بازگشت

تنبؤ الأئمة بوقف الأصحاب


لم يزل أئمة أهل البيت (ع) يستدركون الأمر قبل وقوعه، لعل أحد الضالين أو المضلين، يرعوي عن غيه، و يسترشد بهدي نورهم (ع). فلذا كان الامامان الصادق و الكاظم ينبئان بهذا الانقلاب العظيم في الأفكار - و لا يعترض علي ذلك بتغيير الأمر الحتمي الغيبي الذي يطلع عليه أئمة الهدي (ع)، لأننا نقول بالبداء، يمحو الله ما يشاء و يثبت و عنده أم الكتاب، فاذا أصروا علي الضلال يبقي الأمر الغيبي علي ما هو عليه، و الا فهو معلق علي هدايتهم و عدمها، ثم انه يحتمل أن يرجع البعض الي الصواب لا الجميع -.

فعن عمر بن يزيد قال: دخلت علي أبي عبدالله (ع) فحدثني مليا في فضائل الشيعة ثم قال: ان من الشيعة بعدنا من هم شر من النصاب، قلت: جعلت فداك أليس ينتحلون حبكم و يتولونكم و يتبرؤن من عدوكم؟ قال: نعم، قال: قلت: جعلت فداك بين لنا نعرفهم فلسنا منهم؟ قال: كلا يا عمر ما أنت منهم، انما هم قوم يفتنون بزيد و يفتنون بموسي [1] .

و قول الصادق (ع) عن ابن أبي يعفور قال: كنت عند الصادق (ع) اذ دخل موسي (ع) فجلس فقال أبوعبدالله (ع) يا ابن أبي يعفور هذا خير



[ صفحه 226]



ولدي و أحبهم الي، غير أن الله جل و عز يضل قوما من شيعتنا، فاعلم أنهم قوم لا خلاق لهم في الآخرة، و لا يكلمهم الله يوم القيامة و لا يزكيهم و لهم عذاب أليم. قلت: جعلت فداك قد أزغت قلبي عن هؤلاء، قال: يضل به قوم من شيعتنا بعد موته جزعا عليه، فيقولون لم يمت، و ينكرون الأئمة (ع) من بعده، و يدعون الشيعة الي ضلالتهم و في ذلك ابطال حقوقنا و هدم دين الله، يا ابن أبي يعفور فالله و رسوله منهم بري ء و نحن منهم براء [2] .

و روي بالاسناد الي زياد القندي و ابن مسكان قالا: كنا عند أبي ابراهيم (ع) اذ قال: يدخل عليكم الساعة خير أهل الأرض، فدخل أبوالحسن الرضا (ع) و هو صبي، فقلنا خير أهل الأرض، ثم دنا فضمه اليه فقبله و قال: يا بني تدري ما قال ذان؟ قال: نعم يا سيدي هذان يشكان في.

قال علي بن أسباط، فحدثت بهذا الحديث الحسن بن محبوب فقال: بتر الحديث، لا و لكن حدثني علي بن رئاب أن أباابراهيم قال لهما: ان جحدتماه حقه أو خنتماه فعليكما لعنة الله و الملائكة و الناس أجمعين، يا زياد لا تنجب أنت و أصحابك أبدا [3] .

لعل المراد بقوله (ع) «لا تنجب أنت و أصحابك أبدا» ان دعوتكم لن تنجب استجابة، لانقراض ذلك المذهب، حتي و ان انتشر و اشتهر مدة طويلة، حتي التجأ أصحاب الامام العسكر للدعاء عليهم.

أو لن تنجب خيرا من حياتك و لن ترجع الي هدي، بقرينة ذيل الرواية «قال الحسن بن محبوب فلم نزل نتوقع لزياد دعوة أبي ابراهيم حتي ظهر منه أيام الرضا (ع) ما ظهر و مات زنديقا [4] .

بل قبيل حمله (ع) الي بغداد أكد هذه الفتنة.

قال محمد بن سنان: دخلت علي أبي الحسن موسي (ع) قبل أن يحمل الي العراق بسنة و علي ابنه (ع) بين يديه فقال لي: يا محمد قلت: لبيك.



[ صفحه 227]



قال: انه سيكون في هذه السنة حركة و لا يخرج منها، ثم أطرق نكت في الأرض بيده، ثم رفع رأسه الي و هو يقول: و يذل الله الظالمين و يفعل الله ما يشاء. قلت: و ما ذلك جعلت فداك؟

قال: من ظلم ابني هذا حقه و جحد امامته من بعدي، كان كمن ظلم علي بن أبي طالب حقه و امامته [5] فقوله كمن ظلم علي بن أبي طالب...

لأن علي (ع) أول الأئمة و بالتشيع له و بموالاته، بدأت حركة التشيع فمن جحد حقه (ع) لم يعد من الشيعة الامامية.

و كذا من جحد موت الامام الكاظم و وقف عليه و لم يؤمن بامامة الرضا (ع) خرج من كونه شيعي حقيقة من الامامية الاثني عشرية، فمن تشيع للامام الرضا (ع) فقد تشيع للأئمة الاثني عشر، لأنه لم يقف أحد و لم يدع أحد بعد الامام الرضا (ع) بامامة أحد بعده مطلقا، فاذن الأئمة الاثني عشر (ع) الذي ورد عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم ذكر أسمائهم بالتحديد [6] كسلسلة واحدة في عنق أحدنا، فاذا انقطعت حلقة منها اختلت، و هم نور واحد، فاذا جحدت امامة الامام الرضا (ع) فقد جحد الجميع.

و هذا سر قول الامام الكاظم لعلي بن حمزة «يا علي أنت و أصحابك شبه الحمير» [7] .

لأن الامام (ع) حتي لو بالغ في موعظتهم، فانهم لا و لن يعوا الحق أبدا.


پاورقي

[1] البحار ج 48 ص 266.

[2] رجال الكشي 287.

[3] بحارالأنوار ج 48 ص 256.

[4] معجم رجال الحديث ج 10 ص 326.

[5] الكشي ترجمة محمد بن سنان.

[6] انظر حق اليقين في معرفة أصول الدين هناك تواتر في الروايات ج 1 ص 338.

[7] رجال الكشي 376 - 345 - 344.