بازگشت

ثورة يحيي بن عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب صاحب الديلم


لقد كان ليحيي اليد الطولي، في ثورة الحسين بن علي (صاحب فخ) بل كان بدؤها منهما معا، كما ذكرنا في أول ثورة الحسين، و لما قتل الحسين، هرب يحيي الي الديلم خوفا من الرشيد، مع سبعين رجلا من أصحابه، و لما وصل اليها استقبل بحفاوة من أهلها، و دعا الناس الي نفسه، فبايعه الكثير من القبائل.

و هنا اضطراب الرشيد أشد اضطرابا، و لم يهنأ له عيش، بل كان القلق يسيطر عليه، حتي أنه رفع الشراب، و لم يستلذ بدنياه، كما يحلو له.

و لما فشا أمره و انتشر، و علم هارون الرشيد، أنه مع أصحابه في خراسان، لأرض تسمي الديلم، أرسل جيشا جرارا مؤلفا من خمسين ألف مقاتل، و جعل قائدهم الفضل بن يحيي بن خالد البرمكي، و معه صناديد القواد، و ولاه كور الجبال و الري و جرجان و طبرستان و غيرها، و حملت معه الأموال الكثيرة، فشرع بانفاقها لاستمالة القلوب اليه.

و نزل الفضل في طالقان، و أرسل كتبه الي يحيي و يؤمنه.

و كاتب الفضل صاحب الديلم و جعل له ألف ألف درهم، علي أن يسلم له يحيي، أو يسهل لهم خروجه اليهم، فاشتري ضميره ببخس الأموال، فتربص صاحب الديلم بيحيي ليسلمه، فاطلع يحيي علي النفوس الخسيسة التي خذلته، اذ تفرق عنه أصحابه، و هذا صاحب الديلم الذي لجأ الي جواره، هان عليه الخيانة به، فرأي أن الوثوب علي هذا الجيش الكاسح، الذي قل نظيره، الا لغزو هرقلة الروم، تهور لن يجر نفعا، الا وبالا علي من تبقي من أصحابه، بل و علي المسلمين من اهراق الدماء البريئة، فأجاب الي الصلح، بشرط أن يكتب له الرشيد أمانا بخطه علي نسخة يبعث بها اليه.

فسر بذلك الرشيد، و كتب أمانا ليحيي، و أشهد عليه القضاة و جلة بني هاشم و مشايخهم، و بعث له بجوائز و هدايا و أموال كثيرة، فوفي بها يحيي ديون الحسين بن علي، و أتي الفضل بيحيي الي بغداد حيث مقر هارون، فأظهر له هارون الود و الاخلاص، و أدفق عليه الأموال، و أنزله منزلا سريا، واضعا عليه العيون و الجواسيس.



[ صفحه 156]



و لم تخف ضغائن هارون علي يحيي اذ كان يتأوه من مصيره الذي ألجأه الي الصلح.

فقد حدث عبدالله بن موسي بن عبدالله (ابن أخ يحيي) قائلا: لما قدم يحيي بن عبدالله من الديلم أتيته، و هو في دار علي بن أبي طالب، فقلت يا عم، ما بعدك مخبر، و لا بعدي مخبر، فأخبرني خبرك، فقال: يابن أخي والله ان كنت الا كما قال حيي ابن أخطب.



لعمرك ما لام ابن أخطب نفسه

و لكنه من يخذل الله يخذل



لجاهد حتي أبلغ النفس حمدها

و قلقل يبغي العز كل مقلقل