بازگشت

المرقد المطهر


عبث (هولاكوخان) بمدينة المنصور، فقتل الرجال و الأعلام، و أكثر الهدم في الأسواق و الدور، و شبت النار في بعض المحلات حتي اتصل لهيبها بالمشهد المقدس (الكاظمية)، و عندما ولي العراق (علاءالدين عطاء ملك الجويني) و ذلك سنة 657 من قبل هولاكو، أخذ بترميم المشهد الشريف، و زين داخل الروضة بالقاشاني الثمين.

و في سنة 765 ه طغي نهر دجلة فجرف بعض الدور و تهدمت الأسواق، فحصلت أضرار كثيرة بالمشهد المنور، حتي اذا أقبل السلطان أويس بن الحسن الجلايري سنة 769 ه أخذ في ترميم المشهد و عمارته، و زاد في البناء أن بني رواقا للزائرين، و وضع الصندوقين علي المرقدين، و هما من أبدع ما كان من الفن و دقة الصنعة، و شيد قبتين و منارتين رفيعتين، كما أنه بني للخدم و الفقراء دورا [1] .

ثم طغي ماء دجلة، فتهدمت آنئذ أكثر الأسواق و الدور، فكانت هذه الزيادة سببا لهلاك أكثر الناس الذين انهارت عليهم الجدران و السقوف، فعندها قام بتعمير المشهد المنيف و دور المجاورين الأمير وجيه الدين اسماعيل بن الأمير زكريا الوزير الوالي من قبل السلطان أويس، فشكر الناس صنيعه.



[ صفحه 88]



و جاء دور السادة الصفوية الموسوية، فجدد عمارة المشهد الشريف (الشاه اسماعيل الصفوي رحمه الله) سنة 926 ه، و بني القبتين الشريفتين بطراز جميل و زينهما بالقاشاني الملون، و وسع الصحن، و شيد الجامع المعروف اليوم ب: (الجامع الصفوي) شمال الروضة، و بني أيضا حجرات لرواد العلم و الزوار، و زين أبواب الروضة بألواح الفضة، و نصب علي القبرين الشريفين صندوقين من النوع المعروف ب: (الخاتم)، و فرش الروضة المطهرة بالفرش الثمينة، و علق فيها القناديل الذهبية، و اتصل العمل بالبناء و الزخرف حتي سنة 935 ه، و كان الناظر علي العمل السلطان محمد خدابنده شقيق الشاه اسماعيل الذي كان يحكم العراق حينذاك، و كان يغدق العطاء علي السدنة و الخدم و المعتكفين [2] .

و عندما استرد العراق السلطان سليم العثماني [3] من أيدي الفرس، و ذلك سنة 941 ه، أمر ببناء المنبر الموجود اليوم في الجامع الصفوي.

و في سنة 978 ه جاء ولده السلطان سليم الثاني الي العراق و تشرف بزيارة الكاظمية، [و] [4] أكمل بناء المأذنة الواقعة ما بين المشرق و الشمال [5] .

و لما زار الشاه عباس الصفوي الكبير العتبات المقدسة في سنة 1032 ه أمر بأن يصنع للمرقدين ضريح من الفولاذ لحفظ صندوق الخاتم، فصنع في عهده و وضع علي المرقدين الكريمين، و زين الروضة بأنواع القناديل الذهبية.



[ صفحه 89]



و في سنة 1042 ه طغت دجلة، و حصلت أضرار في جدران الروضة و الأروقة، فأمر عندئذ الشاه صفي الصفوي بترميمها و ارجاع الزخرف بمكانه.

و لما دخل بغداد السلطان مراد الرابع بن السلطان أحمد الأول، و ذلك في سنة 1047 ه بعد أن حاصرها أربعين يوما، أوعز الي جيشه بدخولها، فصار العسكر ينهب البلدة، و دخلوا المحلات و الدور و قتلوا كل من وقف أمامهم من الناس، و هجموا علي الروضة المقدسة و انتهبوا القناديل الذهبية و جميع ما كان من النفائس بها [6] . فرحم الله الأزري حيث يقول:

تدعون الاسلام افكا و زورا

كذبت أمهاتهم بادعاها [7] .

و جدد حسن باشا ما تضعضع من سقوف الروضة الشريفة في سنة 1111 ه الي سنة 1112 ه.

و نقل العلامة النوري في مستدركه - عند ترجمة الشيخ جعفر الكمرئي القاضي - عن تاريخ الأمير اسماعيل الخاتون آبادي أنه قال: و في جمادي الثانية - أي سنة 1115 ه - حج بيت الله الحرام محمود آغا التاجر، و معه الشباك لحرم الكاظميين عليهماالسلام - الي أن قال: - و معه دراهم كثيرة لعمارة المشهد الحسيني علي مشرفه السلام [8] .

و ما أدري أي شباك هذا؛ لأن الشباك الفضي المشهور، [انما] [9] نصب في زمن ناصرالدين القاجاري، و الشباك الفولاذي [زمن] [10] الشاه اسماعيل الصفوي رحمه الله؟!



[ صفحه 90]



و في سنة 1211 ه أمر السلطان محمد شاه - أول سلطان من سلاطين القاجارية - بتذهيب القبتين المنورتين و رؤوس المآذن، و أضاف اليها منائر أخر علي طرز المنارة التي بناها السلطان سليم العثماني، و أمر بتذهيب الايوان الصغير الذي في طريق الرواق الجنوبي، و فرش الروضة بالمرمر الأبيض الجذاب، و عمر من الصحن ما هدمته أيدي الحوادث، و اشتري دورا مجاورة للصحن الشريف و ألحقها بالصحن من الجنوب و الغرب.

و قام السلطان فتح علي شاه القاجاري في سنة 1231 ه بشي ء من التعميرات في الروضة، و غشي الجدران بالمرايا الصغيرة، و زركش باطن القبتين بالنقوش الجميلة بالمينا [11] و أنواع الأصباغ.

ذكر شيخنا النقدي رحمه الله قال: و في مجموعة العالم الجليل السيد علي الصدر المسماة ب: (الحقيبة): أن الزخرف الذي داخل القبة من المرايا و النقوش هو من الميرزا شفيع وزير الشاه محمد المزبور.

و زخرف الوزير معتمد الدولة منوجهر خان ايوان الروضة المقابل للجنوب بالذهب الابريز [12] ، و كتب في صدر الايوان أسماء الأئمة الاثني عشر عليهم السلام، ثم عمل الصفة [13] الشرقية (طارمة باب المراد)، و بعد هذه أقيمت الصفة الجنوبية (طارمة القبلة)، و ذلك في سنة 1255 ه.



[ صفحه 91]



و في سنة 1282 ه تغشي الايوان الشرقي بالذهب من فاضل قبة العسكريين عليهماالسلام بأمر ناصرالدين شاه القاجاري، و ذلك قبل زيارته العتبات العالية، و كذلك رممت السقوف و المرايا و النقوش التي عليها، و زينت جدران الرواق الخارجية بالقاشاني.

و في سنة 1283 ه وضع الضريح الفضي علي المرقدين علي الضريح الفولاذي بأمر السلطان ناصرالدين، و [تذهبت] [14] بعض جدران الروضة.

و لما زار السلطان ناصرالدين شاه العتبات المطهرة، و ذلك سنة 1287 ه، فقيل عن لسانه هذا التاريخ: (تشرفنا بالزيارة) 1287 ه. و له آثار خالدة في العتبات المقدسة أسداها عند زيارته.

أقول: و قد نزلت يوما في (السفينة) المعروفة في وسط جامع الكوفة و دخلت الي المحراب، فنظرت الي كتابة كتبت - و لعل [كاتبها] [15] بعض الطلبة - علي لبنة فوق جبهة المحراب: لقد تشرف بهذا المكان في هذا اليوم ناصرالدين شاه، 27 جمادي الثانية سنة 1287 ه.

و في سنة 1293 ه ابتدأ عماد الدولة فرهاد ميرزا بن عباس ميرزا بن فتح علي شاه القاجاري - عم السلطان ناصرالدين شاه - ببناء الصحن الكاظمي المقدس و تجديد عمارته، فقلع البنيان السابق من أساسه، و ابتاع جملة من البيوت المجاورة بأثمان غالية و أضافها الي الصحن، و وسعه طولا و عرضا. و أرخ ابتداء هذا البناء الفاضل أمام الحرمين الميرزا محمد آل داود الهمداني رحمه الله، قال:



لما بني سبط ملوك الفرس

صحنا يضي ء نوره للكرسي



[ صفحه 92]



لنور عرش الله موسي الكاظم

و سبطه الجواد ذي المكارم



فاق علي الفردوس و القصور

قلت مؤرخا (رياض النور)



و مما أنشأ في الصحن الشريف الحجر و الأواوين المزينة بالقاشاني، و نظم (السراديب) التي في الصحن و الأواوين لدفن الأموات، و فرش الصحن بالصخور التي جلبها من ايران، و نصب ساعتين كبيرتين. فهذه الخدمات مشكورة له في الدارين، و أجره علي الجوادين.

و لقد أرخ انتهاء هذا البناء أيضا الميرزا محمد آل داود الهمداني رحمه الله:

صحن موسي حضيرة القدس

فاق طور الكليم في سعد



يالها من بنية شهدت

كعبة أنها مني الوفد



حرم فاق حسنه ارما

ليس فيه ذكر سوي الحمد



صرح هامان خر من خجل

مذ بناه (فرهاد) ذو المجد



قلت لما شاد البنا أرخ

(هو صحن كجنة الخلد)



1297 ه

و كذلك جدد (فرهاد) تذهيب المآذن، و كان وكيله علي الصرف الحاج عبدالهادي الاسترآبادي أحد وجهاء الكاظميين، و ذلك في سنة 1299 ه.

و مختصر القول: تم جميع ما أنشأه فرهاد ميرزا في سنة 1301 ه، فأرخ اتمام العمل المرحوم الشيخ صادق الأعسم رحمه الله:



خذا بيدي فرهاد في يوم حشره

فقد تم عن سر بتاريخه (خذا)



و لقد ذكر شيحنا النقدي - رحمه الله - في كتابه (تاريخ الامامين الكاظمين عليهماالسلام) و قال رحمه الله: و في المجموعة المسماة ب: (الحقيبة) للسيد الأجل العالم الفاضل السيد علي نجل آية الله السيد حسن صدرالدين: الباذل لفضة الضريح الكاظمي الموجود الآن هي الحاجة سلطان بيكم بنت المرحوم مشير الملك الشيرازي، علي يد المرحوم



[ صفحه 93]



الميرزا كاظم الطباطبائي الأصبهاني التاجر. و الذي صاغ هذا الضريح ثلاثة من الصاغة: السيد محسن بن السيد هاشم آل أبي الورد الكاظمي، و السيد محمد علي الصايغ الكاظمي، و الميرزا محمد الشيرازي النجفي، و كان أبوه هو الذي صاغ ضريح أميرالمؤمنين عليه السلام، الذي كان علي القبر المطهر قبل الضريح الذي أرسل من الهند، الموجود اليوم علي القبر المطهر.

و أما النجار الذي صنع الخشب الذي تحت فضة الضريح فكان الحاج محمد علي النجار رحمه الله، و كان من الأخيار المعروفين بالصلاح، و كان حسينيا لا تخلو داره من تعزية الحسين عليه السلام.

و تم [16] نصب هذا الضريح في السادس من شهر جمادي الأولي سنة 1324 ه، في عهد المرحوم الشيخ عبدالحميد ابن الشيخ طالب سادن الروضة المباركة.

و لم تزل الحكومة العراقية تبذل ما تحتاج اليه العتبات المقدسة من تجديد و ترميم من مديرية الأوقاف العامة، منذ تشكلت الحكومة العراقية حتي اليوم.

و رأيت من المناسب أن أذكر قصيدة المرحوم شاعر العراق الفحل عبدالباقي العمري رحمه الله، واصفا بها العتبة المقدسة روضة الامامين الهمامين الكاظمين، و مادحا المرحوم فرهاد ميرزا علي خدماته الجليلة:



حضرة الكاظميين منها المرايا

قد حكت قلب صب أهل الطفوف



صبغتها يد التجلي بكف

كبرت عن تشبيهها بالكفوف



وروت عن (غدير خم) صفاء

فتراءت لطرفي المطروف



صور الكائنات فوجا بفوج

سابحات في موجها الموكوف



من قناديل عسجد زينوها

بصفوف تلوح اثر صفوف



[ صفحه 94]



رسم تعليقها الأنيق تبدي

كسطور منضودة من حروف



روضة للصدور فيها ورود

بأكف الألحاظ ذات قطوف



قد أظلت شمسا بغير كسوف

و أفلت بدرا بغير خسوف



و طوت (كاظما) و لفت (جوادا)

فازدهت بالمطوي و الملفوف



شرفت فيهما و ما كل ظرف

حاز تشريفه من المظروف



وغدت للقلبين مثل شفاف

رق لطفا كقلبي المشغوف



و هي لما علي السماء أنافت

بهما قلت: يا سما المجد نوفي



كلما زرتها أقول لعيني

هذه كعبة الجلال فطوفي



بحماها كم من ألوف من الزوا

رفازت من المني بصنوف



أفأخشي صروف دهر و اني

بحماها يخشي الزمان صروفي؟



حرم آمن فمن كان فيه

قاطنا كان آمنا من مخوف



و مطاف به استنارت فطافت

زمر كاستدارة الخذروف



كم لرشد من (حائري) هدته

و برفدكم قد كفت من (كوفي)



شنفتها العلياء لما أصاخت

لصرير الأقلام أبهي شنوف



شمخت عزة بأنف أشم

مرغم بالتراب شم الأنوف



أرعفت مارن الصباح فأجرت

دمه من بروقها بشنوف



ألفت نفسي الثناء عليها

و هي لا تنثني عن المألوف



لا تلمني علي وقوفي بباب

تتمني الأملاك فيه وقوفي



هو باب مجرب ذو خواص

كان منها اغاثة الملهوف



ملحأ العاجزين كهف اليتامي

مروة المرملين مأوي الضيوف



من بروم الفتوح مما سواه

طرقت بابه أكف الحتوف



أنا عنه حيا و ميتا بدنيا

ي و أخراي لست بالمصروف



[ صفحه 95]



هم بنو المرتضي و عترة طه

سحب الفضل أبحر المعروف



فليلمني من شاء اني موال

رافل من ولائهم بشفوف



فعليهم مني الثنا ما اليهم

قطع المدلجون كل تنوف



من قصيدة للمرحوم الشيخ جعفر النقدي عطر الله مرقده:



لقد بلوت هذه الدنيا فما

وجدت في ربوعها من نافع



الا بني طه الأولي في مدحهم

خصصت دون غيرهم بدائعي



لذا انفضت العشر عن جهاته

ا الست بالامام السابع



(موسي بن جعفر) أبي الطهر (الرضا)

امام كل ساجد و راكع



نور الاله من غدا بنوره

يشرق كل غارب و طالع



ما نور شمس الأفق الا شعلة

تسطع من أنواره السواطع



باب حوائج الوري من وجوده

يهمي علي الراجي كغيث هامع



و معدن الأسرار أسرار الهدي

ذي المعجزات الغرر النواصع



أمين خلاق السماء و من غدا

بدين خير الرسل خير صادع



و ملجأ اللاجي و من بوجهه

يهدي الي النجاة كل ضائع



فضائل غراء في أوج العلي

زاهرة كالأنجم الطوالع



مناقب لم تخفها أعداؤه

عطرت الكون بنشر ذائع



سل (الرشيد) لا رأي رشدا أما

كان له عن قتله من رادع؟



ألم يقل خير البرايا: عترتي

عطفا بهم فانهم ودائعي؟



يا رحما لأحمد كان لها

(هارون) دون الناس شر قاطع



جاء بها سوداء مدلهمة

و وقعة من أعظم الوقائع



(هارون) فرعون (لموسي) قد غدا

و ظلمه من أعظم الفظائع



[ صفحه 96]



لا زال في عذابه مضطهدا

مقيد الساق و في فجائع



ينقل مسجونا لشر بلدة

من بلد و شارع لشارع



حتي اذا رمت به أيدي القضا

الي (ابن شاهك) بقلب خاشع



دس اليه السم ظلما فاغتدت

أحشاؤه و السم في تنازع



مات و لم تمت له كرامة

و لا له غيبن من صنائع



أمثل موسي و هو سيد الوري

يموت في السجن بسم ناقع؟



تلفه الأعداء في ردائه

و نعشه يطاف في مجامع



و في الحديد رجله وجيده

مخضب من أثر الجوامع



يا جسر بغداد افتخر بنعشه

فقد حكيت أشرف المواضع



و يا مياه دجلة غوري فقد

حل عليك مخصب البلاقع



يا فاجع الاسلام في ندائه

لا سلمت أحشاك من فواجع



لله ميت بين أقربائه

ما بين راء منهم و سامع



مات و لم تحزن عليه مهجة

منهم و لا بكته عين دامع



صلي عليه الله ما في دوحها

ناحت عليه نوح السواجع



للشيخ محمد الملة رحمه الله:



من ربع عزة قد نشفت شميما

فأعادني حيا و كنت رميما



و علا فؤادي صب أي صبابة

هي صيرتني بالزمان عليما



و مرابع كانت مراتع للمهي

راقت و رقت في العيون أديما



أسهرن طرفي بالجفا من بعد ما

أرقدنه في وصلهن قديما



كم ليلة حتي الصباح قضيتها

معهن لا لغوا و لا تأثيما



فكأني في وصلهن بجنة

فيها مقامي كان ثم كريما



[ صفحه 97]



ماذا لقيت من الغرام و انما

فيه ارتكبت من الذنوب عظيما



خسرت لعمرك صفقة الدهر الذي

فيه السفيه غدا يعد حليما



أتروم برد نسيمه و أبي علي

الأحرار الا أن يهب سموما



فأقم لرزء بني النبوة مأتما

و اسجم دموعك كالغمام سجيما



فمن الذي يهدي المضل الي الهدي

من بعدهم أو ينصف المظلوما



و بسيبه يغني الوري و بسيفه

يجلو عن الدين الحنيف هموما



هذا قضي قتلا و ذاك مغيبا

خوف العدو و ذا قضي مسموما



من مبلغ الاسلام أن زعيمها

قد مات في سجن الرشيد سميما



فالغي بات بموته طرب الحشي

و غدا لمأتمه الرشاد مقيما



ملقي علي جسر الرصافة نعشه

فيه الملائك أحدقوا تعظيما



فعليه روح الله أزهق روحه

و حشي كليم الله بات كليما



منح القلوب مصابه سقما كما

منع النواظر في الدجي التهويما



لا تألفي لمسرة (فهر) فقد

أضحي مرورك هالكا معدوما



للعلامة الشيخ آل راضي أيده الله:



بكيت لعافي مربع عز باكيه

و لم أبكه لكن بكيت لأهليه



تعفي و حاشا ربع أنسي أنه

يعفي و أيدي النائبات تعفيه



و أن زمانا قد يسرك يومه

ففي غده من مطلع السوء ما فيه



ولكنني في حب موسي بن جعفر

تخلصت من أسوائه و مساويه



و لكل مهم في الحوائج أن يكن

يرد الي باب الحوائج يقضيه



و موسي كموسي في المفاخر توأم

ولكن هذا أول و هو ثانيه



و هارون هذا في مساوئ خصاله

كفرعون موسي في خصال مساويه



[ صفحه 98]



لقد أسست تيم و آل أمية

أساسا بنوالعباس شادت مبانيه



أمثل الامام الطهر موسي بن جعفر

يشرد عن أوطانه و أهاليه؟



يطاف به رحب البلاد مشردا

بلا ملجأ الا المجالس تأويه



غريبا بلا فاد و لو ينفع الفدا

لراحت نفوس العالمين تفاديه



فسل محبس السندي أي حشاشة

أذيبت و ذاك السم ما عذر ساقيه



و سل جسر بغداد عن النعش من سعي

اليه و ما نادي عليه مناديه



و سل ذلك الصك الذي لقضائه

فكم و دعوا من زورهم في حواشيه



أيحمل حمالون نعش ابن جعفر

و ينعاه جهرا بالمهانة ناعيه



للخطيب الأستاذ الشيخ محمد علي اليعقوبي:



للكرخ سارت بنا عيس الرجا تخد

و في الضلوع لظي الأشواق تتقد



تؤم في وخدها باب الحوائج وال

يم الذي منه هلاك الوري تردوا



يابن الألي بلغوا من كل مكرمة

شأوا بعيد المراقي لم تنله يد



و من اذا الدهر قد هبت زعازعه

عليهم الناس (بعد الله) تعتمد



لم أعتقد أبدا الا مودتهم

و المرء يسأل عما كان يعتقد



تصرم العمر مني و انقضي أملي

و ما وفت لي أيامي بما تعد



و لو تعي الهضب ما في القلب ألم

دكت و لم تتحمل بعض ما أجد



فلذت فيك و آمالي بك انعقدت

و هل سواك به الآمال تنعقد؟



ما أنصفتك بنو الأعمام اذ قطعت

أواصر برسول الله تتحد



أبكيك رهن السجون المظلمات و قد

ضاق الفضا و توالي حولك الرصد



لبثت فيهن أعواما ثمانية

ما بارحتك القيود الدهم و الصفد



تمسي و تغدو بنو العباس في مرح

و أنت في محبس السندي مضطهد



[ صفحه 99]



دسوا اليك نقيع السم في رطب

فاخضر لونك مذ ذابت به الكبد



حتي قضيت غريب الدار منفردا

لله ناء غريب الدار منفرد



أبكي لنعشك و الأبصار ترمقه

ملقي علي الجسر لا يدنو له أحد



أبكيك ما بين حمالين أربعة

تشال جهرا و كل الناس قد شهدوا



نادوا عليه نداء تقشعر له ال

سبع الطباق فهلا زلزل البلد



لم تجتمع هاشم البطحا لديه و لا ا

لأشراف من مضر الحمراء تحتشد



كأنها ما درت أن العميد مضي

و من رواق علاها قد هوي العمد



و له أيضا حفظه الله:



حملت و سوق الهم يوم تحمل

و ضل خلي القلب يلهو و يعذل



نأوا ففؤادي ليس يألف بعدهم

سلوي و طرفي بالكري ليس يكحل



و ما جزعي يوم الفراق بنافع

و صبر الفتي في البين أحجي و أجمل



أحباي جرتم بالصبابة فاعدلوا

بذي شغف عن حبكم ليس يعدل



فان تكن الأهواء منكم تبدلت

فحبي علي العلات لا يتبدل



حملت العنا فيكم وفاء لعهدكم

و من شيم الحر الوفا و التحمل



و لولا الوفا ما اختار أن يرد ابنه

حياض الردي دون الذمار السموأل



عذيري من الخلان لم ألق واحدا

عليه اذا جار الزمان يعول



سوي من يريني في الرخاء مودة

و يسلمني عند البلاء و يخذل



و مذ أكدت الآمال مني و لم أجد

علي الأرض من يرجي لنيل و يسأل



قصدت لحاجاتي (لموسي بن جعفر)

فيممت بابا عنده الصعب يسهل



حمي عكفت فيه ملائكة السما

فتعرج أفواج و أخري تنزل



فأبت و قد بلغت أسني رغائبي

و خولت من جدواه ما لا يخول



[ صفحه 100]



و كم رحت استجدي سواه فخيبت

ظنوني و هل أجدي عن البحر جدول



مزاياه لم تحصر بعد كأنها

سجاياه ان وافي اليه المؤمل



بدت مثلما تبدو الكواكب في السما

سوي أنها أبهي سناء و أكمل



فلولاه ما كان (ابن يقطين) تاركا

طريقته الأولي التي ليس تجهل



علي حين قد كان الرشيد بمرصد

يراقبه في سره كيف يفعل



فعاين منه غير ما كان سامعا

و كذب ما عنه الوشاة تقولوا



و سار (لنيشابور) من أرض (طيبة)

لينجز فيها موعدا ليس يمطل



أتي فتولي من (شطيطة) أمرها

غداة بها أودي الحمام المعجل



نحا قبره العافون من كل وجهة

الي الله في أعتابه نتوسل



و بالأمس (بالزوراء) بانت كرامة

بها فاجأتنا (صحنها) تتمثل



فكم من وجوه قطبت عند ذكرها

و أخري سرورا أصبحت تتهلل



أتي قبره (الأعمي) الذي في علاجه

أساة الوري أضحت تحار و تذهل



توسل في ذاك الضريح و ياله

ضريحا به أهل السما تتوسل



فما حاجة الا بمغناه تنقضي

و لا غلة الا بجدواه تنهل



فعاد بصير المقلتين لأهله

يردد آيات الثنا و يرتل



بنفسي الذي من القوم صابرا

أذي لو يلاقي يذبلا ساخ يذبل



بعيدا عن الأوطان و الأهل لم يزل

ببغداد من سجن لآخر ينقل



يعاني وحيدا لوعة السجن مرهقا

و يرسف بالأصفاد و هو مكبل



و دس له السم ابن شاهك غيلة

فأدرك منه الرجس ما كان يأمل



و مات سميما حيث لا متعطف

لديه و لا حان عليه يعلل



قضي فغدا ملقي علي الجسر نعشه

له الناس لا تدنوا و لا تتوصل



[ صفحه 101]



و نادوا علي جسر الرصافة حوله

نداء تكاد الأرض منه تزلزل



فقل لبني العباس فيم اعتذارها

عن الآل لو أن المعاذير تقبل؟



بحيث رسول الله و الطهر فاطم

خصيمان و الرحمن يقضي و يفصل



يمينا لقد زادت بما هي قد جنت

علي ما جنته (عبد شمس) و نوفل



رمت قبلها حرب فأصمت سهامها

و سهم بني الأعمام أدمي و أقتل



فيابن الأولي عن حبهم و ولائهم

جميع الوري يوم القيامة تسأل



خذوا يوم حشري ان وهنت بساعدي

فاني بأعباء الجرائم مثقل



لبعضهم:



أمعاهد الأحباب حياك الحيا

و تلاعبت فيك الجنوب و شمال



فيك أهيل المجد قد قطنوا و عن

ساحاتك لم يلف ندب يرحل



ضربوا بمدرجة الطريق قبابهم

يتسابقون علي قري من ينزل



لا يسأمون من العطا لمؤمل

فينال تال ما ينال الأول



لا تتبع المن الأذي لكنما

قبل السؤال تكرما تتفضل



هم عترة المجد الذين بمجدهم

و بجدهم برد الامامة أنحلوا



ورثوا المفاخر كابرا عن كابر

فالفخر فيهم دائر متسلسل



فاليهم عنهم و فيهم منهم

غرر المحامد مجمل و مفصل



طمع العداة بأن تحل محلهم

أين الثري أين السماك الأعزل؟!



بل حاولوا اطفاء نورهم الذي

عم الوجود فخاب ما قد أملوا



ظعن الكرام و خلفوا بحشي الهدي

نارا بذكرهم تشب و تشعل



أين الهداة الماجدون أولو الحجي؟

أين الجحاجحة الكرام الكمل؟



حرم النبي علي بنيه محرم

و علي الأباعد من عداه محلل



[ صفحه 102]



فمشرد عن أهله و دياره

و مصفد في قيده و مغلل



و لئن نسيت فلست أنسي من له

كف الفخار تشير هذا الموئل



ما أمه ذو حاجة الا له

باب الحوائج بالمني متكفل



منه تعلمت الكرام مكارم الأ

خلاق فهو البادئ المتفضل



ان الوجود قد اكتسي من جوده

حللا بها ما في العوالم يرفل



قد أذهلت عشر العقول صفاته

فمكبر من ذكرها و مهلل



هيهات أن ينسي الهدي يوما سري

فيه ابن جعفر و المراسم ترقل



لله ساعة قربت من داره

نوق التنائي و المدامع تهمل



يا ساعة التوديع كم لك في حشا الا

سلام من خرق و كم لك مفصل



باب الهدي و ملاذ كل مؤمل

موسي بن جعفر عن بنيه يرحل



يا راحلا عن طيبة أين النوي

ألقت عصاك فمن سواك مؤمل؟



بل أزعجتك عصابة أبت الهدي

فأخذت في أسر العدي تتنقل



الله أكبر كيف من بيمينه

تدبير أمر الكائنات يكبل



و يسام ضيما من علي هام السهي

ضربت سرادق عزه لا تنقل



و بسجنه كم من أذي قد مسه

لا يستطيع له نبي مرسل



لا يوسف الصديق يحكيه و ان

جل البلاء فخطب موسي أشكل



فليوسف عند الخروج تباشر

و عليه تاج الملك و هو مكلل



و ابن النبي له خروج مثله

لكنه ميت بلوح يحمل



و لقد تحمل من أذي فرعونه

ما لم يكن موسي له يتحمل



لئن ازدراه ورام قتل حماته

فنجا وذا بالسم أضحي يقتل



بأبي و بي أفديه مسموما قضي

بالتمر ليت النخل لم يك يحمل



[ صفحه 103]



الله قد قتلوا النبي بقتله

و قضي بذياك الوصي الأفضل



أفديه محمول الجنازة لم يكن

من أهله أحد هنالك يحمل



عجبا لمن غر الملائك قد غدي

خدما له و ببابه تتوسل



تسري جنازته بذل في الملا

و يقام في النادي النداء المشكل



يا من له المختار يبكي من أسي

يبكي له الدين الحنيف و يعول



فلتندب الصلوات من أحيي به

ا الليل الطويل لربه يتبتل



و لتندب الأسحار من في نوره

يجلو الدجي و به الكتاب يرتل



قل للوفود لمن تشد رحالها

موسي قضي فلمن سواه تؤمل



باب الرجا باب الهدي باب الندي

باب الحوائج بعد موسي مقفل



فلتندب الوفاد كفا لم تزل

ان أجدبت أعوامها تتهطل



للشيخ أحمد الشيخ صالح البحراني:



كمثل كظوم الغيظ موسي بن جعفر

أبي الحسن المسموم مستودع السر



و كم آنست منه السجون بمعبد

بأنواره تمسي كما هالة البدر



و ما زال منها في السجون رهينة

يعالج فيها لاعج البؤس و النصر



تقاذفه أيدي الطغاة عداوة

بسجن الي سجن و مصر الي مصر



فطورا ببغداد و طورا ببصرة

بقيد ثقيل مرن قوة العمر



كما قيد السجاد حتي تورمت

من القيد أعضاه بجامعة الأسر



فأغري به الكلب العقور ابن شاهك

عريق البغايا في الفجور و في الغدر



فقطع أفلاذ الفؤاد عداوة

بسم نقيع شاب مستعذب التمر



قضي و هو شمس بالكسوف تجللت

فما البدر بدر لا و لا الفجر بالفجر



قضي و هو مسموم فأي موحد

تري بمحياه الوري سمة البشر



[ صفحه 104]



فلهفي علي باب الحوائج قد بقي

برغم العلي ملقي كما قيل بالجسر



و لهفي علي موسي الكليم فؤاده

فناح له موسي الكليم بلا فكر



و لا غرو فالأملاك و الرسل نمقت

عليه برود الحزن بالجدد الحمر



و ان عميد الرسل سمط دمعه

بصفحة خديه عقيقا مع الدر



و حيدرة الكرار يبكي لشبله

غداة كساه السم من حلل خضر



و شقت له الزهراء حبة قلبها

لسم خبا من مسه الكوكب الدري



و طرح ابنها موسي علي الجسر ضحوة

أهاج لها طرح الحسين علي العفر



و غربته قد جددت غربة ابنها

و فتكة سندي به فتكة الشمر



و ذكرها سم أصاب فؤاده

سهاما فرت قلب الحسين مع النحر



علي أن موسي قد أصيب بنفسه

و أبناؤه و الأهل في الخفر و الخدر



و غسله المولي الرضا بيمينه

و كفنه و الكل بالحال لا يدري



و كفنه بالجهر بعض ببردة

محبرة قد ضمت سور الذكر



تم بعون الله الملك الوهاب


پاورقي

[1] انظر: موسوعة العتبات المقدسة 9: 216 - 219.

[2] انظر: موسوعة العتبات المقدسة 9: 239.

[3] الملقب بالقانوني، و انما لقب بهذا اللقب لأنه هو الذي وضع القوانين في الدولة العثمانية. «منه رحمه الله».

[4] زيادة اقتضاها السياق.

[5] موسوعة العتبات المقدسة 9: 240.

[6] انظر: موسوعة العتبات المقدسة 9: 241.

[7] الأزرية: 143.

[8] خاتمة مستدرك الوسائل 2: 53.

[9] في الأصل: (انه)، و ما أثبتناه للسياق.

[10] في الأصل: (من)، و ما أثبتناه للسياق.

[11] المينا: مادة صلبة زجاجية يطلي بها (فارسية). المنجد: 782 - مين.

[12] الابريز: الخالص. لسان العرب 1: 374 - برز.

[13] الصفة: الظلة، و صفة البنيان: طرته، و الصفة من البنيان شبه البهو الواسع الطويل السمك. لسان العرب 7: 364 - صفف.

[14] في الأصل: (تذهيب)، و ما أثبتناه للسياق.

[15] في الأصل: (و كتبها)، و ما أثبتناه للسياق.

[16] في الأصل زيادة: (و) بعد (تم)، و ما أثبتناه موافق للسياق.