علم التاريخ
حج المهدي بن أبي جعفر المنصور، فلما صار في فتق العبادي [1] ، ضج الناس من العطش، فأمر أن تحفر بئر، فلما بلغوا قريبا من القرار هبت عليهم ريح من البئر، فوقعت الدلاء، و منعت من العمل، فخرجت الفعلة خوفا علي أنفسهم فأعطي علي بن يقطين لرجلين عطاء كثيرا ليحفرا، فنزلا فأبطئا.
ثم خرجا مرعوبين قد ذهبت ألوانهما، فسألهما عن الخبر فقالا: انا رأينا آثارا و أثاثا، و رأينا رجالا و نساء فكلما أومأنا الي شي ء منهم صار هباء فصار المهدي يسأل عن ذلك و لا يعلمون، فقال موسي بن جعفر (ع): هؤلاء أصحاب الأحقاف، غضب الله عليهم فساخت بهم ديارهم و أموالهم [2] فعند عجز العلماء أو الخلفاء عن الادلاء برأي يلجأون حينها الي الأئمة (ع) فورا، كما اشتهر عن عمر قوله «ما كنت لمعضلة ليس لها أباحسن» و في هذه الرواية اما أن المهدي تجاهل الامام الكاظم (ع) ليبعده عن الساحة قدر المستطاع، و اما لجأ اليه بعد العجز عن حقيقة الأمر.
و في بعض الروايات أن المهدي كتب الي موسي بن جعفر (ع) بالمدينة يقدم عليه ليسأله، فأخبره ثم بكي بكاء شديدا، و قال: يا أميرالمؤمنين هؤلاء بقية قوم عاد، غضب الله عليهم فساخت بهم منازلهم، هؤلاء أصحاب الأحقاف. فقال المهدي: «يا أباالحسن و ما الأحقاف؟
[ صفحه 49]
قال: الرمل» [3] فقد يكون بكاء الامام (ع) موعظة بليغة للمهدي لعله يرتدع عن غيه، و تعذيبه للأبرياء بصنوف العذاب، من السباع و الزنابير و السنانير اذا امتنعوا عن أداء الخراج [4] .
پاورقي
[1] فتق العبادي: مكان بالحيرة، المعجم الوسيط ج 2 / 579.
[2] مناقب ابن شهرآشوب ج 4 ص 311.
[3] الاحتجاج ج 2 ص 159.
[4] الحياة السياسية للامام الرضا (ع) ص 117.