مني أني أكون معه لزيارة العتبات المقدسة - كربلاء و النجف - فلبيت طلبته.

و عندما حللت بالنجف صرت كعادتي أرتاد سوق الوراقين و باعة الكتب، و جئت يوما الي الشهم الأستاذ محمد كاظم الكتبي صاحب المطبعة الحيدرية، الشاب الذي كرس حياته في احياء آثار السلف و طبع الكتب المخطوطة التي طالما ضن بها آسروها، فأظهرها من مخابئها و كنوزها و نشرها، فسدد الله خطاه و وفقه الي كل خير.

نعم، جئت اليه و جلست عنده بمكتبه، فناولني كتابا، أخذته و اذا هو كتاب (وفاة الرضا عليه السلام) لمؤلفه العلامة المجاهد السيد عبدالرزاق المقرم دام تأييده، فتصفحته في تلك الجلسة و قد راق لي تنسيقه و تبويبه، و لا غرو فان مؤلفه حاز قصب السبق بمؤلفاته القيمة و كتاباته الممتعة.

و سألني الفاضل محمد كاظم أن أفرغ نفسي لتأليف كتاب في حياة الامام موسي ابن جعفر، فأخبرته بما وقع في نفسي من قبل، فشجعني علي ذلك و صار يؤكد علي



[ صفحه 11]



بحيث أحضر لي الورق في ساعته. و عندئذ حسرت عن ساعدي و صرت أجمع المصادر القيمة و أرتاد المكتبات و البيوت التي فيها طلبتي، و كان قد طلب مني محمد كاظم أن أكتبه علي غرار كتابي (ثمرات الأعواد)، فلم يأت اليوم السادس الا و قد كمل الكتاب، و حتي أيقنت أن عملي هذا كمل بهذه الأيام القلائل ما هو الا من قدسية صاحب الكتاب باب الحوائج عليه السلام، و الحمد لله علي آلائه.

12 ذي القعدة (1370 ه)

الخطيب علي بن الحسين الهاشمي



[ صفحه 13]