بازگشت

الرشيد يكره التوسعة علي الامام


ظن الرشيد أن التضييق علي الامام، و وضع الأغلال و القيود في يديه أو رجليه، من أساليب الاعتراف، أو الانزواء، أو الانضواء.

و لكن الأبدان و ان حوربت و قهرت، و لكن العقيدة لا تحارب و لا تقهر، و هل يمكن قتل الروح!!!

روي الشيخ المفيد رحمه الله أن بعض عيون عيسي بن جعفر رفع اليه أنه يسمعه كثيرا يقول في دعائه و هو محبوس عنده «اللهم انك تعلم أني



[ صفحه 235]



كنت أسئلك أن تفرغني لعبادتك اللهم و قد فعلت فلك الحمد» فوجه الرشيد من تسلمه من عيسي بن جعفر المنصور و صيره الي بغداد فسلم الي الفضل بن الربيع فبقي عنده مدة طويلة، فأراده الرشيد علي شي ء من أمره فأبي، فكتب اليه بتسلمه الي الفضل بن يحيي، فأكرمه يحيي و وسع عليه.

فعلم ذلك الرشيد فأنكر ذلك، و أمره بقتله فتوقف في ذلك.

ثم انه أرسل مسرور الخادم الي بغداد و أمره بالدخول علي الكاظم فان وجده في دعة و رفاهية، أن يوصل كتابه الي العباس بن محمد و يأمره بامتثاله، و يسلم كتابا آخر الي السندي بن شاهك يأمره بطاعة العباس.

فلما رأي مسرور أن الامام في سعة، امتثل الأمر، فأخرج العباس الفضل بن يحيي، و جرده من ثيابه و جلده مائة سوط، و تسلمه السندي «لع» و كتب بالأمر الي الرشيد، فجلس في محفل و قال:

أيها الناس ان الفضل بن يحيي قد عصاني و خالف طاعتي و رأيت أن ألعنه فالعنوه، و لما رأي ذلك يحيي همس في أذن الرشيد «ان الفضل حدث و أنا أكفيك ما تريد، فانطلق وجهه ثم قال: ان الفضل كان قد عصاني في شي ء، و قد تاب و أناب الي طاعتي...» [1] .

فما بالك برجل مقيد في السجون (قيد علي قيد) و هو في اطمئنان نفس، و شكر علي نعمة الأنس بالله، و رجل في القصور، و الدنيا قيد طاعته و بين يديه، و هو في وحشة و اضطراب و قلق دائم من رجل واحد، أقلق مضجعه، فكان مصداقا للآية «و من أعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا - (في الحياة الدنيا) فالدنيا بسعتها و رحبها ضيقة عليه و لا تسعه، - و نحشره يوم القيامة أعمي» [2] .


پاورقي

[1] الارشاد (بتصرف) 283 - 281.

[2] طه 124، الميزان ج 16 ص 325، مجمع البيان ج 4 ص 34، الكشاف 3 ص 95، التبيان ج 7 ص 220.