بازگشت

اخباره بالمغيبات


قال أرباب التاريخ: اجتمعت عصابة من الشيعة بنيشابور - بعد وفاة الصادق عليه السلام - و اختاروا محمد بن علي النيسابوري، فدفعوا اليه ثلاثين ألف دينار و خمسين ألف درهم و [ألفي] [1] شقة من الثياب، قال: و جاءت شطيطة بدرهم صحيح و شقة خام من غزل يدها تساوي أربعة دراهم، فقالت: ان الله لا يستحيي من الحق، قال محمد: فثنيت درهمها، و جاؤوا بجزوء فيه مسائل مل ء سبعين ورقة في كل ورقة مسألة، و باقي الأوراق بياض ليكتب الجواب تحتها، و قد حزمت كل ورقتين بثلاث حزم و ختم عليها بثلاث خواتيم علي كل حزام خاتم، و قالوا: ادفع الي الامام هذه ليلة و خذ منه في غد، فان وجدت الجزوء صحيح الخواتيم فاكسر منها ختما و انظره هل أجاب عن المسائل؟ و ان لم تكسر الخواتيم فهو الامام المستحق للمال فادفع اليه، و الا فرد الينا أموالنا.

ثم رحل الي المدينة بهذه الأموال، و لما أن دخلها سأل عن الامام فأرشد علي الأفطح [2] ، فسأله عن مسائل و جربه فما وجد عنده شيئا، فخرج منه و هو يقول: رب اهدني الي سواء الصراط.



[ صفحه 26]



قال: فبينا أنا واقف اذا بغلام يقول: أجب من تريد، قال: مضيت معه حتي اذا أتي دار أبي الحسن موسي بن جعفر عليه السلام، فلما رآني قال لي: لا تقنط يا أباجعفر، و لم تفزع؟ لا الي اليهود و لا الي النصاري، الي فأنا حجة الله و وليه، ألم يعرفك أبوحمزة علي باب مسجد جدي؟ و قد أجبت عما في الجزوء من المسائل بجميع ما سألوا منذ أمس؟ فجئني بدرهم شطيطة الذي وزنه درهم و دانقان الذي في الكيس الذي فيه أربعمائة درهم للوزوازي، و الشقة التي في رزمة الأخوين البلخيين.

قال محمد: فطار عقلي من مقاله، و أتيت بما أمرني و وضعت ذلك قبله، فأخذ درهم شطيطة و أزارها، ثم استقبلني و قال: ان الله لا يستحيي من الحق. يا أباجعفر، أبلغ شطيطة سلامي و أعطها هذه الصرة، و كانت أربعين درهما، ثم قال: و أهديت لها شقة من أكفاني من قطن قريتنا صيداء - قرية فاطمة عليهاالسلام - و غزل أختي حليمة ابنة أبي عبدالله، ثم قال: قل لها ستعيشين تسعة عشر يوما من وصولك و وصول الشقة هذه و الدراهم، فأنفقي علي نفسك منها عشرة و اجعلي أربعة و عشرين صدقة منك و ما يلزم عنك، و أنا أتولي الصلاة عليك، فاذا رأيتني يا أباجعفر فاكتم علي فانه أبقي لنفسك.

ثم قال عليه السلام: واردد الأموال الي أصحابها، و افتح هذه الخواتيم عن الجزوء و انظر هل أجبناك عن المسائل أم لا من قبل أن تجيئنا بالجزوء؟

قال: فوجدت الخواتيم صحيحة، ففتحت واحدا من وسطها فوجدت فيها مكتوبا: ما يقول العالم عليه السلام في رجل قال: نذرت لله لاعتقن كل مملوك كان في رقي قديما، و كان له جماعة من العبيد؟ «الجواب» - بخطه عليه السلام -: «ليعتقن من كان في ملكه من قبل ستة أشهر، و الدليل علي صحة ذلك قوله تعالي: (و القمر قدرناه منازل حتي عاد كالعرجون القديم) [3] ، و الحديث من ليس له من ستة أشهر».



[ صفحه 27]



قال: و فتحت الخاتم الثاني فوجدت مكتوبا: ما يقول العالم في رجل قال: و الله، لأتصدقن بمال كثير، فبما يتصدق؟ «الجواب» - تحته بخطه عليه السلام -: «ان كان الذي حلف من أرباب شياه فليتصدق بأربع و ثمانين شاة، و ان كان من أصحاب النعم فليتصدق بأربعة و ثمانين بعيرا، و ان كان من أرباب الدراهم فليتصدق بأربعة و ثمانين درهما، و الدليل عليه قوله تعالي (لقد نصركم الله في مواطن كثيرة) [4] ، فعددت مواطن رسول الله صلي الله عليه وآله و سلم قبل نزول تلك الآية فكانت أربعة و ثمانين موطنا».

قال: فكسرت الخاتم الثالث فوجدت فيه مكتوبا: ما يقول العالم في رجل نبش قبر ميت و قطع رأس الميت و أخذ الكفن؟ «الجواب» - بخطه عليه السلام -: «تقطع يد السارق لأخذ الكفن، و يلزم مائة دينار لقطع رأس الميت؛ لأنا جعلناه بمنزلة الجنين في بطن أمه قبل أن ينفخ فيه الروح، و جعلنا في النطفة عشرين دينارا».

قال: ثم ودعت الامام و خرجت [5] .

و عندما وصل الي نيسابور وجد الذين رد عليهم أموالهم كانوا قد ارتادوا الي الفطحية و شطيطة باقية علي الحق، فبلغها سلامه و أعطاها الصرة و شقته. قال: و عاشت كما قال عليه السلام، و لما توفيت شطيطة جاء الامام علي بعير له، فلما فرغ من تجهيزها ركب بعيره و انثني نحو البرية و قال: «عرف أصحابك و أقرئهم مني السلام و قل لهم: اني و من جري مجراي من الأئمة عليهم السلام لابد لنا من حضور جنائزكم في أي بلد كنتم، فاتقوا الله في أنفسكم» [6] .



[ صفحه 28]



أقول: سيدي، كيف بقيت جنازتك علي جسر بغداد و شيعتك تنظر اليك و أنت مسجي علي الجسر؟!



كم جرعتك بنو العباس من غصص

تذيب أحشاءنا [ذكرا و تشجينا] [7] .



قاسيت ما لم يقاس الأنبياء و قد

لاقيت أضعاف ما كانوا يلاقونا [8]




پاورقي

[1] من المصدر.

[2] الأفطح: هو عبدالله بن الامام جعفر الصادق عليه السلام و اليه تنسب الأفطحية. «منه رحمه الله». انظر: فرق الشيعة: 77 - 78. الارشاد (ضمن سلسلة مؤلفات الشيخ المفيد) 11 / 2: 210 - 211. كشف الغمة في معرفة الأئمة 2: 392 - 393. منتهي الآمال 2: 209. مقالات الاسلاميين: 27 - 28.

[3] يس: 39.

[4] التوبة: 25.

[5] في الأصل زيادة: (و لما رجعت) بعد (خرجت)، و حذفناها لمقتضي السياق.

[6] انظر: مناقب آل أبي طالب 4: 291 - 292، الثاقب في المناقب: 439 - 446 / 376 / 5. و فيه: (محمد ابن ابراهيم النيسابوري) بدل (محمد بن علي النيسابوري)، و (اللؤلوئي) بدل (الوزوازي)، و (صريا) بدل (صيداء).

[7] في الأصل: (ذكراه تشجينا)، و ما أثبتناه من المصدر.

[8] المجالس السنية 2: 551، و البيتان من قصيدة للسيد صالح القزويني.