بازگشت

منشأ المذهب الواقفي


تبينت ثمرة و جهود الامام الصادق (ع) في عهد الامام الكاظم (ع) من خلال تلامذة الامام الصادق، فكانت الحقوق الشرعية تجبي للامام (ع) سرا، و لم يستطع (ع) توزيعها كاملة خوف السلطة و مراقبتها له بكل دقة - و مع ذلك اتهمه هارون قائلا خليفتان يجبي اليهما الخراج - فكان له وكلاء متعددون، و كانت الأموال الوفيرة أمانة في أيديهم، كيما تقشع غيوم الضلال، و يزهو وجه الحقيقة.

و لما سم (ع) وجه اليه بشهود حتي يشهدون عليه بخروجه عن أملاكه [1] .

فلعله (ع) انما ترك الأموال مع وكلائه حرصا عليها اما لخوف مصادرتها من السلطة، و اما لهذا الاشهاد، فاذا كانت مع الوكلاء فهي أقل الضررين، فسيخفي علي السلطة ذلك، أو لن تطالب به لتشتته لامكان اخفائه حينئذ.

و لما توفي الامام الكاظم (ع) استأثر الكثير من وكلائه بالأموال، و جحدوا حق الامام الرضا (ع) و ادعوا أن الامام الكاظم ما زال حيا يرزق، و أنه لم يمت، بل هو كعيسي (ع) و سيخرج بعد الغيبة، و منهم من توقف في موته و قال: لا ندري أمات أم لم يمت و يقال لهم الممطورة، اذ أن علي بن اسماعيل قال لهم «ما أنتم لا كلاب ممطورة» [2] .



[ صفحه 224]



و سرعان ما أخذ هذا المذهب بالانتشار، جراء شراء الضمائر بالأموال التي في أيديهم، اضافة الي أن الريبة و الشك كانا بعيدين عنهم من قبل العوام و البسطاء، اذ أنهم وكلاء الامام (ع) و يعرفون بحسن السيرة و علي درجة من الورع، فمن المستبعد جدا، الكذب و الافتراء بهذه الطريقة حبا للمال. و لكن حب الدنيا رأس كل خطيئة!!!

و حدث يونس بن عبدالرحمن قائلا: مات أبوابراهيم عليه السلام، و ليس من قوامه أحد الا و عنده المال الكثير، و كان ذلك سبب وقفهم و جحدهم موته، طمعا في الأموال، كان عند زياد بن مروان القندي سبعون ألف دينار، و عند علي بن أبي حمزة ثلاثون ألف دينار، فلما رأيت ذلك و تبينت الحق و عرفت من أمر أبي الحسن الرضا ما علمت، تكلمت و دعوت الناس اليه، فبعثا الي و قالا: ما يدعوك الي هذا؟ ان كنت تريد المال فنحن نعنيك، و ضمنا لي عشرة آلاف دينار و قالا لي: كف فأبيت و قلت لهما: انا روينا عن الصادقين (ع) أنهم قالوا: اذا ظهرت البدع فعلي العالم أن يظهر علمه، فان لم يفعل سلب نور الايمان، و ما كنت لأدع الجهاد في أمر الله علي كل حال، فناصباني و أضمرا لي العداوة [3] .

و كان علي بن أبي حمزة البطائني هو المنشي ء لفرقة الواقفة، طمعا لما في يده من أموال.


پاورقي

[1] دلائل الامامة 147.

[2] الملل و النحل ج 1 ص 150، الأنوار النعمانية ج 2 ص 254، الشيعة بين الأشاعرة و المعتزلة ص 87 (و فيه أن الذي لقبهم بالممطورة، هو يونس بن عبدالرحمن).

[3] البحار ج 48 ص 252.