بازگشت

محاسبة النفس: الامام الكاظم عالم نفسي


قال الله تعالي: (كفي بنفسك اليوم عليك حسيبا) [1] .

و قال تعالي: (و وضع الكتاب فتري المجرمين مشفقين مما فيه و يقولون يا



[ صفحه 170]



ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة و لا كبيرة الا أحصاها و وجدوا ما عملوا حاضرا و لا يظلم ربك أحدا) [2] .

فعلم أصحاب البصائر أن العليم بالسرائر و المطلع علي الضمائر سيحاسبهم علي كل صغير أو كبير أو جليل أو حقير، و علي مثاقيل الذر من الخطرات و اللحظات و الغفلات، و لا ينجيهم من هذه الأخطار العظيمة و الأهوال الجسيمة الا محاسبة أنفسهم في الدنيا قبل أن يحاسبوا يوم القيامة.

قال الامام الصادق عليه السلام: اذا أراد أحدكم أن لا يسأل ربه شيئا الا أعطاه فلييأس من الناس كلهم، و لا يكون له رجاء الا من عند الله، فاذا علم الله ذلك من قلبه لم يسأله شيئا الا أعطاه، فحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا عليها، فان للقيامة خمسين موقفا كل موقف مقام ألف سنة، ثم تلا عليه السلام: (في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة) [3] .

و معني المحاسبة هو أن يحاسب الانسان نفسه أولا بالفرائض التي هي بمنزلة رأس ماله، فان أداها علي وجهها شكر الله علي هذه النعمة، و ان فوتها من أصلها طالبها بالقضاء. و كما أن التاجر يفتش في حساب الدنيا عن القيراط و الحبة ليحفظ مداخل الزيادة و النقصان، فينبغي عليه أن يتقي غائلة النفس و مكرها لأنها خداعة، فليطالبها أولا بتصحيح الجواب عن جميع ما يتكلم به طوال نهاره و ليتكفل بنفسه من الحساب ما يستولي غيره في صعيد القيامة.

و هكذا عن نظره و سمعه و لسانه، بل عن خواطره و أفكاره و جميع جوارحه حتي عن سكونه و سكوته و أكله و شربه. فاذا عرف مجموع واجبات نفسه و صح عنده قدر ما أدي من الحق، كان ذلك القدر محسوبا له، فيثبته عليها و يكتبه علي صحيفة قلبه.

قال الامام الباقر عليه السلام: لا يغرنك الناس من نفسك، فان الأمر يصل اليك دونهم، و لا تقطع نهارك بكذا و كذا فان معك من يحفظ عليك عملك فأحسن فاني



[ صفحه 171]



لم أر شيئا أحسن دركا و لا أسرع طلبا من حسنة محدثة لذنب قديم.

و قال الامام الصادق عليه السلام: ان رجلا أتي النبي صلي الله عليه و اله و سلم فقال له: يا رسول الله أوصني. فقال له رسول الله صلي الله عليه و اله و سلم: فهل أنت مستوص اذا أنا أوصيتك؟ حتي قال له ذلك ثلاثا و في كلها يقول له الرجل: نعم يا رسول الله. فقال له رسول الله صلي الله عليه و اله و سلم: «فاني أوصيك اذا أنت هممت بأمر فتدبر عاقبته، فان يك رشدا فامضه، و ان يك غيا فانته عنه.

و الامام الكاظم عليه السلام حث أصحابه علي محاسبة أنفسهم و النظر في أعمالهم فان كانت حسنة استزادوا منها، و ان كانت سيئة طلبوا من الله المغفرة و الرضوان. قال عليه السلام:

«ليس منا من لم يحاسب نفسه في كل يوم، فان عمل حسنا استزاد منه، و ان عمل سيئة استغفر الله منها و تاب اليه» [4] .


پاورقي

[1] سورة الاسراء، الآية: 14.

[2] سورة كهف، الآية: 49.

[3] سورة المعارج، الآية 4.

[4] راجع الأخلاق لشبر ص 286 - 285 و حياة الامام موسي بن جعفر للقرشي ج 1، ص 248.