بازگشت

حقد هارون علي الامام


و كان يسعي هارون للظهور بوجه نقي يبين من خلاله لعامة شعبه، بأنه لا يبغي أي نائلة للامام و لكن الحقد الدفين الذي كان يحمله بين طياته لم يخف بين الحين و الآخر.

فقد حاول ابطال أمر الامام بالاستهزاء به تارة، و الاستخفاف به أخري، الي تعذيبه و سجنه و سمه و...

فقد روي علي بن يقطين قال: استدعي الرشيد رجلا يبطل به أمر أبي الحسن موسي بن جعفر و يقطعه و يخجله في المجلس، فانتدب له رجل معزم [1] ، فلما أحضرت المائدة عمل ناموسا علي الخبز، فكان كلما رام خادم أبي الحسن تناول رغيف من الخبز طار من بين يديه، و استفز هارون الفرح و الضحك لذلك، فلم يلبث أبوالحسن أن رفع رأسه الي أسد مصور علي بعض الستور.

فقال له: يا أسد خذ عدو الله قال: فوثبت تلك الصورة كأعظم ما يكون من السباع، فافترست ذلك المعزم، فخر هارون و ندماؤه علي وجوههم مغشيا عليهم و طارت عقولهم، خوفا من هول ما رأوه، فلما أفاقوا من ذلك بعد حين قال هارون لأبي الحسن: أسئلك بحقي عليك لما سئلت الصورة أن ترد الرجل فقال: ان كانت عصا موسي ردت ما ابتلعته من حبال القوم و عصيهم، فان هذه الصورة ترد ما ابتلعته من هذا الرجل، فكان ذلك أعمل الأشياء في افاقة نفسه» [2] و هذه الرواية من حيث السند حسنة ان لم تكن علي أعلي درجة من الوثاقة، و قد رواها أكابر و أعاظم علمائنا.

و ليس هذا ببعيد علي أهل بيت النبوة فانهم لا يظهرون معاجزهم



[ صفحه 87]



و كراماتهم الا حين يرون ضرورة تستدعيهم الي ذلك كما اذا رأوا في ذلك وهنا علي الدين كما حصل.

و روي بعض أصحابنا أن هارون قد استعان علي قتل الامام (ع) برجال من الخزر و الترك، فلما رأوه تداخلهم من الهيبة و وقعوا علي قدميه يقبلونها و يسألونه العفو، فجعل الامام يمر يده علي رؤوسهم و يخاطبهم بلغتهم و هم يبكون [3] .

بل انه كان يحاول سم الامام (ع) قبل وضعه في السجن فعن عمر بن واقد قال: ان هارون الرشيد لما ضاق صدره مما كان يظهر له من فضل موسي بن جعفر (ع)، و ما كان يبلغه من قول الشيعة بامامته، فكر في قتله بالسم.

فوضع عشرين رطبة، و سمم أحدها بسلك مسموم، و أعطي ذلك لخادمه، و أمره أن يقسم عليه بأن يأكله عن آخره.

فبينما (ع) يأكل اذا بكلبه قد حازت بجانبه (ع) فأخذ خلال و غرزه في الرطبة و رمي بها الي الكلبة، فأكلتها، فما لبثت أن ضربت بنفسها الأرض و ماتت، فلما علم ذلك هارون، أحضر الخادم و دعا بسيف و نطع، و قال له: لتصدقني عن خبر الرطب أو لأقتلنك.

فأخبره بما جري، فقال الرشيد: ما ربحنا من موسي (عليه السلام) الا أنا أطمعناه جيد الرطب، و ضيعنا سمنا، و قتل كلبنا، ما في موسي بن جعفر من حيلة؟ [4] .

و لما سجنه عند الفضل بن يحيي، و ورد الخبر بأنه في سعة و دعة و رفاهية، أمر بالفضل فجرد من ثيابه، و جلد مائة سوط، و تبرأ منه، و أوعز الي أصحابه التبرء منه، الي أن اعتذر عنه أبوه يحيي بن خالد و وعد هارون بأنه سينفذ ما يأمره بنفسه من قتل الامام (ع).

«فأمر بعد ذلك مواليه توليه، فقالوا: نحن أولياء من واليت و أعداء



[ صفحه 88]



من عاديت و قد توليناه» [5] .


پاورقي

[1] ساحر أو مشعوذ.

[2] أمالي الشيخ الصدوق ص 90، المناقب ج 4 ص 299.

[3] المناقب ج 4 ص 300.

[4] عيون أخبارالرضا ج 1 ص 101.

[5] سيرة الأئمة الاثني عشر ج 2 ص 337.