بازگشت

دلائل امامته


أجمع الشيعة بعد وفاة الصادق عليه السلام علي امامة أبي الحسن موسي بن جعفر عليه السلام؛ لأنه أجل ولد أبيه و أشرفهم قدرا و أعظمهم محلا و أبعدهم في الناس صيتا، و لم ير في زمانه أسخي منه و لا أكرم نفسا و عشرة، و كان أعبد أهل زمانه و أورعهم و أجلهم و أفقههم و أسخاهم كفا و أكرمهم نفسا.

و اجتمع جمهور شيعة أبيه علي القول بامامته و التعظيم لحقه و التسليم لأمره، و رووا عن أبيه نصا عليه بالامامة و اشارة بالخلافة، و أخذوا عنه معالم دينهم، و رووا عنه من الآيات و المعجزات ما يقطع بها علي حجيته و صواب القول بامامته. هكذا ذكر الشيح المفيد عليه السلام في (ارشاده) [1] .

قال: فمن روي صريح النص بالامامة من أبي عبدالله عليه السلام علي ابنه أبي الحسن موسي عليه السلام من شيوخ أصحاب أبي عبدالله عليه السلام و خاصته و بطانته و ثقاته الفقهاء الصالحين - رحمة الله عليهم -: المفضل بن عمر الجعفي، و معاذ بن كثير، و عبدالرحمن بن الحجاج، و الفيض بن المختار، و منصور بن حازم، و يعقوب السراج، و سليمان بن خالد، و صفوان الجمال، و غيرهم ممن يطول الكلام بذكرهم. و قد روي ذلك من اخوته اسحاق و علي ابنا جعفر، و كانا من الفضل و الورع علي ما لا يختلف فيه اثنان [2] .



[ صفحه 20]



ثم ذكر المفيد رواية كل واحد من هؤلاء بأسانيدها، و نحن ننقلها بحذف الأسناد.

قال المفضل بن عمر: كنت عند أبي عبدالله عليه السلام فدخل أبوابراهيم موسي عليه السلام و هو غلام، فقال لي: «استوص به، وضع أمره عند من تثق به من أصحابك» [3] .

و قال معاذ بن كثير للصادق عليه السلام: أسال الله الذي رزق أباك منك هذه المنزلة أن يرزقك من عقبك قبل الممات مثلها، فقال: «قد فعل الله ذلك»، قال: من هو جعلت فداك؟ فأشار الي العبد الصالح و هو راقد، فقال: «هذا الراقد»، و هو يومئذ غلام [4] .

و قال عبدالرحمن بن الحجاج: دخلت علي جعفر بن محمد عليه السلام و هو يدعو و علي يمينه موسي بن جعفر عليه السلام يؤمن علي دعائه، فقلت له: جعلني الله فداك، من ولي الأمر بعدك؟ قال: «ان موسي قد لبس الدرع و استوت عليه»، فقلت: لا أحتاج بعد هذا الي شي ء [5] .

و كانت هذه درع رسول الله عليه السلام، من لبسها و استوت عليه من أولاد الأئمة عليهم السلام فهو الامام.

و قال الفيض بن المختار لأبي عبدالله: خذ بيدي من النار، من لنا بعدك؟ فدخل أبوابراهيم و هو يومئذ غلام، فقال: «هذا صاحبكم فتمسك به» [6] .

و قال منصور بن [حازم] [7] : قلت لأبي عبدالله عليه السلام: بأبي أنت و أمي ان الأنفس يغدي عليها و يراح، فاذا كان ذلك فمن؟ فقال: «اذا كان ذلك فهذا [8] .



[ صفحه 21]



صاحبكم»، و ضرب بيده علي منكب أبي الحسن الأيمن و هو يومئذ خماسي، و عبدالله بن جعفر جالس معنا [9] .

قال يعقوب السراج: دخلت علي أبي عبدالله و هو واقف علي رأس أبي الحسن موسي عليه السلام و هو في المهد، فجعل يساره طويلا، فجلست حتي فرغ فقمت اليه، فقال لي: «ادن الي مولاك فسلم عليه»، فدنوت فسلمت عليه فرد علي بلسان فصيح، ثم قال: «اذهب فغير اسم ابنتك»، و كنت سميتها بالحميراء، فقال أبو عبدالله عليه السلام: «انته الي أمره ترشد». قال: فغيرت اسمها [10] .

و قال سليمان بن خالد: دعا أبو عبدالله عليه السلام أباالحسن عليه السلام يوما و نحن عنده، فقال لنا: «عليكم بهذا بعدي، فهو و الله صاحبكم بعدي» [11] .

و قال صفوان الجمال: سألت أبا عبدالله عليه السلام عن صاحب هذا الأمر؟ قال: «ان صاحب هذا الأمر لا يلهو و لا يعلب»، فأقبل أبوالحسن عليه السلام و هو صغير و معه بهمة [12] مكية و هو يقول لها: «اسجدي لربك»، فأخذه أبوعبدالله و ضمه اليه و قال: «بأبي و أمي من لا يلهو و لا يلعب» [13] .

و قال اسحاق بن جعفر الصادق عليه السلام: كنت عند أبي فسأله علي بن عمر بن علي، قال: جلعت فداك، الي من نفزع و يفزع الناس بعدك؟ فقال: «الي صاحب هذين الثوبين الأصفرين و الغديرتين [14] ،



[ صفحه 22]



و هو الطالع عليكم [15] من الباب»، قال: فما لبثنا أن طلع علينا أبوابراهيم موسي و هو صبي و عليه ثوبان أصفران [16] .

و قال علي بن جعفر الصادق عليه السلام: سمعت أبي يقول لجماعة من خاصته و أصحابه: «استوصوا بابني [موسي] [17] خيرا، فانه أفضل ولدي و من أخلف من بعدي، و هو القائم مقامي، و الحجة لله تعالي علي كافة خلقه من بعدي» [18] .

قال المفيد قدس سره: (و كان علي بن جعفر عليه السلام شديد التمسك بأخيه موسي و الانقطاع اليه و التوفر علي أخذ معالم الدين منه، و له مسائل مشهورة عنه و جوابات رواها سماعا) [19] .

أقول: أين هذا - علي بن الصادق - وحبه لأخيه موسي و احترامه له من علي بن اسماعيل بن الصادق ابن أخيه الذي سعي الي الرشيد بعمه موسي بن جعفر عليه السلام؟! و كان السبب الوحيد في اشخاص الرشيد للامام من المدينة الي بغداد و زجه في الحبوس حتي مضت عليه سبع سنين، و آخر الأمر أوعز الي السندي بن شاهك و سم الامام بالرطب المسموم حتي قضي نحبه صابرا مضطهدا مسموما.



أفديه مسموما بسم قاتل

أضمي الحشاشة من بني ياسين




پاورقي

[1] الارشاد (ضمن سلسلة مؤلفات الشيخ المفيد) 11 / 2: 214.

[2] الارشاد (ضمن سلسلة مؤلفات الشيخ المفيد) 11 / 2، باختلاف يسير.

[3] الارشاد (ضمن سلسلة مؤلفات الشيخ المفيد) 11 / 2: 216 - 217.

[4] الارشاد (ضمن سلسلة مؤلفات الشيخ المفيد) 11 / 2: 217.

[5] الارشاد (ضمن سلسلة مؤلفات الشيخ المفيد) 11 / 2: 217.

[6] الارشاد (ضمن سلسلة مؤلفات الشيخ المفيد) 11 / 2: 217.

[7] في الأصل: (حاتم)، و ما أثبتناه من المصدر.

[8] في المصدر: (فهو) بدل (فهذا).

[9] الارشاد (ضمن سلسلة مؤلفات الشيخ المفيد) 11 / 2: 218.

[10] الارشاد (ضمن سلسلة مؤلفات الشيخ المفيد) 11 / 2: 219.

[11] الارشاد (ضمن سلسلة مؤلفات الشيخ المفيد) 11 / 2: 219.

[12] البهمة: أولاد الضأن. و في مصدر آخر: عناق مكية، و العناق الأنثي من أولاد المعز. «منه رحمه الله». انظر: لسان العرب 1: 524 - بهم. المصباح المنير: 64. مجمع البحرين 5: 219 - عنق.

[13] الارشاد (ضمن سلسلة مؤلفات الشيخ المفيد) 11 / 2: 219.

[14] الغديرتان: الذؤابتان اللتان تسقطان علي الصدر. لسان العرب 10: 23 - غدر.

[15] في المصدر: (عليك) بدل (عليكم).

[16] الارشاد (ضمن سلسلة مؤلفات الشيخ المفيد) 11 / 2: 220.

[17] من المصدر.

[18] الارشاد (ضمن سلسلة مؤلفات الشيخ المفيد) 11 / 2: 220.

[19] الارشاد (ضمن سلسلة مؤلفات الشيخ المفيد) 11 / 2: 220.