بازگشت

السر في عدم كتابة كتب لشيعتهم


طالما يتساءل بدهشة، عن السر الذي يكمن وراء، عدم كتابة الكتب من قبل أهل البيت لشيعتهم، الذي يريحهم من التعب و العناء، و السهر



[ صفحه 218]



و الشقاء، و الجهد و البلاء الذي يحيطهم و يكتنفهم باحثين عن الحقيقة، و تبقي الدوامة بحاجة الي استقرار جواب.

و لكن يمكن تلخيص ذلك ضمن نقاط:

1 - اعطي الأئمة (ع) القواعد و المباني و الأصول التي يرتكز عليها الأصحاب مع تعليل الكثير من الأحكام الكلية التي تطبق علي الجزئيات.

2 - ابقاء باب الاجتهاد مفتوحا، يعطي سعيا دؤوبا، وجدا و نشاطا في الاستنباط، و في هذا تحفيزا علي نهم العلم، فلذا قوله صلي الله عليه و آله و سلم المروي اختلاف أمتي رحمة قد يرشد الي هذا الباب.

3 - ملاحقة السلطة المستمر للشيعة و للأئمة (ع) و التحجير عليهم أحيانا، و تحجيم عملهم تارة أخري، منع أهل البيت من ذلك اما خوفا علي الشيعة من ملاحقتهم و قتلهم و تشريدهم، لاحتوائهم علي تلك الكتب، و اما للامام نفسه، اذ سيطرح نفسه اماما علنا و صراحة و هذا ما تمنعه الحكومة الغاشمة.

اضافة الي انها ليست حينئذ بعيدة عن التلف و الحرق كما أحرقت مكتبة الشيخ الطوسي و غيره، و لن يتيقن بعدها بصحة الأحاديث التي سيكتبها العلماء، و ستصبح كانجيل النصاري.

4 - خوف التفرقة بين المسلمين، اذ سيصبح للشيعة كتب متعددة، و ستتميز حينئذ عن غيرهم، و قد لا تقبل أحاديثهم بعد ذلك أبدا، لاختصاصها بهم، اضافة الي اتهامهم حينئذ بوجود صحف متعددة لهم.

5 - مع كتابة الكتب من الامام الأول، قد يستغني عن الامام الثاني و هكذا فيما بعده، مع أنهم (ع) أدوارهم مكملة، فهم كسلسلة، كل منهم حلقة تشد غيرها.

ثم ان الأحكام قد تختلف نسبيا حسب الأزمنة و الأمكنة، كتقية و غيرها حسب مقتضي الحال، فسيقع حينها اختلاف في الكتب.

6 - وجود الكتب يدعو الي تقليص العلماء و الالتفاف حولها، اذ ستصبح في متناول أيدي الأغلبية الساحقة، مع أن الرسول صلي الله عليه و آله و سلم قد أكد قوله



[ صفحه 219]



«علماء أمتي كأنبياء بني اسرائيل» فلابد من الرجوع اليهم في الاستنباط و الفتيا.

7 - حث الأئمة شيعتهم في الاعتماد علي أنفسهم، و حثهم علي التدوين و الكتابة، كما روي حمزة بن عبدالله الجعفري عن الكاظم (ع) قال: كتبت في ظهر قرطاس ان الدنيا ممثلة للامام كفلقة الجوزة، فدفعته الي أبي الحسن (ع) و قلت: جعلت فداك ان أصحابنا رووا حديثا ما أنكرته غير أني أحببت أن أسمعه منك، قال: فنظر فيه ثم طواه حتي ظننت أنه قد شق عليه ثم قال: هو حق فحوله في أديم [1] .

و قد أكد الامام الصادق علي الكتابة بقول «اكتبوا فانكم لا تحفظون حتي تكتبوا»، و قوله (ع) أيضا لأبي بصير «دخل علي أناس من أهل البصرة فسألوني عن أحاديث و كتبوها، فما يمنعكم من الكتاب؟ أما انكم لن تحفظوا حتي تكتبوا» [2] و قوله (ع) «القلب يتكل علي الكتابة» [3] الي غير ذلك من أمور كثيرة منعت أهل البيت (ع) من كتابة علومها.



[ صفحه 223]




پاورقي

[1] البصائر 408.

[2] ميزان الحكمة ج 8 ص 324.

[3] ميزان الحكمة ج 8 ص 324.