مرقده و المعاجز
ذكر كمال الدين محمد بن طلحة الشافعي في كتابه (مطالب السؤول في مناقب آل الرسول) قال: قرع سمعي ذكر واقعة عظيمة ذكرها بعض صدور العراق أثبتت لموسي بن جعفر عليه السلام، و هي أشرف منقبة شهدت له بعلو مقامه عندالله تعالي و زلفي منزلته لديه، و ظهرت بها كرامته بعد وفاته، و لا شك أن ظهور الكرامة بعد الموت أكبر دلالة منها حال الحياة.
و هي: أن من عظماء الخلفاء كان له نائب كبير الشأن في الدنيا، و كان ذا سطوة و جبروت، فلما انتقل الي الله اقتضت رعاية الخليفة له أن أمر بدفنه في ضريح مجاور لضريح الامام موسي بن جعفر بالمشهد المطهر، فدفن، و كان للمشهد المطهر نقيب - أو سادن - معروف لدي الناس بالصلاح، و كان كثير الملازمة لضريح السيد الجليل و الخدمة له، قائم بوظائفها، فذكر هذا النقيب أن بعد دفن ذلك المتوفي رأي في منامه أن القبر قد انفتح و النار تشتعل فيه، و قد تعالي منه دخان كثيف و رائحة فملأت المشهد، و رأي الامام موسي بن جعفر واقفا، فصاح عليه السلام بالنقيب باسمه و قال له: تقول للخليفة: يا فلان - و سماه باسمه - لقد آذيتني بمجاورة هذا الظالم، و قال كلاما خشنا، فاستيقظ النقيب و هو يرعد فزعا و خوفا، فلم يلبث أن كتب ورقة ذكر فيها تفصيل الرؤيا.
[ صفحه 84]
قال: و لما جن الليل أقبل الخليفة الي المشهد المطهر و معه حاشيته و خدمه، و استدعي النقيب، و دخلوا الروضة و أمر بكشف القبر لينقل المقبور و يدفنه خارج المشهد، فلما كشفوه فلم يجدوا الميت، و انما شاهدوا رمادا أسود [1] .
و ذكر الحسن بن محمد بن جمهور، قال: رأيت في سنة ست و تسعين و مائتين - و هي السنة التي ولي فيها علي بن الفرات وزارة المقتدر - أحمد بن ربيعة الأنباري الكاتب، و قد أعتلت يده و أكلتها [العلة] [2] الخبيثة و عظم أمرها حتي أروحت و اسودت، و أشار عليه المطبب لها بقطعها، و لم يشك أحد ممن رآه في تلفه.
فرأي ذات ليلة في منامه مولانا أميرالمؤمنين عليه السلام فقال له: يا أميرالمؤمنين، [أما تستوهب] [3] لي يدي؟ فقال: أنا مشغول عنك، ولكن امض الي موسي بن جعفر فانه يستوهبها لك، فلما أصبح قال: ائتوني بمحمل [وطئوا] [4] تحتي و احملوني الي مقابر قريش، ففعلوا ما أمر بعد أن غسلوا بدنه و طيبوه و طرحوا عليه ثيابا طاهرة، و حملوه الي قبر موسي بن جعفر صلوات الله عليه، فلاذ به و أخذ من تربته و طلي يده الي زنده و كفه و شدها، فلما كان من الغد حلها و قد تساقط كل لحم و جلد عليها حتي بقيت عظاما و عروقا مشتبكة، و انقطعت الرائحة، و بلغ خبره الوزير، فحمل اليه حتي رآه و قد برأه الله ببركة الامام موسي بن جعفر.
قال: و رجع الي الديوان فكتب بها كما كان يكتب.
[ صفحه 85]
فقال فيه الديلمي شعرا:
و موسي قد شفي الك
ف من الكاتب اذ زارا [5] .
و لعبد الباقي العمري:
لذ و استجر متوسلا
ان ضاق أمر أو تعسر
بأبي الرضا جد الجوا
د محمد موسي بن جعفر
و له أيضا:
نحن اذا ما عم خطب أودجا
كرب و خفنا نكبة من حاسد
لذنا بموسي الكاظم ابن الصا
دق بن الباقر بن الساجد
ابن الحسين بن علي بن أبي
طالب بن شيبة المحامد
و له أيضا:
أيا بن النبي المصطفي و ابن صنوه
علي و يابن الطهر سيدة النسا
لئن كان موسي قد تقدس في طوي
فأنت الذي واديه فيك تقدسا
و لأبي الحسن المعاذ:
زر ببغداد قبر موسي بن جعفر
قبر مولي مديحه ليس ينكر
هو باب الي المهيمن تقضي
منه حاجاتنا و تحبي و تجبر
هو حصني و عدتي و غياثي
و ملاذي و موئلي يوم أحشر
صائم القيظ كاظم الغيظ في ا
لله مصفي به الكبائر تغفر
كم مريض وافي اليه فعافا
ه و أعمي أتاه صح و أبصر [6] .
[ صفحه 86]
و للشيخ صالح الحريري البغدادي:
أقول لساكن الزوراء يوما
اذا جئت القيامة لست تعذر
تبيت بها و لم تقصد اماما
بليلة جمعة موسي بن جعفر
لعبد الباقي العمري:
زيارة الكاظمين في رجب
تنقذ يوم اللقا من اللهب
تعدل حجا و وقفة بمني
و عمرة كلها بلا نصب
اي و أبي لا يخاف هول غد
من حازها في الزمان اي و أبي
أنخ مطايا الرجا ببابهما
و حط كور العنا عن النجب
من شاهد الفرقدين قبلهما
في سفطي قبتين من ذهب
للسيد صادق الفحام رحمه الله:
أري العلمين بالزوراء لاحا
فعج بالعيس و اغتنم الفلاحا
علي ربع يطيب لها مناخ
اذا وردت و يشفعها مراحا
علي وادي طوي أو نار موسي
أعاد الليل ثاقبها صباحا
و اذ يقري العفاة به جواد
اذا سئل القري هز ارتياحا
فيقري ذا الضلال هدي و رشدا
و ذا الاقتار منا و امتناحا
سلالة سادة سادوا البرايا
جميعا من غدا منهم و راحا
نجوم للهدي طبعوا رشادا
و سحب للندي جلبوا سماحا
هم راشوا المكارم فاستقلت
و قد كانت و لم تملك جناحا
فدن و اخلع به النعلين واخضع
و عفر في التراب و لا جناحا
و سل لمطالب الدارين نجحا
بجاههما العظيم تري النجاحا [7] .
[ صفحه 87]
پاورقي
[1] مطالب السؤول في مناقب آل الرسول 2: 124 - 125، بتفاوت.
[2] من المصدر.
[3] في الأصل: (استوهبت)، و ما أثبتناه من المصدر.
[4] في الأصل: (و وصلوا)، و ما أثبتناه من المصدر.
[5] بحارالأنوار 104: 6 / 27.
[6] مناقب آل أبي طالب 4: 329.
[7] انظر: أعيان الشيعة 7: 361.