بازگشت

السعاية من أقربائه


1 - علي بن اسماعيل بن جعفر (ع) روي الشيخ الصدوق قال: كان السبب رجوع موسي بن جعفر (ع) الي بغداد، أن هارون الرشيد أراد أن يعقد الأمر لابنه محمد بن زبيدة، و كان له من البنين أربعة عشر ابنا، فاختار منهم ثلاثة محمد بن زبيدة و جعله ولي عهده، و عبدالله المأمون و جعل الأمر له بعد ابن زبيدة، و القاسم المؤتمن و جعل له الأمر من بعد المأمون.

و كان محمد بن زبيدة في حجر جعفر بن محمد بن الأشعث (و كان يتشيع) فساء ذلك يحيي بن خالد البرمكي لأنه اذا تولي الخلافة فقد يديرها حقيقة معلمه جعفر بن محمد بن الأشعث، فتقرب الي جعفر و أظهر له أنه علي مذهبه، فأفضي له بأسراره و انه مع الامام الكاظم (ع)، و كان الرشيد يجهل ذلك و يقدم جعفر في كثير من الأمور.

فمدح يحيي جعفرا عند هارون، ففرح بذلك هارون فأمر لجعفر بعشرين ألف دينار، و عند المساء أبدي يحيي ما كان يكتمه علي جعفر، و أخبره أنه لا يأتيه شي ء الا خمسه عند الكاظم (ع).

فأرسل هارون خلف جعفر و أمره باحضار العشرين ألف دينار



[ صفحه 91]



بخواتيمها، فأتي بها، ثم قال: هذا أول ما تعرف به كذب من سعي بي اليك، قال: صدقت يا جعفر انصرف آمنا، فاني لا أقبل فيك قول أحد، و جعل يحيي يحتال في اسقاط الامام.

ثم قال يوما لبعض ثقاته: أتعرفون لي رجلا من آل أبي طالب، ليس بواسع الحال يعرفني ما أحتاج اليه من أخبار موسي بن جعفر؟ فدل علي علي بن اسماعيل بن جعفر بن محمد فحمل اليه يحيي مالا، و كان موسي يأنس اليه و يصله و ربما أفضي اليه بأسراره، فلما طلب ليشخص به أحس موسي بذلك، فدعاه الي أين يابن أخي؟ قال: الي بغداد علي دين و أنا مملق.

قال (ع): فأنا أقضي دينك و أفعل بك و أصنع، فلم يلتفت الي ذلك فعمل علي الخروج، فاستدعاه أبوالحسن فقال له: أنت خارج؟ فقال له: نعم لابد لي من ذلك. فقال له (ع): انظر يابن أخي، و اتق الله لا تؤتم أولادي، و أمر له بثلاثمائة دينار و أربعة آلاف درهم. و أرسلها مع أخيه محمد بن اسماعيل بن جعفر، و قال له: اجعل هذا في جهازك و لا تؤتم ولدي.

فكأن اختيار الامام (ع) بارسالها مع أخيه محمدا بالخصوص، تحذيرا له أيضا، لأنه خان بالامام فيما بعد و وشي عليه لهارون.

فخرج علي بن اسماعيل حتي أتي يحيي بن خالد البرمكي، فتعرف منه خبر موسي بن جعفر، فعرفه الي الرشيد و زاد فيه، ثم أوصله الي الرشيد فسأله عن عمه فسعي به اليه، فعرف يحيي خبره و زاد عليه و قال له: ان الأموال تحمل اليه من المشرق و المغرب، و ان له بيوت أموال، و انه اشتري ضيعة بثلاثين ألف دينار فسماها اليسيرة [1] ، و قال له صاحبها و قد أحضره المال: لا آخذ هذا النقد و لا آخذ الا نقدا كذا و كذا...

فأمر بذلك المال فرد و أعطاه ثلاثين ألف دينار من النقد الذي سأل



[ صفحه 92]



بعينه. فسمع ذلك منه الرشيد و أمر له بمائتي ألف درهم نسبت له علي بعض النواحي فاختار كور المشرق، و مضت رسله لقبض المال، و دخل هو في بعض الأيام الي الخلاء فزحر زحرة فخرجت حشوته كلها فسقطت، و جهدوا في ردها فلم يقدروا، فوقع لما به و جاءه المال و هو ينزع فقال: و ما أصنع به و أنا أموت [2] .

2 - محمد بن جعفر بن محمد الباقر (ع)

فعن علي بن جعفر قال؛ جاءني محمد بن اسماعيل بن جعفر بن محمد و ذكر لي: أن محمد بن جعفر دخل علي هارون الرشيد فسلم عليه بالخلافة ثم قال له: ما ظننت أن في الأرض خليفتين حتي رأيت أخي موسي بن جعفر (ع) يسلم عليه بالخلافة [3] .

فقد يكون اخبار محمد بن اسماعيل لعمه علي بن جعفر، حال عمه محمد، لابعاد التهمة عن نفسه و الصاقها بغيره، فيتنحي عندئذ ناحية.

اضافة الي أن الامام (ع) لم يرو التاريخ انه كان يسلم عليه بالخلافة، بل بالامامة و السيادة، و لو فرض ذلك، فانما جره لقوله الحسد.

3 - محمد بن اسماعيل بن جعفر.

و روي علي بن جعفر قال: جاءني محمد بن اسماعيل بن جعفر يسألني أن أسأل أباالحسن موسي (ع) أن يأذن له في الخروج الي العراق و أن يرضي عنه و يوصيه بوصيته قال: فتنحيت حتي دخل المتوضأ و خرج و هو وقت كان يتهيأ لي أن أخلو به و أكلمه، قال: فلما خرج قلت له ان ابن أخيك، محمد بن اسماعيل يسألك أن تأذن له في الخروج الي العراق، و أن توصيه، فأذن له (ع) فلما رجع الي مجلسه، قام محمد بن اسماعيل و قال: يا عم أحب أن توصيني فقال: أوصيك أن تتقي الله في دمي. فقال: لعن الله من يسعي في دمك، ثم قال: يا عم أوصني، قال: أوصيك أن تتقي الله في دمي.



[ صفحه 93]



قال: ثم ناوله أبوالحسن (ع) صرة فيها مائة و خمسون دينارا، فقبضها محمد ثم ناوله أخري فيها مائة و خمسون دينارا، فقبضها ثم أعطاه صرة أخري، فيها مائة و خمسون دينارا، فقبضها ثم أمر له بألف و خمسمائة درهم كانت عنده، فقلت له في ذلك و استكثرته، فقال هذا ليكون أوكد لحجتي اذا قطعني و وصلته، قال: فخرج الي العراق فلما ورد حضرة هارون أتي باب هارون، بثياب طريقه، قبل أن ينزل و استأذن علي هارون، و قال للحاجب قل لأميرالمؤمنين ان محمد بن اسماعيل بن جعفر بن محمد بالباب، فقال الحاجب انزل أولا و غير ثياب طريقك، و عد لأدخلك اليه بغير اذن، فقد نام أميرالمؤمنين في هذا الوقت.

فقال: أعلم أميرالمؤمنين أني حضرت و لم تأذن لي؟

فدخل الحاجب و أعلم هارون قول محمد بن اسماعيل فأمر بدخوله، فدخل. قال: يا أميرالمؤمنين خليفتان في الأرض موسي بن جعفر بالمدينة يجبي له الخراج و أنت بالعراق يجبي لك الخراج؟ فقال والله!!! فقال: والله. فقال: فأمر له بمائة ألف درهم، فلما قبضها و حملت الي منزله، أخذته الذبحة في جوف ليلته فمات، و حول من الغد المال الذي حمل اليه الي الرشيد [4] .

فكان محمد بن اسماعيل يتظاهر بالولاء لعمه الكاظم و يطلب منه الاذن و الوصية، و يدعو علي من يرد به سوء، و كتم الحقد و الحسد الذي كان يضمره عليه، و عرف الامام سوء سريرته فأملأ عينيه من المال، و أكد عليه الحجة، و لكن الوشايات و العلاقات بين محمد بن اسماعيل و هارون كانت قد وطدت، فخجل من هارون قطع علاقته معه أوقد تسبب أذية له.

أما كيفية اتصاله بهارون فيمكن - و هو الأقوي - أن تكون عن طريق الرسائل أو أشخاص، و شخوصه الي باب هارون أحيانا.

اذ كيف يأذن الحاجب له بدخوله عليه دون اذن مسبق؟ بل كيف أكد عليه بقوله: أعلم أميرالمؤمنين أني حضرت و لم تأذن لي؟



[ صفحه 94]



فهارون ينتظره علي أحر من الجمر، بل لأهمية الأمر أذن له في غير وقت الاذن و هو حال نوم هارون فأيقظه من نومه، و تهلل وجه هارون و أمر له بذلك المبلغ العظيم.


پاورقي

[1] اسم الضيعة التي أدعي أنه اشتراها الامام (ع) تسمي البشرية أو اليسيرية، أو اليسيرة، و قد يكون اعطاء المال من جنس آخر من باب الكرامة و المعجزة لا حقيقة، بل و قد يكون شراء الضيعة حفظا للأموال الشرعية و غير ذلك.

[2] مقاتل الطالبيين ص 333، أصول الكافي ج 1 ص 485، أعيان الشيعة ج 2 ص 11، عيون الأخبار ج 1 ص 69، مناقب ابن شهرآشوب ج 4 ص 308.

[3] عيون الأخبار ج 1 ص 72، المناقب ج 4 ص 326.

[4] أعيان الشيعة ج 2، ص 11، الكافي ج 1، ص 485.