بازگشت

رسائل الأصحاب الي الامام


كانت الأسئلة تتوافد علي الامام (ع) من كل حدب و صوب و يجيب عليها (ع) حتي و ان كان (ع) في السجن أيضا، كانت تصل اليه الرسائل، و ذلك اما باسرارها عن السجان ان لم يكن من الموالين، و اما باعلانها اذا كان السجان من الموالين له فتصل اليه بسهولة.



[ صفحه 137]



و يتضح في كثير من الروايات أن بعض السجان كانوا من الموالين للامام (ع) فكان يدخل رسائله سرا عن الحكام.

فعن علي بن سويد قال: كتبت الي أبي الحسن موسي (ع) و هو في الحبس كتابا أسأله عن حاله و عن مسائل كثيرة فاحتبس الجواب علي ثم أجابني بجواب هذه نسخته: «... كتبت تسألني عن أمور كنت منها في تقية و من كتمانها في سعة، فلما انقضي سلطان الجبابرة، و جاء سلطان ذي السلطان العظيم، بفراق الدنيا المذمومة الي أهلها، العتاة علي خالقهم، رأيت أن أفسر لك ما سألتني عنه مخافة أن يدخل الحيرة علي ضعفاء شيعتنا من قبل جهالتهم، فاتق الله جل ذكره، و خص بذلك الأمر أهله، و احذر أن تكون سبب بلية الأوصياء أو حارشا عليهم بافشاء ما استودعتك و اظهار ما استكتمتك، و لن تفعل انشاء الله.

ان أول ما أنهي اليك أني أنعي اليك نفسي في ليالي هذه...» [1] .

فان توقف الامام (ع) عن الاجابة مدة، لعدم قدرته علي ارسالها، اما لعدم وجود المأمون عليها أو للضغط أو المراقبة الشديدة التي كانت تحيط بالامام (ع) فلما وجد نفسه في سعة و قد دني أجله، كان لابد من اظهار الأمر.

و مع ذلك أو صاه (ع) بكتمان الأمر و التقية فيما يرويه.

بل كانوا يكتبون اليه، حتي و ان كان (ع) بينهم في المدينة، بل قد يرونه و لا يتحدثون معه، بل يبعثون اليه برقعة فيها أسئلتهم [2] .

و كذا ارسال الأموال أيضا كانت ضمن الرسائل أحيانا.

و في بعض الرسائل يسأل سبعون مسألة في رسالة واحدة، و كذا رسالته في التوحيد مشهورة.

و في كثير من الأحيان كان (ع) يأخذ الرسائل بطريق المعجزة،



[ صفحه 138]



كانتظاره أصحابه علي قارعة الطريق دون علم مسبق.

فقد روي الكشي عن اسماعيل بن سلام و فلان بن حميد قالا: بعث الينا علي بن يقطين فقال: اشتريا راحلتين و تجنبا الطريق - و دفع الينا أموالا و كتبا - حتي توصلا ما معكما من المال و الكتب الي أبي الحسن موسي (ع) و لا يعلم بكما أحد، قال: فأتينا الكوفة و اشترينا راحلتين و تزودنا زادا، و خرجنا نتجنب الطريق، حتي اذا صرنا ببطن الرمة [3] شددنا راحلتنا و وضعنا لها العلف، و قعدنا نأكل فبينا نحن كذلك، اذ راكب قد أقبل و معه شاكري، فلما قرب منا فاذا هو أبوالحسن موسي (ع) فقمنا اليه و سلمنا عليه، و دفعنا اليه الكتب، و ما كان معنا، فأخرج من كمه كتبا فناولنا اياها، فقال: هذه جوابات كتبكم. قال: فقلنا: ان زادنا قد فني فلو أذنت لنا فدخلنا المدينة، فزرنا رسول الله و تزودنا زادا، فقال: هاتا ما معكما من الزاد، فأخرجنا الزاد اليه فقلبه بيده فقال: هذا يبلغكما الي الكوفة، و أما رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فقد رأيتما، اني صليت معهم الفجر، و اني أريد أن أصلي معهم العصر، انصرفا في حفظ الله [4] .

فالخوف كان في أوجه، فان علي بن يقطين أمرهما بشراء راحلتين، و كأن امتطاء ما عندهم يشعر أو يشير الي أمر، فلذا خرجا الي الكوفة و منها اشتريا حاجتهما، و سافرا الي الامام، مع تجنب الطريق العام، ثم ان الامام (ع) خشي دخولهما الي المدينة فتلقاهما خارجها، و لم يأذن لهما بالدخول، خشية العين الذي وضعها الحكم آنذاك علي الامام و أصحابه، اضافة الي علم الامام (ع) بالأجوبة قبل ارسالها و تبريكه طعامهما، و أمرهما بالمغادرة فورا، و أن رؤيته كرؤية رسول الله و زيارته صلي الله عليه و آله و سلم.


پاورقي

[1] الكافي ج 8 ص 124.

[2] البحار ج 48 ص 242، 77، 73، 66، 53، 38، 37، 33، 32، 31 و غيرها. رجال الكشي ص 231.

[3] بطن الرمة: منزل لأهل البصرة اذا أرادوا المدينة، بها يجتمع أهل البصرة و الكوفة.

[4] بحار ج 48 ص 34.