بازگشت

سبب الثورة


و السبب في قيام الحسين بن علي بثورته، أن موسي بن المهدي (الهادي)، لما استولي علي الحكم، ظهرت منه أمور قبيحة، من شرب الخمر، و بذخ الأموال علي المغنين، حتي قال اسحاق الموصلي «لو عاش لنا الهادي لبنينا حيطان دورنا بالذهب» [1] و فظاظة الأخلاق، و ما كان شي ء أبغض اليه من ابتدائه بالسؤال [2] .

و قد ألح في طلب الطالبيين، و أخافهم خوفا شديدا، و قطع ما كان المهدي يجري لهم من الأرزاق و العطية، و كتب الي الآفاق في طلبهم و حملهم، فلما اشتد خوفهم، و كثر من يطلبهم، و يحث عليهم، عزم الشيعة و غيرهم الي الحسن بن علي بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب [3] (ع) و كان علي درجة عظيمة من التقي و الورع.

و كان من شدة فظاظة الهادي أن استعمل علي المدينة، عمر بن عبدالعزيز بن عبدالله بن عمر بن الخطاب، و كان قد ألزمهم أن يحضروا عنده يوميا للعرض، ماثلين أمامه أذلاء كالعبيد.

و غاب عن العرض ثلاثة أيام الحسن بن محمد بن عبدالله بن



[ صفحه 148]



الحسن، و قد كان مكفولا من قبل الحسين بن علي، و يحيي بن عبدالله بن الحسن، فطولبا به، فقالا والله ما ندري فأغلظ عليهما بالقول، فحلف حينئذ يحيي بن عبدالله ألا ينام حتي يأتيه به، أو يضرب عليه باب داره، حتي يعلم أنه قد جاءه به، فلما خرجا قال له الحسين: سبحان الله! ما دعاك الي هذا؟ و من أين تجد حسنا! حلفت له بشي ء لا تقدر عليه.

قال: انما حلفت علي حسن؟! قال: سبحان الله! فعلي أي شي ء حلفت؟ قال: والله لا نمت حتي أضرب عليه باب داره بالسيف [4] .

و التقي الحسين بن علي بالحسن فقال له: يابن عمي قد بلغك ما كان بيني و بين هذا الفاسق فامض حيث أحببت.

فقال: لا والله يابن عمي بل أجي ء معك الساعة حتي أضع يدي في يده، ما كان الله ليطلع علي، و أنا جاء الي محمد صلي الله عليه و آله و سلم و هو خصمي و حجيجي في دمك، و لكن أقيك بنفسي لعل الله يقيني من النار.

لقد كان الحسن علي درجة عظيمة من الورع، و مع ذلك لقد ادعي الشرطة أنه كان يشرب الخمر، فضرب علي ذلك [5] [6] ، و حبس، الي أن خرج بكفالة.

و كانت هذه الحيل و المؤامرات احدي الذرائع و التهم التي يتهم بها بعض أولاد رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم كي يزجوا في السجون و يضربوا، اضافة الي ذلك أن الطالبيين فقط هم الذين كانوا يؤمرون بالعرض و يترك غيرهم من العمريين أو البكريين أو... و هذا الضغط القاسي و الشنيع علي الطالبيين، لأنهم يرون أنه لا يجوز ممالأة و مداهنة الظالمين، بل لابد من كلمة حق في وجه سلطان جائر، حتي يقام الحق علي قدميه، و يشيد صرح العدالة.

فلذا كان الخوف يداهم السلطة الجائرة، فتمنعهم من نشر الوعي



[ صفحه 149]



الثقافي، و التكتل، بل ميزتهم عن فئات الشعب قاطبة، بجعلهم الطبقة الفقيرة المعوزة، حتي يزدلفون الي بلاط السلاطين، فيكسبون بذلك ودهم حينئذ.

و لكن هذه المؤامرات قد حاكتها السلطة حول نفسها، اذ أن الطالبيين حاولوا قبل هذه الثورة، أن يطفئوا ثورة الغضب التي استولت علي العمري، و لكنه تغطرس و تكبر، وجابههم بالفظاظة و القساوة، فكان لابد بعد ذلك، من اشعال نار الثورة الحسينية، فتعاقدوا فيما بينهم علي القيام بانتفاضة عارمة علي الحكم الظالم الغشوم.

«فأقبل الطالبيون فاقتحموا دار العمري» [7] ، فقال يحيي: «هذا الحسن قد جئت به فهاتوا العمري، و الا والله خرجت من يميني» [8] .

و لكن العمري هرب، و بدأت الثورة.


پاورقي

[1] حياة موسي بن جعفر للقرشي ج 1 ص 458، نقلا عن الأغاني ج 5 ص 241، و التاج في أخلاق الملوك ص 35.

[2] حياة موسي بن جعفر للقرشي ج 1 ص 458، نقلا عن الأغاني ج 5 ص 241، و التاج في أخلاق الملوك ص 35.

[3] اليعقوبي ج 2 ص 404.

[4] الكامل في التاريخ ج 4 ص 11 (حوادث سنة 169)، الطبري ج 8 ص 192.

[5] الكامل في التاريخ ج 4 ص 11، الطبري ج 8 ص 193، حياة الامام موسي بن جعفر ج 1 ص 464.

[6] ضرب ثمانين سوطا، و ضرب ابن جندب خمسة عشر سوطا، و ضرب مولي عمر سبعة أشواط، فاذا كان الجميع قد شربوا الخمر علي حد زعمهم، فلم التفرقة في الحد اذن؟!!.

[7] الكامل في التاريخ ج 4 ص 11، الطبري ج 8 ص 193، حياة الامام موسي بن جعفر ج 1 ص 464.

[8] الكامل في التاريخ ج 4 ص 11، الطبري ج 8 ص 193، حياة الامام موسي بن جعفر ج 1 ص 464.