بازگشت

التراحم و التعاطف


حث الاسلام علي التزاور بين المسلمين، لأن ذلك يوطد أواصر المحبة فيما بينهم و يطلعهم علي حاجات بعضهم البعض.

و المحبة التي يبغيها الاسلام للمؤمنين هي المحبة الخالصة لوجه الله، تلك التي تدفع صاحبها علي الدوام الي محبة الجميل في أي انسان تمثل، و اي تفضيل الجليل من أي مكان صدر هذه المحبة الناتجة عن التزاور و التعاطف تدوم و تستمر لأنها لوجه الله، و ما كان لله دام و اتصل، و ما كان لغير الله انقطع و انفصل.

و المرء لا ينال هذا اللون من المحبة علي وجهها السليم الا بمثل هذا العون الرباني. من هنا كان القول: ان من علامات رضي الله علي الانسان المؤمن محبة الناس له؛ و من علامات غضب الله علي الانسان كره الناس له و تفرقهم من حوله. قال تعالي لنبيه موسي عليه السلام: (و ألقيت عليك محبة مني، و لتصنع علي عيني) [1] .



[ صفحه 162]



و قال رسول الله صلي الله عليه و اله و سلم: «الخلق كلهم عباد الله و أقربهم اليه أنفعهم لعياله» و من هذا الينبوع الغزير (المحبة) تفيض ألوان من التراحم و التعاطف و تتسلسل نسيمات وجدانية يجد المؤمنون جوارها برد السلامة و العافية.

و الامام الكاظم عليه السلام: أمر أصحابه بالتوادد و التآلف و زيارة بعضهم بعضا لأنها توجب شيوع المودة بينهم، مضافا لما لها من الأجر العظيم عند الله. قال عليه السلام: «من زار أخاه المؤمن لله لا لغيره يطلب به ثواب الله، و كل الله به سبعين ألف ملك من حين يخرج من منزله حتي يعود اليه ينادونه: ألا طبت و طابت لك الجنة، تبوأت من الجنة منزلا..».

و في حديث لرسول الله صلي الله عليه و اله و سلم: «ان من عباد الله لأناسا ما هم بأنبياء و لا شهداء يتغبطهم الأنبياء و الشهداء يوم القيامة، بمكانهم من الله تعالي قالوا: يا رسول الله تحيرنا من هم؟ قال: هم قوم تحابوا بروح الله علي غير أرحام بينهم و لا أموال يتعاطونها، فوالله ان وجوههم لنور، و أنهم لعلي نور، لا يخافون اذا خاف الناس، و لا يحزنون اذا حزن الناس. (ألا ان أولياء الله لا خوف عليهم و لا هم يحزنون) [2] .

و روي الكليني باسناده عن محمد بن سليمان، عن محمد بن محفوظ قال: سمعت أباالحسن عليه السلام يقول: «ليس شي ء أنكي لابليس و جنوده من زيارة الاخوان في الله بعضهم لبعض، قال: و ان المؤمنين يلتقيان فيذكران الله ثم يذكران فضلنا أهل البيت فلا يبقي علي وجه ابليس مضغة لحم الا تخدد حتي أن روحه لتستغيث من شدة ما يجد من الألم فتحس ملائكة السماء و خزان الجنان فيلعنونه حتي لا يبقي ملك مقرب الا لعنه، فيقع خاسئا حسيرا مدحورا» [3] .


پاورقي

[1] سورة طه، الآية: 29.

[2] سورة يونس، الآية: 62.

[3] الكافي، ج 2، ص 188.