بازگشت

خذ فدك


و سياسة الرشيد كانت تتركز علي حبه للمدح و الظهور، و ذلك يكون بتوجه الأنظار اليه بمخالفته للسياسية التي جري عليها أخوه الهادي، من سلب فدك من الفاطميين، فانه اذا ردها كما فعل أبوه محمد المهدي من قبل، فلا شك أن ملكه سيزهو و يثبت، و سيلتف حينئذ حوله الطالبيون فضلا عن العباسيين.

ففي كتاب أخبار الخلفاء أن هارون الرشيد كان يقول لموسي بن جعفر: خذ فدكا حتي أردها اليك، فيأبي حتي ألح عليه، فقال (ع): لا آخذها الا بحدودها قال: و ما حدودها؟ قال: ان حددتها لم تردها، قال: بحق جدك الا فعلت.

قال: أما الحد الأول فعدن [1] ، فتغير وجه الرشيد، و قال: ايها، قال: و الحد الثاني سمرقند [2] ، فاربد وجهه، قال: و الحد الثالث افريقية [3] ، فاسود وجهه، و قال؛ هيه قال: و الرابع سيف البحر [4] مما يلي الخزر و ارمينيه.

قال الرشيد: فلم يبق لنا شي ء، فتحول الي مجلسي، قال موسي: قد أعلمتك أنني ان حددتها لم تردها، فعند ذلك عزم علي قتله [5] و في رواية ابن أسباط أنه قال: أما الحد الأول فعريش مصر، و الثاني دوحة الجندل، و الثالث: أحد، و الرابع سيف البحر. فقال هارون: هذا كله، هذه الدنيا؟!!



[ صفحه 113]



فقال (ع) هذا كان في أيدي اليهود بعد موت أبي هالة، فأفاءه الله علي رسوله، بلا خيل و لا ركاب، فأمره الله أن يدفعه الي فاطمة [6] ، فهذا الالحاح الشديد لم يكن حبا و مودة، بل طمعا في ارساء ملكه، و الا لم لم يعط منافعها للفاطميين، أو يضمها الي أموالهم حتي مع عدم قبول الامام، و ذلك يكون برفع يده عنها.

و علي هذا يكون الامام (ع) قد حد جميع الدولة العباسية، و مراده القول (ع) ان العباسيين هم غاصبون لحقوق أهل البيت (ع) أجمع، فليتنازل هارون عن ملكه و ليسلمه للامام (ع) اذا أراد ارجاع الحق المغصوب.

و مع صحة هذه الرواية، فمقصود الامام (ع) ما هو أعم من فدك الذي نحله رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فاطمة، و من كون الخلافة لأهل البيت بنص رسول صلي الله عليه و آله و سلم و هذا يقتضي الاستيلاء علي جميع الدولة و كون ذلك تحت تصرفهم و نفوذهم.

لأن فدكا كانت أرضا كبيرة أو قرية كما عبر عنها، و كانت تدر أموالا طائلة علي الدولة بحيث يكون اعتماد الدولة عليها في تجهيز العدد و العدة في غزو الأعداء، و مما يدل علي أن ذلك هو مراده (ع) «من سؤال هارون لأبي الحسن موسي (ع) حين أدخل عليه ما هذه الدار؟ قال: هذه دار الفاسقين، و قرأ (ع) (سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق و ان يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا»، يعني و ان يروا كل آية لا يؤمنوا بها، و ان يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا. فقال له هارون: فدار من هي؟ قال: هي لشيعتنا قرة، و لغيرهم فتنة. قال: فما باب صاحب الدار لا يأخذها؟ قال: أخذت منهم عامرة، و لا يأخذها الا معمورة» [7] فكأنه (ع) قال اذا أردنا الملك فستهرق الدماء و ستخرب الأرض و لن تكون معمورة، فالوقت لم يحن بعد للقيام بالسيف، و ينتظر بذلك الامام المهدي المنتظر (عج).



[ صفحه 114]




پاورقي

[1] عدن: مدينة معروفة باليمن، و هي في أقصي جنوب الدولة العباسية.

[2] سمرقند: مدينة سوفياتية في وسط آسيا (أوزبكستان حاليا) و هي في أقصي شرق الدولة العباسية من بلاد ماوراء النهر.

[3] افريقية: و هي في أقصي غرب الدولة العباسية.

[4] سيف البحر مما يلي الخزر و أرمينيا: السيف: أي ساحل، فالمقصود به ساحر بحر قزوين (خزر) و أرمينيا قريبة الي خزر و هذا يقع في أقصي شمال الدولة العباسية.

[5] مناقب ابن شهرآشوب ج 4 ص 321، تذكرة الخواص ص 314، بحار ج 48 ص 144.

[6] المصدر السابق.

[7] بحارالأنوار ج 48 ص 156.