بازگشت

اخبار الامام بقتله


الروايات متضافرة ان لم تكن متواترة عن اخبار الامام (ع) بقتله،



[ صفحه 236]



فانهم و ان حاولوا تبييض قصعتهم أمام الملأ، و لكن الزنجرة تآكلتها، و الاهتراء بدا عليها، فوقعت في مزبلة التاريخ، تتقاذفها الأرجل الحرة، و تستسيغها الحشرات القذرة.

قال هارون ليحيي بن خالد انطلق اليه (ع) و أطلق عنه الحديد، و أبلغه عني السلام و قل له يقول لك ابن عمك انه قد سبق مني فيك يمين أني لا أخليك، حتي تقر لي بالاساءة و تسألني العفو عما سلف منك، و ليس عليك في اقرارك عار، و لا في مسألتك اياي منقصة، و هذا يحيي بن خالد، و هو ثقتي و وزيري و صاحب أمري، فسله بقدر ما أخرج من يميني و انصرف راشدا. فقال (ع) ليحيي: أنا ميت و انما بقي من أجلي أسبوع [1] .

فهارون أراد شرعية لعمله و تبيان أحقيته بالخلافة، و شجب الامام و كسر عنفوانه، فأخبره (ع) بأجله فقط، و انكم علي أي حال قد دبرتم المكيدة، و أحكتموها و أمبرمتوها، فلن يمكن حل عقدها بعد اليوم.

و هذه حيلة مطلية بزخرفة لتبقي زينة في قصوركم، و لكن هيهات هيهات!!!

و روي الشيخ الصدوق عن الحسن بن محمد بن بشار قال: حدثني شيخ من أهل قطيعة الربيع من العامة ممن يقبل قوله «قال: قال لي قد رأيت بعض من يقرون بفضله من أهل هذا البيت، فما رأيت قط مثله في نسكه و فضله، قال: قلت من و كيف رأيته؟ قال: جمعنا أيام السندي بن شاهك ثمانين رجلا من الوجوه ممن ينسب الي الخير، فادخلنا علي موسي بن جعفر (ع) فقال لنا السندي: يا هؤلاء انظروا الي هذا الرجل، هل حدث به حدث، فان الناس يزعمون أنه قد فعل مكروه به، و يكثرون في ذلك، و هذا منزله و فرشه موسع عليه غير مضيق، و لم يرد به أميرالمؤمنين سوء، و انما ينتظره أن يقدم فيناظره أميرالمؤمنين، و ها هو صحيح موسع عليه في جميع أمره، فاسألوه.

قال: و نحن ليس لنا هم الا النظر الي الرجل و الي فضله و سمته.



[ صفحه 237]



فقال (ع): أما ما ذكر من التوسعة و ما أشبه ذلك فهو علي ما ذكر، غير أني أخبركم أيها النفر، أني قد سقيت السم في تسع تمرات، و اني أحتضر غدا، و بعد غد أموت.

قال: فنظرت الي السندي بن شاهك يرتعد و يضطرب مثل السعفة. قال الحسن: و كان هذا الشيخ من خيار العامة، شيخ صدوق مقبول القول ثقة جدا عند الناس [2] .

فالامام (ع) لو سكت لأقرهم، و لاستطاعوا أو حاولوا بعدها زرع فسيلة التمويه في نفوسهم، لتنبت محبة آل العباس في قلوبهم و تورق مدي الدهر نضرة خضرة!! و لكن الامام (ع) بكلامه، نشر شجرة آل العباس بمنشار حجته الدامغة، لتقطع و تذبل علي مدي التاريخ، و تطرق بمطرقة الحق الذي يبقي صداها مدويا الي الأبد، اذ أن الشهود انقلبت عليه لا معه.

و لما كان الغد جاء اليه الطبيب، فقال له ما حالك؟ فعرض عليه خضرة في بطن راحته، و كان السم الذي سم به، قد اجتمع في ذلك الموضع، فانصرف الطبيب اليهم فقال: والله لهو أعلم بما فعلتم به منكم. فأعلم (ع) أهل الخبرة بذلك لتكون الحجة له عليهم آكذ.

و في بحارالأنوار: أنه قال (ع) للمسيب. «انه اذا دعا لي بشربة من ماء فشربتها و رأيتني قد انتفخ بطني و اصفر لوني و تلون أعضائي فهي وفاتي» [3] و كان من حيل السندي أن قدم له الطعام بيده، ليبين كرمه له.

و لكن لما احتال مرات عديدة في قتله فلم يستطع، أراد التأكد من أكله الرطب، فحملها بيده، فلما أكل (ع) قال له السندي: تزداد؟ فقال (ع) حسبك قد بلغت ما يحتاج اليه فيما أمرت به.

ثم انه أحضر القضاة و العدول قبل وفاته بأيام، و أخرجه اليهم، و قال: ان الناس يقولون: ان أباالحسن موسي في ضنك و ضر، و ها هو ذا



[ صفحه 238]



لا علة به و لا مرض و لا ضر. فالتفت (ع) فقال لهم: اشهدوا علي أني مقتول بالسم، منذ ثلاثة أيام، اشهدوا أني صحيح الظاهر لكني مسموم، و سأحمر في آخر هذا اليوم حمرة شديدة منكرة، و اصفر غدا صفرة شديدة، و ابيض بعد غد و أمضي الي رحمة الله و رضوانه فمضي (ع) كما قال في آخر اليوم الثالث [4] .

«و حاق بهم ما كانوا به يستهزؤن» [5] فوقعوا في الشباك التي نصبوها لأنفسهم، و أطبق عليهم الفخ فخنقهم و أودي بحياتهم.

و هكذا تدور الدائرة علي الظالمين، فكشف أمرهم أمام الشهود العدول.

و الاخبار الغيبي من الامام (ع)، يهدف الي توعية السندي و توعية الرعية بأن الامام الحق لا يخفي عليه خافية، بل كل ما هو كائن و ما يكون عندهم في كتاب، فهذا دعوة للامامة و للانضمام حولها حتي في أحلك الظروف، و آخر لحظات حياته.

مع وخز الضمائر الميتة بأنه لا شرعية للظالمين، لعلها تحيي من سباتها، في هذا الظرف المناسب.

و في بعض الروايات أنه لما سم (ع) وجه اليه بشهود ليشهدون عليه بخروجه عن أملاكه فلما دخلوا عليه أخبرهم الامام (ع) أنه سقي السم [6] .

و هذه تبين احصاء حركاته (ع) و علمهم بالوشاية عليه، و أن الأموال الشرعية تجبي اليه من شيعته فلذا أرادوا حيازتها أيضا.


پاورقي

[1] الأنوار البهية ص 166، مناقب ابن شهرآشوب ج 4 ص 290.

[2] الأنوار البهية ص 167، قرب الاسناد ص 142، أمالي الصدوق: ص 90، المناقب ج 4 ص 328.

[3] عيون الأخبار ج 1 ص 106، الأنوار البهية ص 167، المناقب ج 4 ص 328.

[4] بحارالأنوار ج 48 ص 248.

[5] سورة هود، آية: 8.

[6] دلائل الامامة ص 147.