بازگشت

كنيته و ألقابه


كان يكني بعدة أسماء أشهرها: أبوالحسن، قال الشيخ المفيد: كان يكني أباابراهيم، و أباالحسن، و أباعلي، و يعرف بالعبد الصالح [1] .. و قال ابن الصباغ المالكي: أما كنيته فأبوالحسن، و ألقابه كثيرة أشهرها: الكاظم، ثم الصابر، و الصالح، و الأمين [2] ، و ألقابه تدل علي مظاهر شخصيته، و دلائل عظمته، و هي عديدة منها: الزاهر، لأنه زهر بأخلاقه الشريفة، و كرمه الموروث عن جده الرسول الأكرم صلي الله عليه و اله و سلم.

قال ابن شهرآشوب عند ذكره لألقابه: «.. و الزاهر و سمي بذلك لأنه زهر بأخلاقه الشريفة و كرمه المضي ء التام» [3] .



[ صفحه 21]



و الكاظم: لقب بذلك لما كظمه عما فعل به الظالمون من التنكيل و الارهاق... و يقول ابن الأثير «انه عرف بهذا اللقب لصبره و دماثة خلقه، و مقابلته الشر بالاحسان» [4] .

و الصابر: لأنه صبر علي الخطوب و الآلام التي تلقاها من حكام الجور و الطغاة، الذين قابلوه بجميع ألوان الاساءة و المكروه [5] .

و السيد: لأنه من سادات المسلمين، و امام من أئمتهم.

و الوفي: لأنه أوفي انسان في عصره، فقد كان وفيا بارا باخوانه و شيعته، و بارا حتي بأعدائه و الحاقدين عليه.

ذو النفس الزكية: لقب بهذا اللقب اللطيف لصفاء ذاته، و نقاوة سريرته البعيدة كل البعد عن سفاسف المادة، و مآثم الحياة، نفس أبية زكية، طاهرة، كريمة، سمت و علت حتي قل نظيرها.

باب الحوائج: هذا اللقب كان من أشهر ألقابه ذكرا، و أكثره شيوعا، انتشر بين العام و الخاص، حتي أنه ما أصاب أحدهم مكروه الا فرج الله عنه بذكره الامام الكاظم، و ما استجار بضريحه أحد الا قضيت حوائجه، و رجع مثلوج القلب، مستريح الضمير مما ألم به من طوارق الزمن التي لابد منها.

و قد آمن بذلك جمهور المسلمين علي اختلاف مذاهبهم.

يقول أبوعلي الخلال شيخ الحنابلة و عميدهم الروحي: «ما همني أمر فقصدت قبر موسي بن جعفر الا سهل الله تعالي لي ما أحب» [6] .

و قال الامام الشافعي: «قبر موسي الكاظم الترياق المجرب» [7] .

كان الامام موسي الكاظم في حياته ملجأ لعموم المسلمين، كما كان كذلك



[ صفحه 22]



بعد موته حصنا منيعا لمن استجار به من عموم المسلمين، لأن الله سبحانه و تعالي عز اسمه منحه حوائج المسلمين المستجيرين بضريحه الطاهر في بغداد.

و قد روي الخطيب البغدادي قضية كان فيها شاهد عيان [8] ، عندما شاهد امرأة مذهولة، مذعورة، فقدت رشدها لكثرة ما نزل بها من الهموم، لأنها أخبرت أن ولدها قد ارتكب جريمة، و ألقت عليه السلطة القبض و أودعته في السجن ينتظر الحكم القاسي و الظالم. فأخذت تهرول نحو ضريح الامام مستجيرة به، فرآها بعض الأوغاد، الذي لا يخلو الزمان منهم، فقال لها: الي أين؟

- الي موسي بن جعفر، فانه قد حبس ابني.

فقال لها بسخرية و استهزاء: «انه قد مات في الحبس».

فاندفعت تقول بحرارة بعد أن لوع قلبها بقوله:

«اللهم بحق المقتول في الحبس أن تريني القدرة»

فاستجاب الله دعاءها، و أطلق سراح ابنها، و أودع ابن المستهزي ء، بها في ظلمات السجن بجرم ذلك الشخص.

فالله سبحانه و تعالي القادر العليم و القاهر العظيم قد أراها القدرة لها و لغيرها، كما أظهر كرامة أهل البيت عليهم أفضل الصلاة و السلام، فما خاب من دعاهم، و ما فشل من استجار بهم. ثم يروي الخطيب البغدادي عن محنة ألمت به فاستجار بالامام الموسي و كشف عنه الهم و الغم. فيقول: «و أنا شخصيا قد ألمت بي محنة من محن الدنيا كادت أن تطوي حياتي، ففزعت الي ضريح موسي بن جعفر بنية صادقة، ففرج الله عني، و كشف ما ألم بي.

و لا يشك في هذه الظاهرة التي اختص بها الامام الا من ارتاب في دينه و اسلامه.

لقد آمن جميع المسلمين الأبرار بالأئمة الأطهار منذ فجر التاريخ و لم يزالوا



[ صفحه 23]



يعتقدون اعتقادا راسخا في أن أهل البيت عليهم السلام لهم المقام الكريم عند الله، و انه يستدفع بهم البلاء، و تستمطر بهم السماء.

روي الكليني عن محمد بن جعفر الكوفي، عن محمد بن عيسي بن عبيد، عن أبي الحسن عليه السلام قال: تقول ببغداد: «السلام عليك يا ولي الله، السلام عليك يا حجة الله، السلام عليك يا نور الله في ظلمات الأرض، السلام عليك يا من بدا لله في شأنه، أتيتك عارفا بحقك معاديا لأعدائك فاشفع لي عند ربك» و ادع الله و سل حاجتك، قال: و تسلم بهذا علي أبي جعفر عليه السلام [9] .

و لا ننسي قصيدة الفرزدق العصماء التي ندرسها لطلابنا في المدارس و الجامعات التي مدح بها الامام زين العابدين و قال فيها:



من معشر حبهم دين و بغضهم

كفر و قربهم منجي و معتصم



يستدفع السوء و البلوي بحبهم

و يستزاد به الاحسان و النعم



فالله عزوجل منح أهل البيت جميل ألطافه، و خصهم بالمزيد من كراماته، أحياءا و أمواتا.

و نذكر هنا كوكبة من الشعراء و الأدباء قد أثقلت كواهلهم كوارث الدهر ففزعوا الي ضريح الامام متوسلين به الي الله تعالي في رفع محنهم، و كشف ما ألم بهم من المكروه، ففرج الله عنهم ولو أردنا أن نذكر ما أثر عنهم في ذلك لبلغ مجلدا ضخما.

لكنا نذكر بعضا منهم الحاج محمدجواد البغدادي الذي سعي الي ضريح الامام في حاجة يطلب قضاءها فقال:



يا سمي الكليم جئتك أسعي

نحو مغناك قاصدا من بلادي



ليس تقضي لنا الحوائج الا

عند باب الرجاء جد الجواد [10] .



[ صفحه 24]



فجاء عباس البغدادي و خمسها بقوله:



لم تزل للأنام تحسن صنعا

و تجير الذي أتاك و ترعي



و اذا ضاق الفضا بي ذرعا

يا سمي الكليم جئتك أسعي



و الهوي مركبي و حبك زادي



أنت غيث للمجدبين و لولا

فيض جدواكم الوجود اضمحلا



قسما بالذي تعالي وجلا

ليس تقضي لنا الحوائج الا



عند باب الرجاء جد الجواد



و ممن نظم في ذلك الشاعر المرحوم السيد عبدالباقي العمري فقال:



لذ و استجر متوسلا

ان ضاق أمرك أو تعسر



بأبي الرضا جد الجواد

محمد موسي بن جعفر [11] .




پاورقي

[1] الارشاد ص 270.

[2] الفصول المهمة ص 214.

[3] المناقب ج 2، ص 212.

[4] نفس المصدر ص 212، و مختصر تاريخ العرب ص 209.

[5] الفصول المهمة ص 214.

[6] تاريخ بغداد ج 1 ص 120.

[7] تحفة العالم: 2 / 22.

[8] المصدر نفسه.

[9] الكافي ج 4، ص 578.

[10] باقر شريف القرشي حياة الامام موسي بن جعفر ج 1 ص 52 عن ديوان السيد مهدي آل بحرالعلوم مخطوط بمكتبة العلامة السيد صادق آل بحرالعلوم.

[11] المصدر نفسه.