بازگشت

الطرق التي اتبعها أهل البيت لمعالجة الانحرافات الفكرية


الانحراف الفكري قد يكون من الناحية الفقهية أو العقائدية أو السياسية أو.... و قد عالج أهل البيت (ع) كل هذه الانحرافات بوضع رواسي و قواعد و مباني، يرسخ و يسترشد بظلها أصحابهم (ع) و هي:

أولا: العرض علي كتاب الله، فقد روي أيوب بن راشد عن الامام



[ صفحه 216]



الصادق (ع) قوله «ما لم يوافق من الحديث القرآن فهو زخرف» [1] و كذا قوله (ع) في رواية جميل بن دراج «الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة، ان علي كل حق حقيقة و علي كل صواب نورا، فما وافق كتاب الله فخذوه، و ما خالف كتاب الله فدعوه» [2] .

و ذلك لأن كتاب الله نص، لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه، بخلاف الحديث فقد يصدر عن جهل أو نسيان بتفصيل الواقعة، أو تعمد الكذب أو...

أما مع ورود حديثين مختلفين فيقول الصادق (ع) «اذا ورد عليكم حديثان مختلفان فاعرضوهما علي كتاب الله، فما وافق كتاب الله فخذوه، و ما خالف كتاب الله فردوه، فان لم تجدوهما في كتاب الله فاعرضوهما علي أخبار العامة، فما وافق أخبارهم فذروه، و ما خالف أخبارهم فخذوه» [3] لأن الحديث قد يكون ورد عنهم (ع) لتقية.

و في الأحاديث قد تجد روايتان صحيحتان وردتا عنهم (ع) متناقضتان أو متضادتان.

و ذلك لما ورد في بحث التقية أن الأئمة (ع) كانوا يعتمدون ذلك حفاظا علي شيعتهم، و عند ارتفاع الحذر، يبين الحكم الحقيقي.

و وقع جراء ذلك في المحذور بعض متزلزلي العقيدة كعمر بن رياح، فانه كان مستقيما و يقول بامامة الباقر (ع) ثم رجع عنه و صار بتريا، و مال معه نفر يسير و ذلك لمسألة سألها من أبي جعفر فأجابها بجوابين [4] .

و لكنه نسي أو تناسي أن الحكم قد يتغير ظاهرا - لا واقعا - لتقية أو ضرر أو حرج أو...

و كذا أرجع أهل البيت (ع) أصحابهم الي الاجماع بين العلماء «ينظر الي ما كان من روايتهما عنا في ذلك الذي حكما به المجمع عليه عند أصحابك...»



[ صفحه 217]



الي غير ذلك من المرجحات مما هو مذكور في علم أصول الفقه.

ثانيا: التركيز علي ما لا يخرج من أهل البيت فهو زخرف. أهل البيت (ع) لم يضعوا أنفسهم في صف القرآن الكريم علي أنهم مشرعون قبال أحكام الله تعالي، بل هم القرآن الناطق المفسر للقرآن الصامت، فلذا ركزوا في أذهان المتشرعة و الأمة أجمع قولهم: كما أكد كليب الأسدي قائلا: سمعت أباعبدالله (ع) يقول «ما أتاكم عنا من حديث لا يصدقه كتاب الله فهو زخرف».

ثالثا: و من أهم الأمور في خطة أهل البيت (ع) - بعد نفاذ الأساليب المقنعة، بالحكمة و الموعظة الحسنة، و بالطرق الايجابية التي تبين الأدلة الدامغة - تشنيع المنحرفين، و فضح أقوالهم، و الدعاء عليهم، و طردهم، و أمر مواليهم باعتزالهم، كما حصل للامام الصادق مع ابن أبي الخطاب و غيره، و الامام الكاظم مع محمد بن بشير، و الرضا مع الواقفة كابن أبي حمزة البطائني.

و هذا الأسلوب الذي سار عليه القرآن الكريم اذ لم يفضح المنافقين في أوائل الدعوة الاسلامية، و لكنهم عندما تغلغلوا في صفوف المؤمنين، و وكدت عري الاسلام، و بان الصبح لذي العيان، و أفل الدجي في دياجير الظلام، كان لابد من كشف قناع الزيف الذي يتبرقع به الحاقدون، و تعريتهم من ازار الطيف الذي به يتوشحون.

و بهذا السجال أبعد أهل البيت (ع) التعاليم المنحرفة التي قد توسخ أو تغبر الحقيقة الناصعة التي طالما تحملوا الأذي في سبيل نشرها براقة تبهر عيون الناظرين، و تنقيتها من أيدي المدنسين.


پاورقي

[1] وسائل الشيعة ج 18 أبواب صفات القاضي الباب 9، حديث 29، 35، 12، مستدرك الوسائل ج 17 باب 9 ص 304.

[2] وسائل الشيعة ج 18 أبواب صفات القاضي الباب 9، حديث 29، 35، 12، مستدرك الوسائل ج 17 باب 9 ص 304.

[3] وسائل الشيعة ج 18 أبواب صفات القاضي الباب 9، حديث 29، 35، 12، مستدرك الوسائل ج 17 باب 9 ص 304.

[4] مسند الامام الكاظم (ع) ج 3 ص 480.