بازگشت

كرمه


ذكر القرآن الكريم كيفية الانفاق بقوله «و لا تجعل يدك مغلولة الي عنقك، و لا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا» [1] هذا الانفاق المستحب الذي ينبغي أن يتحلي به المؤمن، فلا افراط و لا تفريط.

أما بشأن الأئمة (ع) فقد كانوا يؤثرون علي أنفسهم غيرهم، دون الاجحاف بعيالهم و مواليهم، كي لا يتعدي علي حقوق الآخرين.

اضافة الي أن موارد الأئمة (ع) كانت كثيرة من حقوقهم الخاصة من



[ صفحه 59]



الخمس و من عملهم بأيديهم في الأرض، و من التجارة بأموالهم أحيانا، و من الحقوق العامة التي كانت تجبي اليهم من الزكاة و الكفارات - غالبا تجبي سرا للضغوط القاسية التي كانوا يعانون منها -.

فهذه الأموال لم يكونوا (ع) يبنون بها قصورا، و يتنعمون بأنواع النعم من الأطعمة الشهية و غيرها أو تترك ارثا لأولادهم بل كانت تنفق علي الفقراء، ليساووا أنفسهم بأقل الفقراء، لأنهم ملجأ المستغيث.

1 - فعن محمد بن عبدالله البكري قال: «قدمت المدينة أطلب بها دينا فأعياني فقلت: لو ذهبت الي أبي الحسن (ع) فشكوت اليه، فأتيته بنقمي في ضيعته، فخرج الي و معه غلام و معه منسف فيه قديد مجزع، ليس معه غيره، فأكل فأكلت معه، ثم سألني عن حاجتي فذكرت له قصتي فدخل و لم يقم الا يسيرا حتي خرج الي فقال لغلامه: اذهب ثم مد يده الي فناولني صرة فيها ثلاثمائة دينار، ثم قام فولي فقمت فركبت دابتي و انصرفت» [2] .

فوجود الامام (ع) في أرضه دليل علي عمله بها أو تفقدها، كي لا يكون اتكاليا، مع النفقة السرية التي تطفي ء غضب الرحمن، فلم يشأ أن يراه حتي غلامه، كي لا يخسر بعض ثوابه.

2 - كان (ع) يتفقد فقراء أهل المدينة، فيحمل اليهم في الليل العين و الورق [3] و غير ذلك فيوصله اليهم و هم لا يعلمون من أي جهة هو، و كان (ع) يصل بالمائة دينار الي الثلاثمائة دينار، فكانت صرار موسي مثلا، و كان يقال عجبا لمن جاءته صرة موسي فشكا القلة [4] .

3 - و قال الحافظ أبوبكر البغدادي «و كان يبلغه عن الرجل أنه يؤذيه فيبعث اليه بصرة فيها ألف دينار، وكا يصر الصرر ثلاثمائة دينار، و أربعمائة دينار، و مائتي دينار، ثم يقسمها بالمدينة، و كان مثل صرر موسي بن جعفر اذا جاءت الانسان الصرة فقد استغني» [5] .

و مع كل ذلك فقد كان (ع) يستدين اذا احتاج، لأنه قد يري أن حاجة



[ صفحه 60]



أخيه أعظم من حاجته فيهب له (ع) ثم يستدين لنفسه، فالدين و ان كان مكروها شرعا الا لضرورة، فقد كان (ع) يتحمل ذلك صونا لأعراض الآخرين و رحمة و شفقة بهم.

4 - فعن موسي بن بكر قال: ما أحصي ما سمعت أباالحسن موسي صلوات الله عليه ينشد:



فان يك يا أميم علي دين

فعمران بن موسي يستدين [6] .



ثم مع يسار حال موسي (ع) لم يكن يخزن الحبوب و الطعام و... خوف القلة بل كان يساوي نفسه بعامة المسلمين.

5 - فعن معتب قال: «كان أبوالحسن (ع) يأمرنا اذا أدركت الثمرة أن نخرجها فنبيعها، و نشتري مع المسلمين يوما فيوما» [7] .


پاورقي

[1] سورة الاسراء، آية 29.

[2] كشف الغمة ج 3 ص 20، أعيان الشيعة ج 2 ص 7.

[3] الفضة.

[4] بحارالأنوار ج 48 ص 248 - 108، أعيان الشيعة ج 2 ص 7.

[5] بحارالأنوار ج 48 ص 248 - 108، أعيان الشيعة ج 2 ص 7.

[6] الكافي ج 5 ص 94 (عمران بن موسي المقصود به نبي الله موسي (ع) و انما قلب للوزن و في بعض النسخ موسي بن عمران) منه.

[7] بحارالأنوار ج 48 ص 1117 - 115.