بازگشت

الدعاء


و من أعظم الوسائل التربوية العملية، التي صاغها الأئمة (ع) في قالب جوهري، بعيدا عن أيدي المحتكرين، و اللصوص و الجواسيس الذين يعددون أنفاس الأئمة (ع) و خطاهم، ليرفعوها مزخرفة الي الحكام، لعلهم بذلك يلمسون عزا من السلاطين و جاها و فخرا يؤهلهم ذنبا لهم.

السلطة يحلو لها اجتماع الناس للأدعية، غافلة عما تتضمن من مفاهيم سياسية عقائدية اجتماعية اقتصادية و... فلذا لم يكن هناك أي مانع لتدوين دعاء، أو سماعه من الامام (ع)، انه مجرد علاقة مع الله



[ صفحه 192]



فحسب، و هذا ما يريده الحكام من التوقع في زوايا البيوت، عبادة بعيدة عن السياسة و الأمور الحياتية الاجتماعية.

فلذا سلك الامام هذا الصراط، و نحي هذا المنحي العجيب، فكان الدعاء، سلكا كهربائيا، و مضيض نور، يسير علي خطاه تلامذة الامام و أصحابه، بعيدا عن أي شك أو ريب أو ملاحقة تجاههم من الدولة.

و هكذا كان الدعاء شعارا لأهل البيت (ع) و أسلوبا تربويا، يبينون كل ما بوسعهم من تعاليم بناءة تحفظ الشيعة و التشيع من خلاله.

و هكذا عرفت الشيعة من بين المذاهب ككل بكثرة أدعيتها المستمرة و الدؤوبة، في كل حركة من الحركات، حتي عند الأكل و الشرب، و اللبس، و النوم، و القراءة، بل حتي عند التجمل كتسريح الشعر و... بل حتي عند التخلي، بل حتي عند أي تغيير و لو بسيط في الحياة كسماع صياح الديك، و هبوب الرياح، و نزول المطر، و عند الزرع و... مما لا مجال لذكره.

و هكذا العلاقة الدائمة المستمرة مع الله تعالي تعطي للمؤمن زخما معنويا، بأن لا قدرة في الكون الا لله تعالي، فلما الخوف و الوجل اذن!!! لما الخنوع للظلم و الظالمين!! ما قيمة الدنيا المزيفة أمام بيع الأنفس لله...؟!

و من أدعيته (ع):

1 - شكي له رجل بأنه لا يتوجه في حاجة فتقضي له، فقال له أبوالحسن (ع) قل في آخر دعائك من صلاة الفجر «سبحان الله العظيم و بحمده، أستغفر الله و أتوب اليه، و أسأله من فضله» عشر مرات.

فما لبث الا قليلا ملازما علي هذا الدعاء، حتي ورد عليه قوم من البادية، فأخبروه أن رجلا مات من قومه، و لم يعرف له وارث غيره، فقبض ميراثه و استغني [1] .

2 - دعاء الجوشن الصغير - و هو الدعاء الذي دعاه علي موسي بن المهدي (الهادي).



[ صفحه 193]



و مما يلاحظ أن للامام الكاظم (ع) احراز كثيرة غير الأدعية كان يحتجب بها، عندما يهم هارون بقتله [2] .


پاورقي

[1] الكافي ج 2 ص 315.

[2] البحار ج 91 باب أدعية الامام الكاظم و أحرازه.