بازگشت

انتفاضة سليمان بن أبي جعفر المنصور


بعد القاء جثة الامام ثلاثة أيام علي الجسر، و التعرف من خلاله علي



[ صفحه 249]



الموالين من أصحابه، و سبر أغوار نواياهم، و تحقير و اهانة الامام و شيعته علي أكمل وجه، و بعد وصولها الي غايتها المرجوة، ارتأت السلطة الغاشمة، تنقية سجلها، بمحو العار الذي اكتسبته من هذه الجريمة النكراء.

فقام سليمان بن أبي جعفر المنصور، مدعيا الانكار عما حدث في الأيام الثلاثة، متسائلا عن الضجيج الذي يسمعه خارجا، مع أن الأطفال قد سمعت بذلك، فكيف بهذا الصمت المدقع؟! فخرج من قصره الي الشط للتنزه غافلا عما يحصل في البلاد، فسمع الصياح و الضوضاء فقال لولده و غلمانه: ما هذا؟ قالوا: السندي بن شاهك ينادي علي موسي بن جعفر علي نعش، فقال لولده و غلمانه: يوشك أن يفعل به هذا في الجانب الغربي، فاذا عبر به فأنزلوا مع غلمانكم فخذوه من أيديهم فان مانعوكم فاضربوهم، و أخرقوا ما عليهم من السواد.

فلما عبروا به نزلوا اليهم، فأخذوه من أيديهم، و ضربوهم و خرقوا عليهم سوادهم، و وضعوه في مفرق أربع طرق، و أقام المنادين ينادون: ألا من أراد أن ينظر الي الطيب ابن الطيب موسي بن جعفر فليخرج، و حضر الخلق و غسله و حنطه بحنوط و كفنه بكفن فيه حبرة، استعملت له بألفي و خمسمائة دينار [1] ، مكتوبا عليها القرآن كله، فاحتفي و مشي في جنازته، متسلبا مشقوق الجيب الي مقابر قريش. فدفنه (ع) هناك، و كتب بخبره الي الرشيد، فكتب الي سليمان بن أبي جعفر: وصلت رحمك يا عم، و أحسن الله جزاك، والله ما فعل السندي بن شاهك ما فعله عن أمرنا [2] .

و هذا عذر أقبح من ذنب، فكيف يفعل السندي من اعثاء الفساد في الأرض، و اهانة ابن عمه، ثلاثة أيام، و مع ذلك لا يخبر، بل و لا يعاقبه أو يهينه أو... ثم هل كان للسندي من القدرة و السلطة، و التحكم في أمور البلاد، بحيث لم يتمكن هارون من اخماد لهب حقده. و العض علي أنامل غيظه؟!!!

و لكنها السياسة الحاقدة التي تشد حبل الخناق، فاذا وصلت الروح



[ صفحه 250]



الي حشرجة الصدر أرخت الحبل، لئلا تعصف بها رياح الثورة، التي لا تترك في مهبها كبيرا و لا صغيرا، كما فعل بهم و بأشياعهم من قبل.


پاورقي

[1] روي السيد الأمين في مجالسه ج 2 ص 549 عن الصدوق خمسمائة دينار.

[2] الأنوار البهية ص 171، المناقب ج 4 ص 328.